ثقافةصحيفة البعث

هذا الغلاء الشديد.. إلى أين؟!

أكرم شريم

يتمتّع الغلاء في بلادنا هذه الأيام بحرية كاملة، فلا حسيب ولا رقيب، وهو يشمل الأسعار والأجور وكل ما يحتاجه الإنسان. ويعرف الجميع أن هذا الغلاء ليس من غلاء الأشياء بشكل طبيعي، وإنما هو حصول على الأرباح بشكل غير طبيعي وغير إنساني أيضاً!.

ولنأخذ كمثال قطعة جبن صفراء، فقد صار ثمنها عشرة آلاف ليرة سورية، وهي بالكاد تكاد تكفي لإفطار أفراد الأسرة، فإذا كان الفطور وبمادة واحدة يكلف عشرة آلاف ليرة، فما بالك ببقية المصاريف للغداء والعشاء والمواصلات والأدوية والمدارس و(الخرجيات) والأطباء، وما أغلى الأجور في المشافي هذه الأيام، فقد سألتْ امرأة ونحن في عيادة طبيب امرأة أخرى أجرت عملية جراحية في قدمها، سألتها كم دفعت أجرة هذه العملية فقالت المرأة ثمانية ملايين ليرة!.

فإلى أين يمكن أن يأخذنا هذا الغلاء، وماذا يمكن أن ينتج عنه من مشكلات وأكثر من المشكلات؟، وذلك لأن حرية الغلاء تعني حرية التجويع والتهجير، فماذا يفعل الشعب الطيب حيال ذلك، فحين تؤمن حكومتنا الرشيدة المواصلات في الباصات بمئتي ليرة للراكب مقابل ألفي ليرة في التكسي فإنها تساعد وإلى حدّ كبير شعبنا الطيب في أن يعيش براحة واستقرار حسب دخله الحالي وراتبه الحالي. إن الازدحام الذي يحدث في هذه الباصات، حتى السيدات والآنسات يتدافعن ليحصلن ليس على مكان يجلسن فيه وإنما على مكان (على الواقف)، يعني وبكل بساطة ومع الاعتذار والتقدير الشديد لحكومتنا الرشيدة أننا بحاجة إلى مضاعفة عدد هذه الباصات لمضاعفة الرحمة والمساعدة لشعبنا الطيب.

وانظروا أيضاً حين يبيعون ربطة الخبز بأربعة أضعاف سعرها وأكثر من ذلك، فقد صاروا يأخذون الأرغفة الجيدة ويجمعون الأرغفة (المحترقة والمعجنة) ويبيعونك إياها بأربعة أضعاف سعرها، وهذا يعني أن الربطات التي بقيت عندهم صارت مجانية وهي من الخبز النظيف والجيد، فهم يحصلون بواسطة ذلك على ثلاث ربطات أو أربع ربطات وبشكل مجاني، وذلك لأنك دفعت ثمن الربطة أو الربطتين بأربعة أضعاف سعرها!.

وأما عن سعر الخضار والفواكه، والطبخ الذي تحتاجه الأسرة بشكل دائم، فحدث ولا حرج، فكل هذا الذي كان سعره بالمئات صار بالآلاف.

وسؤالنا الكبير اليوم هنا: كيف حدث ذلك وكيف أمكن أن يحدث؟، فإن كل ما نتمناه يا حكومتنا الرشيدة أن يتوقف ذلك، خاصة وأن حكومتنا الرشيدة لا تستطيع أن تزيد دخل المواطن العادي والبسيط وأن ترفع راتبه إلى الأضعاف. فلا شيء في هذه الحياة يمكن أن يكون صحيحاً وسليماً دون رقابة ومحاسبة ومتابعة في الرقابة والمحاسبة، خاصة وكما قلنا إن حرية الغلاء تعني حرية التجويع والتهجير، ونحن على ثقة مطلقة بأن حكومتنا الرشيدة لا تقبل بذلك ولن تقبل به على الإطلاق، وهي تحاول وستحاول أكثر حتى يعود الاستقرار المادي وبشكله الطبيعي والمريح إلى حياتنا وفي كل المجالات.

وهكذا تكون النصيحة اليوم وكما ذكرنا، إن حرية الغلاء تعني حرية التجويع والتهجير ودائماً وباستمرار!.