تحقيقاتصحيفة البعث

مهرجان “أيام العسل” يقطع الطريق على مروجي العسل المغشوش ويلملم شتات النحالين

يسعى قطاع النحل للنهوض واسترداد مركزه في العالم  بعد سنوات الحرب التي عصفت به من جميع الجبهات، وكانت المحصلة خسارة معظم المربين وخروج الكثير منهم من عجلة الإنتاج، لكن فيما بعد استطاع هذا القطاع لملمة شتاته وتلبية حاجة السوق المحلية من هذه المادة الأساسية ليصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتحقيق فائض ليس بالقليل بهدف تصديره كالسابق إلى دول العالم، لكن على الرغم من الجهود المبذولة والمبالغ المدفوعة لانتعاش هذا القطاع إلاّ أن العسل السوري لا زال فاقداً لمكانته في الأسواق العالمية، الأمر الذي خلق حاجة ماسّة لتسويق المنتج محلياً وإعادة شهرته وثقة المستهلك به بشكل تدريجي محلياً وعربياً وصولاً إلى العالمية في ظل تخوّف المربين من كساد العسل السوري، ليُقام خلال الأيام الماضية  مهرجان “أيام العسل “في صالة كنيسة الصليب بالقصاع بمشاركة أربعين نحالاً من مختلف المحافظات.

صلة وصل

المهرجان كان فرصة للوقوف على حال سوق العسل لجهة ترويجه ومعرفة ما يعانيه ويحتاجه من يعمل بهذا الحقل، إضافة لأهمية إقامة مثل هكذا مهرجانات وورش عمل غابت طويلاً، وكان واضحاً الإقبال الجيد عليه من قبل المستهلكين، خاصّة وأنّ وزارة الزراعة أتاحت  لمربي النحل تحليل العسل مجاناً في مخابرها لتعزيز ثقة المواطن، يقول باسم عطار رئيس لجنة النحالين في غرفة زراعة دمشق: إن المهرجان كان ضرورياً كتظاهرة اقتصادية تساعد النحالين على تسويق منتجاتهم وإيصالها إلى المستهلكين مباشرة بسعر التكلفة وبجودة عالية وبالتالي زيادة المبيعات وتحسين العملية الإنتاجية برضا المستهلك، كما شكّل المهرجان من وجهة نظره صلة وصل ناجحة لربط المنتجين مع المستهلكين مباشرة وقطع الطريق على مروجي العسل المغشوش وزيادة الوعي بأهمية النحل ومنتجاته ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في هذا المجال والمهن المتعلقة به.

البحث عن حلول

ولفت محمد جنن أمين سر غرفة زراعة دمشق إلى سعي الغرفة لإيجاد الحلول للصعوبات التي تواجه المربين الذين خرجوا من الإنتاج وتقديم التسهيلات لهم والمستلزمات والدعم لتجاوز الصعوبات، منوهاً بأهمية المهرجان من خلال التعريف بالعسل السوري وجودته، إضافة إلى إتاحة المجال لتبادل الخبرات بين العارضين ومعرفة التجارب والاستفادة منها، كما كسر المهرجان حلقات التجارة من خلال الوصول للمستهلك دون وسيط، كما يهدف المهرجان لتعريف دول العالم بعودة العسل السوري إلى مكانته السابقة.

