شعبية بايدن.. تراجع وانهيار يرجّح عودة ترامب
د. معن منيف سليمان
يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن تراجعاً كبيراً في شعبيته داخل البلاد، على خلفية تعامل إدارته مع ملفات عدة أدت إلى صعوبات سياسية واقتصادية داخلية جدية للغاية، أبرزها: انقسام حزبه، والانسحاب من أفغانستان، وكورونا، وإعصار “ايدا”، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن شعبية الرئيس بايدن في تراجع وانهيار بلغ غايته القصوى، ما ولّد شعوراً متزايداً بأن بايدن رئيس متهالك وغير كفء، الأمر الذي يثير قلق الديمقراطيين من احتمال انتخاب دونالد ترامب عام 2024 كمرشّح عن الجمهوريين.
إن أول ما واجهته إدارة بايدن هو الإخفاق في سياسة الهجرة، والمسألة الثانية هي أن الأمل في انتعاش اقتصادي سريع لم يتحقق، وثمة جانب آخر مهم هو تزامن ذلك كله مع أزمة الطاقة التي كان سبباً رئيساً في ذلك، حيث ركزت إدارة بايدن بشكل كبير على تطوير التقنيات “الخضراء”، كما بلغت الأزمة السياسية الداخلية- بعد الانسحاب من أفغانستان- درجة خطيرة فقد فيها بايدن السيطرة على الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي، وانقسم الحزب في مجلسي النواب والشيوخ إلى فصيلين، أو ثلاث كتل متحاربة، حتى بين الديمقراطيين كان الانطباع أن بايدن فقد السيطرة على حزبه.
وهناك قضايا أخرى أدت إلى هذا التراجع، فقد تعهد بايدن في بداية رئاسته بالسيطرة على حالات الإصابة بكورونا، وإعادة الإحساس بالحياة الطبيعية للأمريكيين، وتعزيز الاقتصاد الذي تضرر بشدة من الوباء، لكن ارتفاع أعداد الإصابات بسبب متحور “دلتا” مثّل ضربة قوية أخرى للرئيس، إضافة إلى تأثيرات وخسائر إعصار “ايدا” الذي ضرب ولايات الجنوب والجنوب الشرقي للولايات المتحدة.
وفي ظل ارتفاع أعداد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا في أنحاء البلاد، وبينما أيد معظم الأمريكيين إجراءات التطعيم ووضع الكمامات التي أمر بها بايدن في الآونة الأخيرة لإبطاء تفشي سلالة “دلتا” من كورونا، إلا أن بعض الجمهوريين انتقدوا ما عدّوه رد فعل مبالغاً به من جانب البيت الأبيض.
كذلك، يثير ارتفاع الأسعار وتباطؤ نمو الوظائف مخاوف اقتصادية في الرأي العام الأمريكي، حيث شهد بايدن أيضاً انخفاضاً في استطلاعات الرأي حول أدائه في الاقتصاد من 52 بالمئة إلى 41 بالمئة بعد تقرير البطالة الكئيب الذي صدر حديثاً.
كان الانسحاب من أفغانستان أكبر إخفاق، ولاتزال عواقبه محسوسة، حيث أصبح الانسحاب المخزي من أفغانستان رمزاً لإخفاق سياسة بايدن الخارجية على جميع الجبهات، ليس فقط الطبقة الحاكمة، وإنما شرائح واسعة من الأمريكيين ينظرون إلى هذه الهزيمة بشكل مؤلم، وتصاعدت الانتقادات من الحزبين بسبب تعامل الإدارة مع الانسحاب الأمريكي المضطرب والإجلاء من أفغانستان، وسياسة الهجرة غير النظامية التي باءت بالإخفاق، حتى بات هناك شعور متزايد بأن بايدن رئيس متهالك وغير كفء.
ومع وجود مخاوف جدية من أن تنظيمي “داعش” أو “القاعدة” الإرهابيين قد يستخدمان أفغانستان منصة لشن هجمات إرهابية على الولايات المتحدة أو القوات الأمريكية في الخارج، قال 44 بالمئة: إن الانسحاب الأمريكي جعل الولايات المتحدة أقل أماناً من الإرهاب، ورأى 8 بالمئة فقط أن الولايات المتحدة أكثر أماناً نتيجة الخروج من أفغانستان.
وأظهر استطلاع جديد للرأي تراجع شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن وسط انتقادات كبيرة لسياسته الاقتصادية، وبحسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية و”آي بي سي نيوز”، يوم الاثنين 15 تشرين الثاني الماضي، أبدى 41 بالمئة فقط من الأمريكيين موافقتهم على أداء بايدن، بانخفاض 11 نقطة منذ الربيع الماضي، ووجد الاستطلاع أن 80 بالمئة من الديمقراطيين يؤيدون زعيم حزبهم، مقارنة بـ 94 بالمئة كانوا يؤيدونه في حزيران الماضي، ووافق 4 من كل 10 ديمقراطيين بقوة على سياسة بايدن في الاستطلاع الجديد، بانخفاض من نحو 7 من كل 10 فعلوا ذلك في حزيران.
يأتي هذا الانخفاض وسط انتقادات كبيرة لتعامله مع الاقتصاد الأمريكي، حيث وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 30 عاماً، في تشرين الأول الماضي.
وأجري الاستطلاع الذي شمل 1001 مواطن أمريكي، من بينهم 882 ناخباً مسجلاً، في المدة من 7 – 10 تشرين الثاني الماضي، عبر الهواتف الأرضية والمحمولة، وقال ما يقرب من 70 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع إن الاقتصاد في حالة سيئة، بما في ذلك 38 بالمئة وصفوا الدولة بأنها “فقيرة”.
ونتيجة هذا الإخفاق على الصعيدين الداخلي والخارجي الذي أدى إلى تراجع وانهيار شعبية بايدن الذي بلغ من العمر 79 عاماً، بات احتمال انتخاب دونالد ترامب عام 2024 كمرشّح عن الجمهوريين أمراً محسوماً، خاصة بعد تصريحه في أيلول الفائت أمام مناصريه في ولاية جورجيا بأنه في “تشرين الثاني 2024 سيتجلّى نصر مجيد”، وفُهم من كلام ترامب أنه عازم بالفعل على الترشّح مرة أخرى لانتخابات 2024 القادمة، ما أثار قلق الديمقراطيين، وإدارة بايدن على وجه التحديد.
ويبقى القول: إن استطلاعاً للرأي أجرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، نشر في أيلول الماضي، كشف أن غالبية الجمهوريين يؤيدون قيادة ترامب لحزبهم بنسبة 68 بالمئة، وهناك 70 بالمئة منهم يعتقدون أن هناك مخالفات حصلت في انتخابات 2020، وأن بايدن خسر الانتخابات، ما يرجّح عودة ترامب إلى سيادة البيت الأبيض بعد الانتخابات المقبلة.