باتروشيف: روسيا تتابع تحرّكات “ناتو” وأوكرانيا على حدودها
تستمر الولايات المتحدة في إثارة المخاوف من قيام روسيا بحشد قواتها على حدود أوكرانيا، وذلك في إطار سياسة ممنهجة لزيادة الحضور العسكري لـ”ناتو” ومعدّاته الثقيلة بالقرب من حدودها الغربية، وذلك بالتوازي مع حشد عسكري لدول “ناتو” على حدود بيلاروس الحليف المتبقي لروسيا في المنطقة، الأمر الذي يعزّز فرضية سعي “ناتو” لمحاصرة روسيا، أو تبرير فرض عقوبات إضافية عليها تحت عنوان “التصدّي للخطر الروسي”.
وفي هذا السياق، أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، أن روسيا ستتابع مراقبة تحرّكات ناتو وأوكرانيا على حدودها، وذكر أن موسكو أبلغت واشنطن بأنها لا تتبع أي خطط عدوانية تجاه كييف.
وقال باتروشيف، في حديث لجريدة “روسيسكايا غازيتا” نشر اليوم الثلاثاء: “خطاب الإعلام الغربي ومسؤولين رفيعي المستوى في الولايات المتحدة حول اتباع روسيا خططاً عدوانية لا يستند إلى أي أساس. الاتحاد الروسي لم يبدِ أبداً عدوانية تجاه أي دولة ولاسيما أوكرانيا، التي يقطنها شعب مقرّب لنا من حيث الدم واللغة والتاريخ”.
وشدّد باتروشيف على أنه “لا تجري أي عمليات انتقال غير مبرّرة للقوات الروسية أو تدريبات غير مخطط لها بالقرب من الحدود مع أوكرانيا”.
وتابع: “نفى في حينه مسؤولون أوكرانيون، بينهم سكرتير مجلس الأمن والدفاع القوميين، أليكسي دانيلوف، صحة تقارير الصحف الأمريكية حول جرّ روسيا قوات مسلحة إلى الحدود. لكنهم التزموا لاحقاً، على ما يبدو بعد تلقي تعليمات مناسبة، بموقف مختلف تماماً يسهم في زيادة كييف إنفاقها العسكري”.
وأضاف: إن هذه الادعاءات تستخدم كتبرير “لتصعيد التوتر في شرق البلاد، وتنفيذ عمليات استهداف دورية خرقاً لاتفاقات مينسك لأراضي سيطرة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، بما في ذلك بواسطة طائرات مسيرة ضاربة ومدفعية وأنواع أخرى من الأسلحة الثقيلة”.
وأوضح باتروشيف أن “الولايات المتحدة تقوم مع حلفائها، من خلال تأجيج الأوضاع المتعلقة بالتهديد الروسي المزعوم، بخلق أجواء إعلامية مفيدة لهم لتعزيز مجموعة قواتهم العسكرية وزيادة الأنشطة الاستطلاعية، وكذلك توريد الأسلحة الحديثة والذخائر والموارد المادية للقوات الأوكرانية والتشكيلات القومية”.
وأشار إلى أن “موسكو أبلغت واشنطن بالمعلومات حول هذا الأمر وحول غياب أي خطط عدوانية لدى روسيا تجاه أوكرانيا”.
وتابع: “على الرغم من الدعوات إلى الطرف الأمريكي لوقف نشر المعلومات المضللة سواء في وسائل الإعلام أم خلال الاتصالات مع الشركاء الأوروبيين، لم تأتِ أي تغييرات. من غير الواضح حالياً ما هو الغرض من نشر هذه المعلومات المضللة، لكن من الممكن أنه يهدف إلى تبرير فرض عقوبات إضافية بحق روسيا”.
وشدّد باتروشيف: “أما الأنشطة العسكرية المكثفة للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، فإننا سنواصل مراقبة تحرّكات قوات ناتو وأوكرانيا قرب حدودنا عن كثب”.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة أحاطت روسيا بقواعد عسكرية وبدأت بإثارة وتضخيم المخاوف على حدودها.
وقال لافروف في ندوة بعنوان “الحوار من أجل المستقبل” اليوم: إن “قيام الولايات المتحدة بإحاطتنا بقواعدها العسكرية من جميع الجهات حقائق يعرفها أي شخص، ومع ذلك فإن هذه الهستيريا على الحدود الروسية تثار باستمرار من قبلها”.
وتأتي تصريحات لافروف في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون شنّ حملة إعلامية مكثفة حول مزاعم بتهديد روسيا لأوكرانيا ودول أخرى.
وفي سياق متصل قال جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية في بيان اليوم: إن “الأمريكيين والبريطانيين يقومون بتأجيج الصراع بشكل مصطنع من أجل محاولة إبراز روسيا مسؤولة عن جميع المشكلات التي تتزايد على الحدود الأوكرانية”.
وأوضح البيان أن “السلك الدبلوماسي لدول الاتحاد الأوروبي في حالة ارتباك، فهم يدركون أن الأمريكيين والبريطانيين يقومون بتأجيج الصراع بشكل مصطنع من أجل تقديم روسيا على أنها المتسبب بجميع المشكلات، ولكنهم لا يرون احتمالات تحويل أوكرانيا إلى شريك متحضر يمكن التنبّؤ بسياسته وتصرّفاته”.
