التشكيلي محمد ديوب في معرض “ما قبل”
بعد معرضه “رجوع” في العام ما قبل الماضي يعود الفنان محمد يوسف ديوب إلى مدينته حمص مرة أخرى وإلى صالة اتحاد الفنانين التشكيليين “صبحي شعيب” في المعرض الجديد الذي يضع له عنوان “ما قبل” ليضع المتلقي أمام رمزية العنوان ودلالاته التي يضمنها في أكثر من لوحة، حيث يستلهم من التاريخ أفكاراً يعبر من خلالها عن موقف ما من الحاضر، وإن كانت اللوحة لديه تتطلب قارئا متمكنا قادرا على سبر أغوارها واستخراج مضامينها الفكرية والانفعالية.
هناك حالة من التماهي داخل اللوحة يعبر عنها توزع اللون بما يحمله من دلالة ورمزية تشي بموقف خفي إلى حد ما، من حوادث الحاضر، وخلفيتها التاريخية المشوهة، لاسيما في لوحة المقاتل العربي القادم من عمق التاريخ الإسلامي، حيث الحصان الأبيض كناية عن البراءة والنقاء، والفارس يرتدي رداء أحمر وخلفية اللوحة الأخضر والأزرق المتلبد في السماء، وهنا على المشاهد إعادة كل لون إلى أصله التعبيري، لاسيما الأحمر، وفي لوحة جنود يحملون الرماح يقودهم قائدة بملامح ضبابية وسوداوية.
في المعرض الذي يضم أكثر من ثلاثين لوحة هناك الكثير من المقولات التي تربط بين الماضي والحاضر، ليقول لنا “هكذا كنا ما قبل”.
محمد ديوب لا يتعدى في معرضه الحالي ما انتهجه في معظم أعماله من بحث وتجريب وتجديد سواء بالأفكار أو التقنيات المختلفة التي يغلب عليها الأسلوب العفوي البعيد عن التكلف والتنميط، حيث يدع انفعاله الحر يقوده إلى حيث التشكيل الجمالي، عندما يخرج حالات اللاشعور من مكنوناتها الى عمق التكوين في اللوحة.
موضوعات ديوب تتوزع بين الوجوه والبيوت التي يضيف إليها تأثيرات ومفردات فنية خاصة كأن يجعل للبيت أعضاء حسية من فم ينطق وعيون ترى وآذان تسمع، فهي شاهدة على تاريخ وحوادث جنى فيها الإنسان على ذاته وعليها.
يستخدم ديوب الألوان المائية والترابية على القماش مع تقنية إعادة تدوير وتوظيف فني لعناصر مختلفة ضمن اللوحة لاسيما القصصات الكرتونية والورقية الملونة. فهو يشتغل ضمن فكرة الفن للفن بالدرجة الأولى، والبساطة البعيدة عن الواقعية التسجيلية.
هذا المعرض الخامس عشر الفردي الذي يسجل في مسيرته الطويلة التي قادته إلى نشاطات فنية مهمة وغنية كان أبرزها معارضه الفردية العديدة التي أقامها في الإمارات العربية المتحدة والتي منحه اتحاد الكتاب والأدباء فيها جائزة أفضل عمل فني.
آصف ابراهيم