بيئة غير جاذبة..!
معن الغادري
مع اقتراب العام الجديد، يتجدد الحديث حول ما تم تنفيذه من خطط وبرامج، وما أنجز من مشاريع حيوية واستراتيجية خلال دورة العام الحالي، في جردة حساب نأمل أن يكون مؤشرها ايجابياً ومتنامياً لضخ جرعات تفاؤل إضافية في شرايين القطاع الإنتاجي على وجه الخصوص.
ومع اختلاف زوايا الرؤية عند البعض حول العديد من القضايا والملفات اليومية المتعلقة بالواقع الخدمي والاقتصادي والمعيشي، نجد أنها تتلاقى وتتفق في تفاصيل وجزئيات كثيرة تزيد من وطأة العمل والجهد والذي غالباً ما يكون مشتتاً وفي غير مكانه، لأسباب كثيرة منها ضعف الإمكانات وقلة الكوادر البشرية وعدم توظيفها في المكان والزمان المناسبين، وسوء الادارة وفوضوية الخطط والبرامج وتعثرها، ما أدى بالنتيجة إلى الفشل المزدوج في التخطيط والتنفيذ.
واقعية هذا الإيجاز – إن صح التعبير – تضع الفريق الحكومي أمام تحديات جديدة مع بدء العام الجديد، وربما صعبة في ضوء المتغيرات الضاغطة اقتصادياً ومعيشياً، ما يفرض وضع أسس جديدة للعمل تواكب حركة الصعود المتزايدة لمتطلبات الانتاج، والبحث جدياً عن طرق متطورة وأساليب مشجعة ومحفزة لاستثمار وتوظيف الإمكانات والقدرات المعرفية التي يمتلكها الفرد ليكون فاعلاً ومؤثراً ومنتجاً وقادراً على إدراك وفهم ما يحيط به من أحداث ومتغيرات تمكّنه من إجراء مراجعة وتقييم مستمر لأدائه الوظيفي، والتكيّف مع أي مستجدّ يطرأ والسعي إلى حل المشكلات الطارئة والتحكم في بيئة العمل التي يعيش بها.
والمؤكد في ضوء المشاهدات اليومية لطبيعة عمل مجمل المؤسسات والمديريات ذات الطابع الخدمي على وجه الخصوص، والتي هي على تماس مباشر مع المواطن، أنها فقدت جاذبيتها وباتت رهينة لمزاجيات وربما لمصالح خاصة جداً، وهو ما يفسّر طريقة التعاطي الفوضوي وغير الهادف وسلبية الأداء والمردود في مؤشرات العمل والانجاز.
فالإدارة الناجحة تتطلب عاملين أساسيين، أولهما أن يكون رأس الهرم مصدر إلهام وجذب للموظفين الطامحين، وثانياً أن تكون طبيعة العمل جاذبة ومحفزة هي الأخرى كي يحدث التناغم والتجانس والتوازن المطلوب، وبمعنى أدق يجب أن يكون هناك شراكة حقيقية وناضجة تبرز قوة تأثير المؤسسة على العاملين وليس العكس، ما يعزز من عامل الكفاءة وتوظيفها في إطارها الصحيح وفي خدمة العمل المؤسساتي وليس في خدمة المسؤول كما هو الحال.
وأمام هذه المؤشرات المتنامية غير المرضية لابد من البحث عن مخارج حقيقية للفجوة الحاصلة بين الموظف ومديره المباشر، وبما يؤدي إلى إحداث تغيير ملموس يصحح مسارات العمل، الأمر الذي يتطلب توافقاً وتكاملاً في الشكل والمحتوى لتتضافر وتكتمل الجهود في رفع سوية الاداء والانتاج.
وبإيجاز أكثر.. فإن أي استراتيجية لا تحتكم إلى معايير الجذب المتبادل بين مكونات العمل مصيرها الفشل حكماً، وهنا تكمن أهمية وضرورة خلق بيئة ناضجة وجاذبة لا تقتصر على شخص بعينه بل تحتضن الجميع.