وجدّد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمترى بيسكوف أمس الأول التأكيد أنه ليس لدى بلاده نية في مهاجمة أوكرانيا أو أي طرف آخر، وأن الهيستيريا التي يؤججها الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لا أساس لها، بينما أكدت روسيا مراراً أنها لم تخطط أبداً لأي تدخل عسكري في الأراضي الأوكرانية، وأن التصريحات حول “العدوان الروسي” يجري استخدامها ذريعة لنشر المزيد من معدات ناتو العسكرية بالقرب من الحدود الروسية.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن حلف الناتو يعرض قدرة روسيا على الدفاع عن نفسها للامتحان بإرسال سفنه وطائراته الحربية إلى الحدود الروسية.
وأشارت الوزارة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء إلى أن روسيا تجد نفسها مضطرة للرد على تحركات الناتو بالقرب من حدودها “بشكل متناسب ومتزن ومعتدل”.
وأكد البيان الصادر ردا على نشر الناتو مادة إعلامية تحت عنوان “أساطير عن العلاقات بين الحلف وروسيا”، أن الخطوات التي تتخذها موسكو ردا على أنشطة الناتو محض دفاعية. وتابع: “في الفترة الأخيرة نشاهد تعزيزا جسيما لوجود الناتو العسكري في منطقة البحر الأسود، ومما يدل على ذلك زيادة زيارات سفن حربية حاملة للصواريخ، وطلعات طائرات استراتيجية أمريكية، وإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق، بما في ذلك تدريبات غير مخطط لها مسبقا”.
واستطردت الخارجية قائلة إن وسائل المراقبة الوطنية ترصد أسبوعيا تحليق أكثر من 50 طائرة استطلاع وطائرة مسيرة على طول حدود روسيا.
وشددت الخارجية على بطلان المزاعم بشأن تضخيم “الوجود العسكري الروسي في أوكرانيا”- والمقصود به نشاط روسيا العسكري في شبه جزيرة القرم – لأن هذه المنطقة تعد جزءا لا يتجزأ من روسيا ووجود قواتها المسلحة هناك مشروع تماما.
وأشار البيان إلى أن الدفاع الجماعي للناتو متمركز كليا في الوقت الحالي على “جناحه الشرقي”، متابعا: “يبدو وكأن الحلف لا يعرف مشكلات أخرى، وكأن الإرهاب والتهديدات الأمنية الآتية من مناطق أخرى أقل أهمية من الخطر الروسي المزعوم”.
ولفت البيان إلى أن توسع الحلف الجغرافي يصاحبه نشر البنية التحتية العسكرية المستخدمة، وذلك لدعم “الخطاب المحارب” للناتو، لكن قد يكون ممكنا استخدامها أيضا لتسهيل نقل آليات عسكرية ثقيلة وأفراد الجيوش التابعة لدول الحلف إلى حدود روسيا.
وذكرت الوزارة أن الحلف يتهم روسيا بتفعيل أنشطتها العسكرية في مناطق التماس مع الناتو، متناسيا أن “توسع الناتو هو الذي أدى إلى ظهور هذه المناطق”.
ووصف البيان المزاعم بأن وجود الناتو يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي بالوهمية، مشيرا إلى التبعات السلبية والمدمرة لتدخلات الحلف في يوغوسلافيا وليبيا، إضافة إلى فشل قوات الناتو في أفغانستان بعد 20 عاما من وجودها هناك.
وفي شأن آخر مرتبط أيضاً بالعلاقات الروسية الأمريكية، أكد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف أن الولايات المتحدة تشوّه بشكل متعمّد الحقائق المتعلقة بمطالبتها الدبلوماسيين الروس بمغادرة البلاد، لافتاً إلى أن الأمر يتعلق بـ”طرد هؤلاء الدبلوماسيين وليس انتهاء مدة إقامتهم”.
ونقلت وكالة نوفوستي عن أنطونوف قوله: إن “وزارة الخارجية الأمريكية تعتمد مرة أخرى المكر في تعاملها مع روسيا، فالجانب الأمريكي يحاول تضليل المجتمع المحلي والعالمي عن طريق تشويه الحقائق عمداً”.
وأوضح أنطونوف أن الخارجية الأمريكية كانت قد حدّدت من جانب واحد في كانون الأول الماضي مدة إقامة موظفي السفارة الروسية في واشنطن والقنصليات العامة في نيويورك وهيوستن بثلاث سنوات فقط، وهو ما يعني أن يتم طرد هؤلاء الدبلوماسيين عند انقضاء هذه المدة.
وكان أنطونوف أشار في وقت سابق إلى أنه بناء على طلب الخارجية الأمريكية سيتعيّن على 27 موظفاً دبلوماسياً روسياً حدّدت مدة إقامتهم بشكل مؤقت مغادرة الولايات المتحدة في الـ30 من كانون الثاني المقبل، بينما زعمت الخارجية الأمريكية أن مغادرة هذه المجموعة من الدبلوماسيين الروس مرتبطة بانقضاء فترة السماح بوجودهم في أراضي البلاد “وليست طرداً”.