رياضتنا ليست بخير… ألعابنا متهالكة وملاعبنا مهترئة المؤتمرات كشفت نواقص الألعاب والمسابقات كشفت عيوبها
البعث الأسبوعية- ناصر النجار
انتهت المؤتمرات السنوية للاتحادات الرياضية وقبلها انتهت مؤتمرات الأندية واللجان الفنية والتنفيذيات ولم يبق من هذه المؤتمرات إلا المجلس المركزي للاتحاد الرياضي الذي سيعقد في شباط من العام المقبل بالتزامن مع عيد الرياضة.
ولأن هذه المؤتمرات هي بمنزلة الكشف عن الحقيقة والواقع بشكل عام فإننا يمكن أن ننتهي بخلاصة مفادها: الرياضة ليست بخير!.
المؤتمرات كشفت واقع الصراع المرير التي تعيشه بعض الاتحادات، وكشفت أيضاً الكذب والتدليس في أسلوب التعاطي واستعراض الواقع في مؤتمرات أخرى، وكشفت هزالة بعض المؤتمرات ولا أدل على ذلك إلا الحضور المتواضع جداً، ولو حضر أعضاء الاتحاد ولجانه العليا فقط لكانت الحضور أكبر وكنا رأينا صورة ولو باهتة بأن هذه الاتحادات بخير ولو بشكلها الظاهري.
الملاحظة المهمة التي سجلناها في العديد من المؤتمرات أن بعض القائمين عليها يجهلون روح المؤتمرات والهدف منها وكيفية التعامل معها، ونقف عند حوادث متعددة ومتفرقة عندما تم إخراج من هم دون الـ 18 سنة من مؤتمرات بعض الأندية مع العلم أن هؤلاء يمثلون الشريحة الأكبر من أعضاء الأندية لأنهم أملها وهم عبارة عن فرق الناشئين والشباب في ألعاب متعددة ومما لا شك فيه أن لهم هموماً وتعترضهم معوقات عديدة ولا بد من الكشف عنها لمعالجتها.
وما حدث بمؤتمر اتحاد كرة اليد أمر يندى له الجبين وهو مثال آخر نسوقه ويعبر عن بقية المؤتمرات أو أغلبها وقد فوجئنا بأحدهم وهو من القيادات الرياضية يحاول إخراج العديد من أبناء اللعبة وكوادرها بحجة ما يسمى الأعضاء الأصلاء وغير الأصلاء وعلى ما يبدو أن من أصدر مثل هذه التعليمات لم يدرك أن هذه المؤتمرات هي لاستعراض الواقع وكشف الأخطاء والاستماع إلى المعاناة وغيرها من الأمور المهمة وليست مؤتمرات انتخابية تحتاج للأعضاء الأصلاء دون غيرهم.
هذه المؤتمرات الهشة وضعت رئيس الاتحاد الرياضي العام بموقف لا يحسد عليه من شكل التعاطي وأسلوب الحوار، وكان دوماً يحاول التهدئة ويوزع الوعود يمنة ويسرة.
المؤتمرات هذا الموسم أفضل من سابقاتها، بل كانت أكثر نقداً ومعاناة وشكوى، ومن دوّن الملاحظات لا شك أنه كتب مجلدات عن معاناة الأندية واللجان والاتحادات وغيرها، ولا ندري إن كانت الحلول موجودة أو إن الشكاوي ستكون قابلة للحل والإرادة صادقة ومخلصة وقوية لتغيير الكثير من المشاهد السيئة برياضتنا.
رياضتنا ليست بخير، هذه حقيقة وعندما نضع أيدينا على الجرح نعرف من أين نبدأ العلاج، والنتائج المحققة في كرتي القدم والسلة شاهدة على ذلك، وفي ألعاب القوى أم الرياضات كانت مشاركتنا العربية هزيلة، فكل الدول العربية سبقتنا، ووحدها لبنان نافستنا على المركز الأخير، وفي الريشة الطائرة شاهدنا ضعفاً في الإعداد وضعفاً في الاستعداد وضعفاً في المشاركة ، وفي بناء الأجسام رغم أنهم طبلوا كثيراً للنتائج المحققة في بطولة آسيا التي جرت بلبنان إلا أنهم تناسوا أن هذه البطولة كانت الأضعف بمشاركيها، فلم يشارك أكثر من ست دول، لذلك فالبطولة ليست مقياساً بما حققته هذه المشاركة من مراكز وميداليات.
