كرتنا تدفع ثمن إهمال قواعدها.. وتصحيح الأخطاء صعب ولكنه ممكن!!
ناصر النجار
أخيراً، عرفت الكرة السورية طعم الفوز بعد خسارات طويلة وعريضة نالتها منتخباتنا للرجال والأولمبي والشباب، ولولا الهدف الهدية من المدافع والحارس الإماراتي ما كان لنا أن نتذوق طعم الفوز في بطولة غرب آسيا للشباب، وللأسف نقول: إن منتخبنا لم يستطع التسجيل في مبارياته الثلاث على منتخبات متفاوتة المستوى، ولولا الخطأ المرتكب من المنتخب الإماراتي على طريقة الطرائف الكروية لما ورد اسم منتخبنا بقائمة المسجلين أو الفائزين.
منتخبنا في هذه المشاركة الرسمية خسر مع لبنان بهدف، ومع الأردن بهدفين، واكتفى بفوز هدية على الإمارات بهدف صديق، وخرج من البطولة بخفي حنين بعد مشاركة تعتبر الأسوأ لشبابنا، وقد أتم انكسار كرتنا التي ما أفلحت عبر رجالها، ولا رديفهم المنتخب الأولمبي في كل النشاطات التي شاركوا بها.
وإذا كنا نعتبر أن الشباب هم أمل كرة القدم، فإننا نقول: للأسف لا أمل لكرتنا أمام ما حدث ويحدث، والصيحات تعالت حول تشكيلة المنتخب المدعم بأربعة لاعبين محترفين، واتهمت القائمين على المنتخب بأنهم لم يختاروا اللاعب المناسب، وهناك لاعبون أفضل منهم لم يرهم الجهاز الفني، وآخرون اعتبروا أن المدرب غير كفء لهذه المهمة، وهناك من هو أجدر منه.
الحقيقة أن سبب تراجع شبابنا ليست له علاقة بالمدرب ولا بالتشكيلة، والسبب الأهم في مثل هذا المستوى الذي قدمه منتخبنا أن قاعدتنا الكروية ضعيفة جداً، وأن كرتنا تدفع ضريبة الإهمال لقواعدها ثمناً باهظاً، وبنظرة إلى دوري الشباب الذي خرج من رحمه هذا المنتخب نجد العجب العجاب، فاهتمام الأندية بفرقها الواعدة كان صفراً، وشاركت في البطولة الموسم الماضي على الأقل من باب تأدية الواجب، لذلك لم نجد المنافس لبطل الدوري الاتحاد، وقد فاز باللقب دون أن يهزمه أي فريق من الفرق الأربعة عشر بمرحلتي الذهاب والإياب، وإذا افترضنا أن نادي الاتحاد يعتني بشبابه فهذا لا يكفي لنضوج هذا الدوري وهذه الفئة لأن يداً واحدة لا تصفق.
مواهب كرة القدم مدفونة بالأندية لأنها لا تلقى الرعاية المطلوبة، وكنا نسمع عن منافسة على صعيد القواعد بين عدة أندية كالكرامة والوحدة وتشرين وحطين والحرية وغيرها، لكننا لم نعد نسمع عن هذه المنافسة شيئاً، والفريق الذي يتقدم على سلم الترتيب في الدوري هو بفضل مدربيه المحليين، وما يملك هذا المدرب من لاعبين موهوبين بالفطرة.
الأندية لا تقدم الإمكانيات المطلوبة لتطوير مواهبها، وكل اهتمامها انصب على فرق الرجال لتصنع منهم قوالب بطولة مسبقة الصنع، والدليل أن كل فرقنا الكبيرة متعاقدة مع عشرة لاعبين أو أكثر من خارج أسوارها، لأنها لا تثق بعملها، فلم تنتج لنا لاعبين قادرين على ملء فراغ فرق الرجال، وتحولت الفرق القاعدية إلى تجارة هدفها الربح وليس البناء الرياضي، فنسمع دائماً عن المدارس الكروية الصيفية والشتوية، وعن الأكاديميات، ولكننا لا نسمع عن نتاج حقيقي وفعلي لها، رغم أن بعض هذه المدارس والأكاديميات مرت على تأسيسه أكثر من عشر سنوات، ومن المفترض أن يكون أشبالها وصلوا إلى مرحلة النضج إن كان إعدادهم صحيحاً!.. الحلول كثيرة، ولكن تقف بوجهها منظومة كرة القدم التي تسبح عكس التيار، ولابد من التصحيح قبل فوات الأوان، ولن نلمس الضوء قبل أن نغيّر هذه المنظومة البالية التي قضت على كل بارقة أمل بكرة القدم.