على وقع نقص مدرسي الاختصاص.. “المحسوبيات” تخترق الشروط الناظمة للتحويل إلى الأعمال الإدارية
مع تأكيدات وزارة التربية، وقناعة الجميع بتسييس تقرير “دافوس” المتعلق بتقييم جودة التعليم، ومنع سورية من المشاركة، لكن هذا التقييم البعيد عن الأسس التربوية والأخلاقية لا ينفي أن واقعنا التربوي ليس كما يرام، ولاسيما لجهة نقص الكادر التعليمي، الناجم عن رغبة كثير من المدرسين التحول إلى العمل الإداري.. إذ يلحظ المتابع لقرارات الوزارة وشروطها الناظمة لتحويل المدرّسين إلى أعمال إدارية، دخول المحسوبيات على خط اختراق هذه القرارات وشروطها وإفراغها من محتواها.. والنتيجة تحويل أصحاب الاختصاصات المهمة كالرياضيات واللغات والعلوم وغيرها إلى أعمال إدارية، دون أدنى مبالاة بما تعانيه المدارس من نقص بهذه الاختصاصات..!.
في متابعة “البعث” للكثير من المدارس في بعض المديريات، خاصة دمشق وريف دمشق، هناك مدارس تبحث كما يقال “بالسراج والفتيلة” عن مدرّس اختصاص لسد الشواغر في الصفوف، وفي الوقت ذاته مدرّسة رياضيات أو عربي أو فرنسي أو انكليزي تتربع على كرسي إداري: معاونة المدير أو أمين السر أو أمين المكتبة أو الموجّه، وكأن الأمر لا يعني الموجّهين الاختصاصيين المسؤولين عن فرز وسد الشواغر في المدارس!.
ما يجري مؤخراً مع تثبيت ١٥ ألفاً من الوكلاء، وجد من نتحدث عنهم ضالتهم بزج الوكيل في الصف، وتفريغ الاختصاص حسب مزاجه ومصلحته، إذ لم يتردد بعض المدرّسين في اتهام مفاصل تربوية تتحكم بعملية النقل والتفريغ مقابل منافع شخصية، مؤكدين أن الأمر أصبح على المكشوف: “كل شيء بثمنه” .
وبعد أن استبشر مديرو المدارس بالمسابقات التي جرت مؤخراً، وتعيين حملة الشهادة الجامعية من كافة الاختصاصات لسد الشواغر، لم يلمسوا هذا الانفراج على الواقع، خاصة أنهم يبحثون عن وكلاء من خارج الملاك من أجل تدريس ساعات لمواد اختصاصية من خلال طلاب الجامعة .
يؤكد موجّه تربوي في ريف دمشق فضّل عدم ذكر اسمه أن غياب التوزيع الصحيح للمدرّسين الناجحين، إضافة إلى الخروقات والتجاوزات في التحويل إلى أعمال إدارية نتيجة علاقات ومصالح، سبب خللاً في سير العملية التربوية، ودفع الأهالي للجوء إلى المدارس والمعاهد الخاصة خوفاً على مستقبل أبنائهم .
وكشف أحد مديري المجمعات التربوية عن تدخلات من مديرية التربية، وأحياناً من الوزارة، في التحويل إلى أعمال إدارية لمدرّسين من أصحاب الاختصاص ولا يمكن الاستغناء عنهم، إلا أن القرار يأتي جاهزاً من دون أخذ رأي المجمع .
ومع تشدد وزارة التربية بناء على ما جرى في تربية حلب بتحويل مدرّسين إلى أنشطة لاصفية ومشرفين صحيين بشكل يخالف التعليمات، وتفريغ الصفوف من المدرّسين، وجّهت الوزارة جميع المديريات بإسناد جميع الإداريين بحصص درسية في حال اقتضت الحاجة، وفي حال عدم قبول القرار من الإداري ينهى عمله ويعود إلى الصف كمدرّس فقط .