عدوى الفشل
مشاكل كرة القدم تنتقل دفعة واحدة إلى كرة السلة، لكن الحقيقة أن منظومة العمل الرياضي لم تعد قادرة على إنتاج رياضة (تبيض الوجه).
وإذا عدنا إلى بعض التفاصيل لوجدنا أن هناك استبعاد لاعبين تماماً كما جرى في كرة القدم، وأخطاء إدارية وتنظيمية كثيرة، ودورياً ضعيفاً، وهيمنة كبيرة من أصحاب القرار السلوي الذي يتمتع بدعم غير مسبوق من القيادة الرياضية وهالة إعلامية وتسويقية جيد، ونخشى أن تتكرر قصة نبيل المعلول بكرة القدم مع كرة السلة بالمدرب الأمريكي الذي لم يلق القبول حتى الآن.
كما أن النفقات التي وضعت تحت تصرف منتخب السلة قاربت الملياري ليرة هو مبلغ كبير حسب مقياس الدعم الرياضي، ففي كرة القدم والسلة أهدرنا المال وخسرنا ولم نعوض بحسن الأداء أو جمالية العرض ولم نصل لمستوى المنافسين والقادمات من المباريات أقوى وأكبر ونخشى أن تكون أسوأ بعروضها ونتائجها.
الأسوأ من هذا وذاك التنظيم الباهت والفوضى التي حصلت في المباراة والتي أثبتت أننا فاشلون حتى في الأمور الإدارية والتنظيمية.
نعمة ونقمة
الحسنة الوحيدة في كرة السلة كانت بالصالة التي بيضت الوجه لكن الأعطال بالتجهيزات كشفت المستور؟ وعلى ذكر الصالة فقد انسحبت سيدات الثورة باللقاء المفترض أن يجمعهن مع سيدات تشرين لأن الصالة في اللاذقية (تزرب ماء المطر) وبالتالي فإن اللاعبات ستتعرضن لخطر ما، وهو ما دفع رئيسة نادي الثورة سلام علاوي لرفض اللعب والانسحاب، القانون يقف إلى جانب سيدات تشرين اللواتي فزن 20/صفر قانوناً، لكننا نذكر هنا أنه قبل ثلاثة مواسم انسحب رجال الوحدة أمام الجلاء بلقاء سلوي في حلب في الدقائق الأخيرة بأمر من رئيس النادي وقتها أحمد قوطرش، ولأن عملية الانسحاب بمفهوم الرياضة المحلية جريمة فقد أقيل القوطرش من منصبه، فهل سيتم التعامل مع قصة نادي الثورة بالمثل؟.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإننا نذكر القيادة الرياضية بتجهيز ملعب كروي لائق فربما يتم رفع القيود عن ملاعبنا في أي وقت، وتجهيز الملاعب الكروية يحتاج إلى وقت طويل، فهل نبادر من الآن بعملية تجهيز الملاعب الرئيسية قبل أن يفوتنا القطار ونخسر اللعب على أرضنا ليس بقرار دولي إنما لإهمالنا وسوء ملاعبنا.
ملاعب ومتاعب
مع عودة النشاط الرياضي إلى ملاعبنا الكروية في الدوري الممتاز والدرجة الأولى وشباب الممتاز وبقية الدرجات والفئات فإن هذا الحمل الكبير يبدو ثقيلاً على اللجنة المؤقتة من نواح متعددة أهمها الملاعب والصحة والتجهيزات والمستلزمات، وعلى ما يبدو أننا لسنا مستعدين لزخم النشاطات وليس لدينا القدرة على التنظيم الحسن والإدارة الجيدة وهذا كله لا يخدم كرة القدم ولا يطورها ولا يبنيها بالشكل الصحيح، فالبدايات الصحيحة تؤدي إلى نهايات صحيحة والعكس صحيح.
فعلى صعيد الملاعب فإن أغلبها غير صالحة لأداء المباريات وهذا بالدوري الممتاز أما دوري شباب الممتاز ودوري الدرجة الأولى فأغلب مبارياته تجري على ملاعب غير قانونية، ونسأل هنا: كيف ستتطور كرة القدم؟ وهل يمكننا رعاية المواهب وتأهيلها بمثل هذه الملاعب؟.
