يغيّر النظرة.. مشروع جديد يطلق العنان للتعليم المهني ويحوّل المدرسة مصنعاً
دمشق– علي حسون
لطالما بحثت الحكومة عبر وزارة التربية عن آليات وقوانين لتطوير التعليم المهني، وربطه بسوق العمل، لاسيما مع ازدياد التطور المعرفي، وما يقابله من الحاجة الماسة لنظام تعليمي يواكب تطور وسائل الإنتاج والخدمات لإكساب الفرد المهارات والسلوكيات العملية، والمزج بين التدريب والتعليم .
محفزات تشجيعية
وزارة التربية عملت على تقديم المحفزات، والتشجيع من أجل الالتحاق بهذا التعليم، إلا أن النظرة الدونية مازالت سائدة إلى الآن مقارنة بالتعليم العام، في الوقت الذي يرى مختصون أن التعليم المهني هو أقصر الطرق للحصول على عمل، من حيث مدته الزمنية القصيرة نسبياً، وكلفته التعليمية المناسبة للأفراد ذوي الدخل المحدود، كذلك من حيث تنوع البرامج المطروحة، إضافة لكونه التعليم الذي يطلق العنان للهوايات، والإبداع، والابتكار، والاستقلالية في العمل نتيجة لاعتماده على اختيار الفئة المستفيدة.
التعليم المهني مازال في مأزق رغم كل الدعم والإجراءات والقرارات والقوانين الصادرة، خاصة بوجود أسئلة يصعب على المعنيين الاجابة عنها، لعل أهمها: إلى أین يتجه نوع مخرجات التعليم المهني والتقني؟ وأين سوق العمل الحاضن لهذه المخرجات؟ وهل یقوم القطاع الخاص بدور فاعل في التعليم والتدریب المهني والتقني؟ وهل يقلل تكامل مراحل التعليم المهني والتقني، وتعديل القرارات لصالح واقع التعليم، من النظرة الدونية للمجتمع، ويجذب الشباب إليه؟.
هذه الأسئلة يجيب عنها مشروع القانون المتضمن “إحداث التعليم المهني ضمن مرحلة التعليم الثانوي، وإلغاء المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 1994”.
رفع سوية التعليم
معاون وزير التربية لشؤون التعليم المهني والتقني الدكتور محمود بني مرجة اعتبر في حديث خاص لـ “البعث” أن القانون سيشكّل نقلة نوعية في تاريخ سورية، وتطور التعليم المهني والتقني فيها، إذ سيرفع من سوية الطلاب، ويلغي النظرة الدونية لطلاب التعليم المهني والتقني، موضحاً أن الطالب أصبح وفق القانون يتعلّم حرفة مفيدة له في حياته العملية، ويحصل على المؤهل الثانوي أو المعهد المتوسط، ويستفيد خلال دراسته من مزايا هذا القانون من خلال العمل بأجر جيد، بالتزامن مع التحصيل العلمي، ما سينعكس إيجاباً على حياته النفسية والمادية بآن معاً كونه صار عضواً منتجاً في عائلته والمجتمع.
نسب ربحية
وبيّن معاون الوزير أن القانون سمح بتأسيس مجلس إدارة للمدرسة أو المعهد يقوم بتسعير المواد الأولية، وتنفيذ المطلوب، وبيعها للزبون بالسعر الذي يحدده هذا المجلس، وفق نسبة الأرباح من حصيلة المبيع، حيث يحصل الطالب والمعلم وإدارة المدرسة على 40% إذا كان عملهم أثناء الدوام، و50% إذا كان العمل بعد الدوام، والنسبة الباقية لتطوير العمل، وشراء أدوات إنتاج، والصيانة، ما يؤسس لعلاقة متينة بين بيئة العمل والتدريس، ويساهم في تخريج حرفيين مهرة مدربين في السوق مباشرة، حسب متطلبات سوق العمل.
قرض 10 ملايين
وكشف معاون الوزير عن قرض 10 ملايين يقدم من الوزارة للمدرسة من أجل دعم إقلاع عملية الإنتاج لشراء المواد الأولية، وبعض مستلزمات الإنتاج، يتم تسديده قبل نهاية العام المالي ليتمكن مجلس الإدارة من سحب قرض آخر في العام التالي، وهكذا، إضافة إلى تكليف قطاع التعليم المهني والتقني بتنفيذ صيانات المدارس التي يمكنه تنفيذها، وفي حال الاعتذار تعرض هذه المشاريع على المقاولين الخارجيين، ما سيفتح فرصة التدريب ضمن الظروف الحقيقية للعمل أمام الطالب، وشعوره بالمسؤولية من أول يوم لانتسابه لهذا التعليم.
عودة مدرّسين
ونوّه معاون الوزير بهذا القانون الذي سيساهم إلى درجة كبيرة في عودة الكثير من المدرّسين الذين اضطروا للعمل في القطاع الخاص بسبب صعوبة الظروف المعيشية حالياً، وجذب الكثير من الكفاءات التدريسية من التعليم العام، ومن خارج الوزارة، للعمل في التعليم المهني والتقني، ما سينعكس إيجابياً على مستوى التدريب والتدريس فيه.
ومع هذه المزايا للقانون، لم يخف معاون الوزير الجاذب الآخر للطلاب الحاصلين على معدلات علامات عالية للانتساب لهذا التعليم، وبالتالي سيرفع من قيمة الشهادات الممنوحة، وزيادة الطلب على التعليم المهني.
رافعة للخزينة
على صعيد الخزينة، يؤكد معاون الوزير أن القانون سيشكّل رافعة إضافية لرفد خزينة الدولة، ما ينعكس إيجابياً على اقتصاد الوطن، لاسيما أن كل مدرسة مهنية أو معهد يعادل مصنعاً أو أكثر سيدخل إنتاجه في السوق، ويشغل المزيد من الأيدي الماهرة، ويفتح أسواقاً جديدة واعدة.
يشار إلى أن المشروع الذي أقره مؤخراً مجلس الشعب يتألف من 23 مادة تتعلق بإحداث ثانويات التعليم المهني، وتحديد المهن، وسبل تنظيم مسار هذا التعليم، وتأمين كوادر عاملة تلبي احتياجات سوق العمل في القطاعات العامة والخاصة والمشتركة، وتشكيل اللجان المهنية والإدارية واختصاصاتها ومهامها، ومراكز الإنتاج والتدريب والورشات التابعة لها، ونسب التعويضات والحوافز والمكافآت.