بعث في رماد الصناعة
علي بلال قاسم
بعد مسير تشريعي مضن، تحاول أقطاب الحكومة إثبات امتلاء يدها من توطين البنية القانونية الاستثمارية المساعدة على الاستقطاب المنشود على أرضية إصدار قانون الاستثمار الجديد التي ترى وزارة الاقتصاد بأنها صلبة ومضمونة الوسائل والغايات، حيث حرصت مؤخراً على التسويق والترويج للكثير من المزايا والتسهيلات للشركات المستثمرة الوطنية والأجنبية، ليسارع أحد “سواميك” الصداقة والشراكة الاستراتيجية إلى فهم الرسالة والتقاط حتمية الدور، وهنا كان الاندفاع المحوري الإيراني باتجاه رسم خريطة الرغبات الاستثمارية في قطاعات الجغرافية الاقتصادية السورية، والصناعة في طليعتها التنموية من موقع التميز الصناعي والتكنولوجي الإيراني لجهة التقنية والتطور التكنولوجي، الذي يمكن توظيفه في ميادين خطوط الانتاج والتصنيع الذي تتعطش له عوامل الترويض والانعاش الاقتصادي المطلوب في زمن الحصار وعودة إقلاع عجلة النمو ولو من تحت الرماد.
ليس عبثياً أن يأتي الحراك الاستثماري الإيراني على منصة الاستثمار في الميدان الصناعي في توقيت أتى بُعِيدَ الاشتغال على مشاريع صكوك تشريعية لحل الشركات المدمرة كلياً والمتوقفة عن العمل ولا تحقق الريعية الاقتصادية والجدوى المطلوبة منها، عبر لجنة تقوم بإعداد مشاريع الصكوك، حيث قدَّر مصدر في وزارة الصناعة عدد الشركات التي تنتظر صدور تشريعات بحلها بـ 30 شركة في مختلف المحافظات، يضاف إليها 10 شركات متوقفة عن الإنتاج قبل اندلاع الحرب، علماً أن العدد الكلي لشركات القطاع العام الصناعي 118 شركة، وكل ذلك في إطار إجراءات إصلاح القطاع العام الصناعي، إذ يقابل حل بعض الشركات، العمل على إعادة إقلاع شركات أخرى، وفق الإمكانات المتاحة كما يقول عرابو التوجه.
إذن كل المؤشرات توحي بأن الرادار “الصديق” التقط الإشارة، فجاء المعرض الصناعي الإيراني الثاني كبوابة عريضة لإعلان وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني أن الشركات الإيرانية مستعدة لتقديم المساعدة في إعادة إقلاع المعامل المتوقفة وإقامة صناعات مشتركة، كجزء من مشروع تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين والبحث في إمكانيات دعمها لإعادة الألق للصناعة السورية واستعادة مكانتها التي فقدتها نتيجة الحرب الإرهابية ولا سيما صناعة النسيج.
من زمن راحت فيه مكنة الشراكة بين البلدين تبني الآمال على إيجاد فرص استثمار جديدة في سورية، وتطوير العمل المشترك، في ظل استعداد الشركات في كافة المجالات لطرح استثماراتها في العديد من القطاعات، ليست الصناعة وحيدة فيها، فمنذ فترة أعلنت وزارة الأشغال العامة والاسكان أن إيران تعتزم بناء 30 ألف وحدة سكنية في عدة محافظات، بالتزامن مع تجهيز ملفات 26 منطقة تطوير عقاري.
قصارى القول: يسجل تاريخ الشركات الصناعية العامة المترهلة والعاجزة والميؤوس منها ترحيلاً وتأجيلاً متلاحقاً منذ عقود ما قبل الحرب، حيث اتخم الأرشيف بالمشاريع والخطط والبرامج والتوجهات وكلها ماتت سريرياً دون قرار حاسم، لتأتي الحرب وما بعدها من مفرزات لتطلق رصاصة الرحمة النهائية، إيذاناً بولادة شراكات وبعث استثمارات جديدة إنقاذية مأمولة على أنقاض عشرات المنشآت الحكومية التي أكل آلاتها الصدأ وأجهزت آلة الحرب على مبانيها.!؟