“قمة القلق” الافتراضية
تقرير اخباري
على الرغم من البيانين الهادئين اللذين صدرا عن الكرملين والبيت الأبيض بعد لقاء “الكونفرنس” الذي جرى بين الرئيسين فلاديمير بوتين، وجو بايدن قبل أيام، إلا أن مضامين اللقاء تحمل في طياتها أبعاداً أعمق من البيانين تعكس حالة التوتر والقلق الذي تعيشه الادارة الأمريكية.
لقاء حزيران الماضي في جنيف، واللقاء الأخير قبل أيام، كانا بمبادرة من الجانب الأمريكي، وفي كليهما لم يكن الهدف ايجاد حلول للتوترات المتصاعدة بين البلدين، ولا يعود لحالة الرئيس بايدن، ولا إلى صراع الأجنحة داخل البيت الأبيض، بل يعود الى الارتباك الذي تعيشه الادراة الأمريكية تجاه التعامل مع القضايا الخلافية بينها وبين روسيا.
وما يدلل على هذا الارتباك أن الولايات المتحدة الأمريكية على شفا كارثة اقتصادية، والانتخابات المقبلة للكونغرس الأمريكي، في تشرين الثاني 2022، والرئاسة في 2024، سوف تكون أكثر انفجاراً من الانتخابات السابقة، التي فُرضت نتائجها على الشعب الأمريكي بمساعدة القوات المسلحة الأمريكية التي نزلت إلى شوارع واشنطن.
في الوقت نفسه، وفي غضون سنوات قليلة، ستقوم روسيا والصين، معاً أو بشكل منفصل، بخفض مكانة الولايات المتحدة الأمريكية إلى منزلة القوة الإقليمية، ما سيحرم الدولار من مكانة العملة العالمية، وهو ما سيتبعه انهيار الاقتصاد الأمريكي.
من هنا وبحسب المعطيات والدراسات الأمريكية، فإنه من المستحيل هزيمة روسيا بالوسائل العسكرية، وإنما يمكن خنقها اقتصادياً. على العكس من ذلك، لا يمكن خنق الصين اقتصادياً، بل من الممكن هزيمتها بالوسائل العسكرية. لكن كلا الخيارين مستحيلان في حالة إضفاء الطابع الرسمي على التحالف بين موسكو وبكين.
لذلك نجد أن اللقاءين مع الرئيس بوتين ليسا لحل النزاعات التي خلقتها أمريكا على حدود روسيا، بل يمكن القول أنه إلتفافة أمريكية لكسر التحالف الروسي- الصيني، بمعنى أن اللقاءين لا يعدوان كونهما مغازلة للضغط على كلا الخصمين في نفس الوقت من خلال السيناريو التي تتوهم أمريكا أنه سينجح، وهو التحييد المؤقت لروسيا بحرب في أوروبا والخنق البطيء لها بالعزلة الاقتصادية من خلال توريطها في نزاع عسكري بأوكرانيا وبيلاروس وأرمينيا وترانسنيستريا معاً أو بشكل منفصل دون مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية، و تدمير الصين من خلال حصار بحري من قبل قوات “أوكوس” وانهيار اقتصادها.