حقيقة التوتر بين روسيا والولايات المتحدة
ريا خوري
أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية سفير جمهورية روسيا الاتحادية في واشنطن أناتولي انطونوف بضرورة مغادرة سبعة وعشرين دبلوماسياً روسياً مع عائلاتهم أراضي الولايات المتحدة الأمريكية قبل نهاية الشهر الحالي.
الواضح في هذه الأزمة الدبلوماسية المستجدة بين الدولتين الكبيرتين ليس كل الحقيقة، وأن هناك أسباباً غير معلنة وغير واضحة، لكننا ندرك من حجم الإعلان عن الأزمة حجم ما لحقها من توتر. فالولايات المتحدة تضغط باتجاه التقليل من الدور الروسي العالمي، وتعمل على فك الارتباط الاستراتيجي مع الصين، وخاصة في مجال الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الصين وروسيا على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري، إضافة إلى محاولة لجم العلاقات الإيجابية بين ألمانيا وروسيا.
إنَّ الأزمة كبيرة بين البلدين، وليس لأنَّ التوازن العددي لأفراد طاقم السفارتين سبباً لتوتر سياسي أبداً، حيث تقول مصادر عديدة متابعة للأزمة المستجدة ومطلعة على الكثير من المعطيات إن قرار الإدارة الأمريكية توقيف منح التأشيرات من قنصليتها في العاصمة الروسية موسكو ونقل المهمّة إلى سفارتها في وارسو، لا تبرره المضايقات الإدارية التي فرضتها روسيا على طاقم القنصلية الأمريكية نهائياً، وهو بالتأكيد يحمل خلفيات سياسية أخرى يبدو أنها معقّدة.
التوتر الأخير بين روسيا والولايات المتحدة ظهر إلى العلن بمناسبة النجاح الكبير للتجربة التي قام بها الجيش الروسي بإطلاق الصواريخ الذكية التي تزيد سرعتها عن سرعة الصوت، وأطلقت من مدمِّرة روسية راسية في البحر الأبيض المتوسط لمسافة أربعمائة كلم. وبالطبع هذه التجربة أقلقت الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي، خاصة وأن الصواريخ الجديدة من نوع (تسيركون) لا يمكن اعتراضها، فضلاً عن سرعتها الهائلة وماتتمتّع به من ذكاء تقني عسكري متفوق، كما لا تلتقطها رادارات الرصد الأطلسية.
كما أوردت العديد من التقارير أن خط “نورد ستريم2” له علاقة مباشرة بالتوتر الحاصل بين روسيا وأمريكا، على الرغم من أن ألمانيا تعهّدت للولايات المتحدة بأنها ستعمل بقوة مع موسكو لتجديد عقد مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا الذي ينتهي في عام 2024. في حقيقة الأمر يبدو من الواضح أن الخلافات السياسية والاستراتيجية بين روسيا والولايات المتحدة ودول (الناتو) هي التي تقف وراء الخلاف الدبلوماسي الأخير بين أمريكا وروسيا، وليس المشكلات القنصلية التي ظهرت على السطح مؤخراً.