قاعدة صلبة

وفي ظل الأزمة التي تعرضت لها سورية والأضرار التي لحقت بهذا القطاع كغيره من القطاعات، وفي الوقت الذي انتعشت فيه الأسواق المحلية بالعسل المغشوش لرخص ثمنه وندرة وجود العسل الطبيعي استطاع مربو النحل خلال العامين الأخيرين تجاوز عتبة استيراد خلايا النحل والتوجّه نحو تصدير العسل، حيث أكد عبد الرحمن قرنفلة “مشارك في المهرجان” أن المهرجان يأتي ضمن إطار النشاط الحكومي الذي يهدف إلى إعادة تنشيط قطاع تربية النحل ( الذي تعرض لأضرار عميقة خلال الأزمة التي عصفت بالبلاد) نظرا لأهميته الاقتصادية الكبيرة ضمن حلقات الاقتصاد الزراعي حيث من الثابت أن النحل يساهم بزيادة الإنتاج الزراعي بنسب تتراوح بين 40 إلى 65% بفعل دوره في إخصاب أزهار المحاصيل الزراعية، كما له دور فاعل في زيادة إنتاج الثروة الحيوانية أيضا من خلال دوره في إخصاب أزهار نباتات المراعي ، لافتاً إلى أن المهرجان بحد ذاته كفعالية اقتصادية  ونشاط ترويجي لسلعة ومنتج زراعي أمر جيد وساهم بتعريف جمهور المستهلكين بالمنتجين الحقيقيين للعسل وشراء حاجتهم من منتجات خلية النحل من مصدر ثقة، كما سمح بتعريف الجمهور بمنتجات القيمة المضافة للعسل وباقي منتجات النحل وفوائدها المختلفة مثل غذاء ملكات النحل والعكبر وسم النحل والعسل بالشمع الطبيعي، فضلاً عن تنوع ألوان العسل المعروضة من قبل النحالين وخصائص كل منها، وأكد قرنفلة مساهمة  المهرجان بلقاء النحالين من محافظات مختلفة مع بعضهم وتبادل الخبرات فيما بينهم، ووصف قرنفلة اقبال المستهلكين على المعرض بالمقبول في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والصعوبات المعيشية التي يعيشها المواطن، كما أن التغطية الإعلامية الرسمية والخاصة  الجيدة التي ساهمت بها الأقنية التلفزيونية وعدد من الصحف المحلية والمواقع الإعلامية الالكترونية ساهمت بشكل جيد في لفت انتباه جمهور المستهلكين إلى أن العسل سلعة غذائية ضرورية وليست ترفاً غذائياً وأن الضمان الحقيقي لسلامة العسل من الغش هو الشراء من النحالين مباشرة، كما أظهر المهرجان إصرار العاملين في القطاع الزراعي عموما والنحالين بشكل خاص على تحدي تبعات وأضرار الأزمة والنهوض مجددا والمساهمة في تشكيل قاعدة صلبة تمد قطاعات الاقتصادية الباقية بمستلزمات إعادة الاعمار خلال الفترة الراهنة والمقبلة.

وصول للعالمية

ومع حلول الحرب تراجع أعداد الخلايا وهاجر أغلب أصحاب المهنة، إضافة إلى التدمير الممنهج للخلايا وحرق مفتعل لها لتنخفض أعدادها إلى 150 ألف خلية عام 2017 والذي كان عام الانطلاق من جديد والتدخل الإيجابي للأمانة السورية لاتحاد النحالين العرب، وهنا يقول  إياد دعبول رئيس أمانة سورية لاتحاد النحالين العرب: إن الأمانة تسعى لإعادة تعويض الفاقد من خلايا النحل حيث تم بالتعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات الدولية لتوزيع أعداد من الخلايا الخشبية ومعدات النحالين وتدريب فنيين جدد وإدخالهم إلى سوق النحل وتقديم الدعم المادي والفني لهم، إضافة إلى دعم الأسر الفقيرة بمشاريع صغيرة لتربية النحل لنصل إلى ما وصلنا له اليوم من تحقيق فائض في العسل المحلي ما شكل حاجة لتصديره كما كنا في السابق، الأمر الذي سنحققه بشكل تدريجي من خلال هذا المهرجان المحلي اليوم الذي يهدف إلى تشجيع المستهلك لمعرفة المصادر الحقيقية للعسل الطبيعي، إضافة إلى تسويق العسل محلياً بشكل أكبر، ناهيك عن أهميته من خلال الظهور للخارج إعلامياً والتعريف بعودة العسل السوري إلى مكانته.

معرض دولي

وعلمنا من دعبول أن هناك سعي من قبل الأمانة لإقامة معرض دولي في الشهر الثاني من العام القادم بحيث تكون التكلفة على المستوردين والإقامة على الأمانة، والذي من خلاله سيتم دعوة أكبر عدد ممكن من مستوردي الدول العربية لإعادة فتح الأسواق العربية للنحالين، مشيراً إلى خطة لمراسلة 50 مستورداً من العراق ومستورد من قطر و 4 مستوردين من الأردن، إضافة إلى مستوردين من مصر ودول الخليج وذلك بهدف المساعدة بعملية تصدير العسل السوري بعد أن فقدنا أسواقنا الخارجية خلال السنوات العشر الماضية بسبب ضعف الإنتاج من جهة وصعوبة التصدير من جهة أخرى ما أدى لبحث مستوردي العسل السوري عن عسل خارج سورية، ليكون هذا المهرجان المحلي خطوة أولية في طريق الوصول إلى العالمية.

ميس بركات