وطالب مديرو مدارس بالتشديد على الحالات المحددة بالشروط الصحية، علماً أن هناك إعادة تقييم مرة ثانية لمن كلّف بالعمل الإداري لأسباب صحية ومضى على تكليفه خمس سنوات، وذلك بعد استعانة اللجان المكلّفة بذلك برأي الأطباء الاختصاصيين، ودراسة حالات المرضى المحالين، ورأي المشافي التابعة لوزارتي الصحة والتعليم العالي بدمشق، أو أية جهة تراها اللجنة مناسبة، على أن تحال الطلبات المقبولة إلى مديريات التربية، وتوضع تحت تصرف مدير التربية لإيجاد المكان المناسب لمن تنطبق عليهم شروط وأسس التحويل إلى عمل إداري.
شروط صحية
مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية الدكتورة هتون المواشي بيّنت أن تحويل المعلمين والمعلمات إلى عمل إداري يخضع لشروط يجب أن تتوافر في المعلم أو المعلمة ليتم تحويلهم إلى عمل إداري حسب أوضاعهم الصحية، موضحة أنه يتم تحويلهم إلى مديرية الصحة المدرسية “اللجنة الطبية المركزية بدمشق” من خلال اللجان الطبية الفرعية في مديريات التربية، وقد حددت الأمراض التالية لتحويل المعلمين والمعلمات إلى عمل إداري: الأورام والأمراض العضال، اعتلال عضلة القلب، ضعف البصر الشديد أو العمى، ضعف السمع الشديد أكثر من 60% بالأذنين أو الصمم التام بإحداهن، أمراض الحنجرة المزمنة، التشوّهات الواضحة، الأمراض النفسية الشديدة، والتي تحت العلاج منذ أكثر من عام، إضافة إلى الاعتماد بشكل رئيسي على الفحص السريري من قبل أطباء اللجنة المركزية للمتقدمين إلى العمل الإداري.
واشترطت وزارة التربية أن يكون مضى على تعيين من يرغبون بالتحويل إلى عمل إداري 10 سنوات خدمة فعلية، ويستثنى من شرط مدة الخدمة المصابون بالأمراض العضال فقط، ويجب إرفاق الوثائق التي تثبت المرض من: “تقارير طبية مصدقة- فحوص مخبرية- شعاعية- الايكو- التخطيط والمرنان” عند المثول أمام اللجنة الفرعية والمركزية.
الحد من الإداريين
ومع هذه الشروط وتشديد الوزارة عليها من خلال توجيه مديريات التربية في المحافظات بالتقيد وفق الشروط، أوضح مدير التوجيه في وزارة التربية المثنى خضور أن هناك معايير وشروطاً للتكليف بالعمل الإداري، من أبرزها: ألا يؤثر تكليف المدرّس بالعمل الإداري على سير العملية التدريسية وعلى مصلحة الطلاب، ويشترط في حال توفر الشاغر أن يتوفر البديل من داخل الملاك، مشدداً على عدم تكليف المدرّس بعمل إداري إلا إذا كانت هناك وفرة بالمدرّسين في منطقته، وغالباً يكون حاصلاً على موافقة وزارية للإحالة إلى عمل إداري نتيجة وضع صحي بعد عرضه على اللجان الطبية المتخصصة .
ولفت خضور إلى أن الوزارة تعطي بشكل عام توجيهات بالتخفيف قدر الإمكان من تكليف التخصصات العلمية بأعمال إدارية إلا عند الضرورة القصوى إلا ممن هم كبار في العمر، أو لديهم أمراض، مشيراً إلى أنه بالنسبة لأمناء المخابر في المرحلة الثانوية يشترط النظام الداخلي أن يكون من تخصصات الفيزياء أو الكيمياء أو العلوم، لذلك يتم تكليف من لديهم أمراض أو من الكبار في السن فوق خمسين عاماً، علماً أنه في بعض الحالات تجد مدرّس رياضيات لديه شخصية قيادية، وهناك مدرسة تحتاجه ليكون مديراً.
علي حسون