الرسوب في امتحان القطن والشوندر
علي بلال قاسم
يتعاظم الحرج الحكومي من ذاك الانكفاء الذي يتعرض له محصولا القطن والشوندر، حيث سجلت المواسم الأخيرة تراجعاً كبيراً جداً في المساحات المزروعة، في مواصيل كارثية لم تأت عن عبث، فجملة الارتكابات في الإدارة البشرية أصابت الكيل بالطفح بعد أن تجمعت العوامل الموضوعية والظروف المناخية، لنصبح في حالة عوز وقلة ضربت أطنابها في مدخلات إنتاج جملة من المعامل والشركات التي توقف معظمها وباتت بلا مخرجات، ثم رحنا نزحف باتجاه الاستيراد تلبية لحاجة خطوط الإنتاج المتوقفة.
على أرضية الضرر الكبير الذي لحق بالمزارع والصناعي وحتى منتج السوق الغذائي والنسيجي، يسود الوجوم أغلب الوجوه التي تبحث عن حل إسعافي وإنقاذي يعيد مياه الزراعة إلى مجاريها التي كنا نتفاخر بها أيام كنا ننتج ونصدر ونغزو الأسواق، عندما كانت أغلب حقول الغاب والجزيرة تعج بالمحاصيل المدعومة والمرغوبة، على أيدي مزارعين كانوا مستقرين، ليتحولوا بين حرب إرهابية وضحاها الاقتصادي والمعيشي إلى مهجرين ونازحين عن الأرض، في وقت ارتفعت أسعار البذار والمبيدات الحشرية، وقلت المياه اللازمة للري وعز تصريف المحصول إن وجد.
في جزئية القطن نحن نتحدث عن 20 – 30 % من مجمل الصادرات الزراعية لمحصول صناعي هو الثاني من حيث المساهمة في تأمين القطع الأجنبي بعد النفط، وركيزة أساسية للصناعات النسيجية، في حين تقول إحصائيات رسمية إن هذا القطاع حالياً لم يعد يتجاوز 2% من حجم اقتصاد البلاد، وفي آخر ما حرر لم تتجاوز الكميات المسلمة 15 ألف طن محبوب “يادوب” حركت مغازل الشركات، وهنا كانت السابقة باتخاذ قرار اللجنة الاقتصادية بالسماح باستيراد القطن المحلوج، ولأن العام في نهاياته ولم يتم الاستيراد المطلوب تم تمديد فترة السماح 6 أشهر عسى أن تقلع آلات الشركات الأربع وعشرين.؟!
ومع تراجع إنتاج الشوندر السكري من 1.4 مليون طن إلى 12 ألف طن وفق إحصائيات وزارة الزراعة، يعلو هدير العمل الحكومي لدعم الفلاحين وإعادة سكة الفلاحة للحقول وفق إمكانيات تشغيلية اقتصادية تغني نوعاُ ما عن تكاليف استيراد القطن والسكر، وهنا تتكرر المعزوفة الحكومية بأنها أمنت البذار والمياه والأسمدة وحتى سوق التصريف والتصدير، وكأنك في كوكب آخر، وهو ما لم يؤكده الفلاحون الذين يتجرعون المعاناة اليومية جراء ندرة كل شيء، وإن وجد فالغلاء الفاحش الذي يفرضه المهربون والتجار هو سيد الموقف، وبالتالي يبقى الخطاب التنفيذي في واد وواقع الحال على الأرض في حال متناقض تماماً..!
كل ما يحصل يشي بمستقبل أسوأ، وأخطر ما فيه هجرة الأراضي وتحول ما اشتغل عليه لعقود إلى مساحات مقفرة وجرداء متصحرة، وعليه هل سنبقى نردد شعار “الفلاح والعامل”؟!، فعلى محك القطن والشوندر تمتحن شهادة التصنيع الزراعي.. وما ينطبق عليهما يساق على مجمل الخضار والفواكه ذات القيمة التصنيعية المضافة.