50 حارساً فقط لـ “177” حديقة مفتوحة.. والتجهيزات تسرق شهرياً
دمشق – علي بلال قاسم
50 حارساً فقط، والمطلوب أن يوزعوا “ولو بشق الأنفس” على 177 حديقة مفتوحة و756 حرشاً و140 ملجأً على مساحة دمشق، في الوقت الذي بات الحديث عن عمليات السرقة والتخريب التي تطال مواقع الخدمة العامة مكرراً عند مديرية تبحث “بالسراج والفتيلة” وعلى مدار الساعة عن طريقة لتغطية العجز البشري ولو كان بأسلوب التدوير والحيلة التي قد تعتمد على النقاط القريبة ودوريات الشرطة، مع الاتكاء على مخصصات وضرورات حماية مساحات المشاتل والتي تحتاج 3-6 حراس على مدار الساعة.
بهذا الحال يمكن القول أنه كتب على مديرية الحدائق في محافظة دمشق أن تقع في عوز النقص في الكادر البشري الذي بات على قلته “كهلاً” بالقياس إلى طبيعة العمل العضلية التي تقتضيها يوميات الصيانة والتخديم المجهدة، وبالتالي يصبح التصريح عن تعرض أغلب المواقع “حدائق – عقد – مسطحات خضراء” للسرقة بشكل شهري، موجعاً بالنسبة للمهندس سومر فرفور مدير الحدائق في المحافظة الذي أفاد بأن هناك مواقع تسرق شهرياً، كحال عقدة رئاسة مجلس الوزراء، وآخر ما حرر من سرقات لكوابل وحنفيات وتجهيزات وحمامات ومناهل كانت في عقدة المواساة، وما تشهده حدائق القصور وزكي الأرسوزي من سرقة وأذى يومي، كله يزيد أعباء وهواجس الصيانة وإعادة التأهيل من جديد بتكاليف تشكل عنصراً ضاغطاً على الإمكانيات.
مدير الحدائق وفي معرض توضيحاته “الشفافة” حول آليات إدارة الحدائق والساحات العامة والمنصفات، لم يخف عبر “البعث” ذاك التحدي المتمثل بالتعديات والإشغالات من قبل الباعة وأصحاب الكراسي والطاولات التي يحول شاغليها المخالفون أجزاء من الحدائق لمقاهي وكافتريات ومقاصف، وهنا لأزمة العنصر البشري مسببات في عدم حراسة وتغطية مواقع المدينة كاملة، معتبراً أن عناصر المديرية “ليسوا عسكراً” يعاقبون الشاغلين، بل صلاحياتهم تكتفي بالمصادرة وتسجيل الضبوط، وهذه لا تمنع من العودة للوضع نفسه في اليوم التالي، رغم أن – محور الحديث – لم يخرج كثيراً عن اعتبارات “الأذى وقطع الأرزاق” التي توقع العمل في زنقة الإحراجات والمتناقضات في زمن “الضائقات الاقتصادية والمعيشية للناس”.
ومع تعويل فرفور الكبير على التعيين والتوظيف للمئات الذين تحتاجهم المديرية، يبقى الأمل معقود على المسابقات المركزية التي أعلن عنها مؤخراً لتحل المعضلة المزمنة، وبالتالي استقدام شباب لأعمال عضلية ضرورية، ولاسيما المهن من كافة الاختصاصات، حتى بدون خبرة وهذه “اتركوها علينا” نحن نتكفل بها.
وفي ظل كثرة التخريب الذي يتعرض له الحدائق والمساحات الخضراء جراء الاستخدام المجتمعي السلبي، تبقى المسألة مرتبطة بتعاون الرواد في حسن التعامل والالتزام، ولاسيما في توقيت لا يمكن إنكار المعاناة من قلة المحروقات وصعوبة تأمين متطلبات كل الحدائق في توقيت واحد، مؤكداً أن أغلب الأحراش وضعها جيد وهناك زيادة في عدد الأشجار لدرجة تحولت الكثير من الأماكن من جرداء إلى خضراء، بالتوازي مع العمل على ضخ نصف مليون وردة في فصل الصيف وهناك خطة لزراعة 100 ألف شجرة وهذا رقم مهم – من وجهة نظر فرفور- الذي لفت إلى توجه المحافظة لإخراج العديد من المشاريع الجاهزة منذ سنوات للنور والبدء بالتنفيذ، لنكون أمام حدائق على مستوى عال من الحضارة والجمال، وتكون مفتوحة ومكشوفة بدون أسوار عالية أو جدران وأبواب وحواجز تعيق قدوم الرواد ونظر المارة “مشاة وسيارات”، وهذا ما يجعل رئات المدينة أكثر رونقاً لأنها ليست محميات بل متسع للتنفس والراحة، مستثنياً حديقة تشرين الأكثر شهرة بدمشق، ومرجعاً إبقائها مغلقة بالأسوار لامتدادها الواسع وترامي أطرافها، حيث تشكل قرية بحد ذاتها، ومع ذلك لا يوجد ما يمنع من تحويلها إلى مفتوحة.
وحول مشاريع تأهيل الحدائق أكد فرفور أن الأولوية للأكثر احتياجاً، مبرراً اختيار حديقة ابن رشد في حي المزة فيلات للصيانة بشكل كامل، بأن “وضعها تعبان” وهي الوحيدة في منطقة فقيرة بالحدائق، والأهم أن ثمة شراكة مع المجتمع الأهلي والتي وصلت نسبتها لما يزيد عن 50% من تحمل التكاليف، كما حصل في تجربة حديقة السبكي التي أنجز تأهيلها مع جمعية أصدقاء السبكي، وحديقة ابن رشد المعروفة “بالفرنسية عند العامة” اليوم شارفت على الانتهاء بنحو 95% لتفتتح بحلتها الجديدة، معرجاً على خطوة تأهيل عقدة 17 نيسان، بالإضافة لأعمال شهدتها عقدة القابون والمناطق المحيطة، وحديقة الوحدة “وضعها جيد” وأعمال الصيانة دائمة في العديد من المنصفات والساحات العامة، وفيما يتعلق بمستقبل حديقة الطلائع “غير المدرجة على لائحة التأهيل”، قال فرفور أن هناك مشروع استثماري كبير جداً جاهز للحديقة وهو عبارة عن مرائب تحت الأرض وطوابق تجارية وحديقة حضارية، والمشروع قائم، متوقعاً المباشرة به قريباً.