الموضوع الطبي يثير القلق أيضاً فأغلب المباريات تقام دون سيارات إسعاف وهذا أحد شروط إقامة المباريات، ومن المفترض وجود نقطة طبية في كل ملعب وفي كل مباراة فسلامة اللاعبين أهم من كل هذه المباريات، وسبق أن تعرض العديد من اللاعبين إلى إصابات احتاجت نقلهم إلى المشفى بغياب الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، وإذا مرت هذه الإصابات مرور الكرام بفضل الله فإننا نخشى أن يحدث ما لا يحمد عقباه في قادمات المباريات وخصوصاً مع تنامي الشغب في الملاعب الذي قد يولد إصابات هنا وهناك.
أما مستلزمات الملاعب وتجهيزاتها فما زالت قديمة وبالية وتحتاج إلى تحديث، وإضافة إلى ذلك فإن المرافق الصحية للكثير من ملاعبنا غير صالحة للاستخدام البشري، فهل تلقى هذه النواقص الاهتمام أم إنها ستكون آخر اهتمام المسؤولين الكرويين وستبقى (الطاسة ضايعة) بين أركان الرياضة، فمن يتحمل مسؤولية ملاعبنا هل هو اتحاد الكرة أم اللجان التنفيذية أم مدراء المدن الرياضية أم القيادة الرياضية؟ وهذا التساؤل ليس من فراغ فقد حدث خرق وتمزيق كبير بشباك ملعب الفيحاء الصناعي وبقيت الشباك على حالها ثلاثة أشهر لأن الكل يرمي المسؤولية على الآخر، فاتحاد كرة القدم قال: هي من مسؤولية اللجنة التنفيذية، اللجنة التنفيذية قالت: هذا الملعب تابع لمدينة الفيحاء، القائمون على مدينة الفيحاء قالوا: لا يوجد اعتماد مالي لتغيير الشباك ونحن بحاجة لموافقة من الاتحاد الرياضي العام!.
التقليد المحبب
ليس عيباً أن نقلّد الآخرين ما دام الموضوع إيجابياً ويصب في مصلحة العمل الرياضي، على سبيل المثال في كأس العرب هناك الكثير من الفوائد ومنها القضية المالية وما يتعلق بالمكافآت والحوافز، وهو حدث قائم في كأس العالم أيضاً ويتم تطبيقه في كل البطولات والدوريات المحلية.
فدوماً يتم توزيع ريوع الدوري من تسويق وإعلانات ودخل على الأندية المشاركة لأنه حقها، لذلك من المفترض أن يوزع اتحاد كرة القدم مبلغاً ثابتاً لكل الأندية المشاركة بالدوري الممتاز، فيعطي كل ناد مبلغ عشرة ملايين قبل بدء الدوري تكون عوناً للأندية في استعدادها للدوري، ومع نهاية المباريات توزع المكافآت الفردية والجماعية على الفرق والكوادر واللاعبين، فينال البطل مبلغ خمسين مليوناً (الأرقام افتراضية) والوصيف أربعين مليوناً والثالث ثلاثين مليوناً، وتقل المبلغ مع المراكز الدنيا لنصل إلى المركز الأخير، ولا بد من تخصيص مكافآت فردية للمدربين والكوادر واللاعبين كل حسب اختصاصه.
فوائد هذا الاقتراح تكمن بأن هذه المبالغ لن تبلغ في الحد الأقصى خمسمئة مليون ليرة ونعرف أن مبلغ تسويق الدوري أكبر من هذا الرقم بكثير لذلك لن يصيب كرتنا بالعجز والعوز، وهذه المبالغ تعين الأندية وتشعرها أنها شريكة بشكل فعلي في هذا الدوري، كما إنها تقضي على كل محاولات الالتفاف على النزاهة في المباريات، فكل مركز صار له قيمته وكل مباراة صار لها تأثير مباشر على قيمة المكافأة السنوية.
هو اقتراح محق ووضع هذه الريوع بتصرف الأندية أفضل من صرفها على السياحة والسفر غير المجديين.