في حفل تخريج طلبة دبلوم كتابة السيناريو.. طاقات كبيرة بحاجة إلى المساعدة
احتفى معهد دراما رود مؤخراً بتخريج طلبة دبلوم ورشة كتابة السيناريو بحضور عدد من الفنانين الذين رحبوا بفكرة الدبلوم الذي أتاح لعدد من أصحاب المواهب في الكتابة الدرامية صقل مهاراتهم على يد مجموعة من الأساتذة الذين لهم باع طويل في هذا المجال، وعبَّرت د. رانيا الجبّان مديرة المعهد في كلمتها التي ألقتها في بداية الحفل عن سعادتها لأن المعهد يقطف ثمار دبلوم كتابة السيناريو الذي كان حلماً بالنسبة لها، وكان الهدف منه تقديم كتّاب حقيقيين، متمنية أن يكون الدبلوم المكان المُناسب للطلاب ليحققوا من خلاله ما يطمحون إليه، مؤكدة أن جهوداً جبارة بُذِلَت لإنجاح تجربة المعهد في كل الورشات التي قام بها، وكانت المخرجة رشا شربتجي الداعم الرئيسي لإطلاقه.
طاقات واعية
وبيَّنت المخرجة رشا شربتجي في تصريحها لـ”البعث” أن معهد دراما رود يهدف من خلال ورشاته أولاً وأخيراً إلى إنعاش الشباب الراغبين بالتدريب أو العمل في المجال الفني وفي جميع الاختصاصات في مجال الدراما التلفزيونية والسينمائية، وفي مقدمتها السيناريو، مشيرة إلى أن الدبلوم أفاد مجموعة كبيرة من الطلاب الذين بلغ عددهم 25 طالباً وكان فرصة للتعرف على مواهب جديدة في مجال الكتابة، وقد انتقت من كتاباتهم نصّين، الأول من كتابة علي معين صالح والذي ستقوم بتنفيذه قريباً تحت عنوان “كسر عضم”، ونص آخر لأحمد بيرقدار بعنوان “مشيت بطريقي”. ونوّهت شربتجي، وهي التي سبق أن قامت في المعهد بالإشراف على أكثر من ورشة عمل في التمثيل، بأنها انتقت مجموعة كبيرة من الطلاب المتميزين الذين أخذوا فرصة مقبولة في أعمالها بهدف وضعهم على الطريق الصحيح، مؤكدة أننا نملك طاقات كبيرة في التمثيل والكتابة وهي بحاجة إلى المساعدة لأنها طاقات واعية ولديها أفكار رائعة، خاصة وأنها منفتحة على العالم وتتابع المنصات التي تعرض أعمالاً بإيقاع مختلف عن التلفزيون، موضحة أن العثور على سيناريو مميّز بات أمراً صعباً بالنسبة لها كمخرجة، فهي تقرأ عشرات النصوص حتى تقع يدها على نص مكتوب بفكرة جديدة أو مختلفة، وهو ما يجب أن يسعى إليه كاتب الدراما بشكل دائم، مبينة أن الكاتب عندما يكتب لا ينتبه كثيراً لمطباته، لذلك هو يحتاج لمن يقول له ببساطة وحب ما هي هذه المطبات ويلفت انتباهه إلى ما يعاني منه نصه، وهذا ما حاول الدبلوم أن يقوم به مع طلبته وهم يخطون خطواتهم الأولى في طريق الكتابة الصعب، مؤكدة أن الكتّاب الجدد يتمتّعون بجرأة أكبر وبمساحة خيال أوسع ويكتبون بتكنيك أذكى من التكنيك التقليدي الذي يتمتّع به نص مؤلَّف من 30 حلقة والذي عادةً ما يمرّ بمرحلة تمهيدية ثم الدخول إلى الحدث، وهذا مالا يتقيد به كتّاب اليوم المميزين، وخير مثال على ذلك النصان اللذان قامت بتبنيهما، فالكاتبان فيهما لا يتقيدان بذلك، وهما يدخلان مباشرة إلى الحدث ويُقدّمان مفاجآته في حوارات ذكية.
الخطوة الأولى
وأشارَ الكاتب أسامة كوكش الذي حضر الحفل إلى أن مثل هذا الدبلوم ما هو إلا نواة وخطوة أولى في كتابة السيناريو بشكل أكاديمي، وإن كان لا يمنح الطالب فرصة كافية ليصبح كاتباً ويأخذ فرصته فيما بعد، إلا أنه البداية الصحيحة التي تجرأ معهد دراما رود في صنعها ليكون رديفاً للمعهد العالي للفنون المسرحية برفد الساحة الدرامية بكاتب متمكن من كتابة السيناريو، مبيناً أن أي كاتب خلال مسيرته الكتابيّة قد يقع في بعض الأخطاء التي تنحسر تدريجياً مع فهمه لآلية الكتابة والوعي بما يقوم به، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن أهم كاتب قد تُحقّق جميع كتاباته النجاح أو أنها ستكون خالية من الأخطاء حيث لا يمكن رصد ذائقة الجمهور دائماً، لذلك ليس بالضرورة أن أهم الكتّاب يكتبون أعمالاً وجميعها تلاقي النجاح، وهذا ينطبق كذلك على الكتّاب الشباب الذين قد يكتبون نصوصاً كثيرة ولا يظهر للعلن إلا واحد منها، وهذا أمر طبيعي برأيه لأنه مرتبط بطبيعة مهنة الكتابة الدرامية التي لا ترى النور إلا مع شركاء آخرين (شركة إنتاج، مخرج، ممثل، إلخ…) لذلك لا يستطيع الكاتب برأي كوكش أن يرضي جميع هذه الأمزجة والوصول إلى نص يتفق عليه الجميع إلا بصعوبة.
النص هو الأساس
وعبّرت الفنانة ريم عبد العزيز عن سعادتها بتخريج معهد دراما رود لمجموعة من الكتّاب لحاجة الدراما السورية لكتّاب سيناريو جدد يقدمون دراما بروح جديدة وأسلوب جديد، لأن النص برأيها هو أساس البناء في أي عمل فني، مبينة أنها ومنذ سنتين وهي تبحث عن نص سينمائي ولم تعثر على نص جيد حتى الآن لأن معظم النصوص الموجودة ما هي إلا عبارة عن صف كلام نتيجة الاستسهال في موضوع الكتابة والذي ولَّد قحطاً، لذلك أسعدها أن تكون موجودة في حفل تخريج طلّاب دبلوم كتابة السيناريو وهي تتأمل منهم خيراً، والتجربة الحقيقية لهم ستكون على أرض الواقع والحياة العملية لنرى ماذا سيُقدّمون وماذا استفادوا من هذا الدبلوم.
الكتابة تحولت لتجارة
وبيّن الفنان فراس إبراهيم أن النص في العمل الدرامي هو الأساس، وكل الخيارات الفنية مبنيّة عليه، فإذا كان هذا النص مهلهلاً لا يمكن بث الروح فيه مهما حاول المخرج تشذيبه، وهو اليوم كممثل كما كان سابقاً كمنتج لا يمكن أن يغريه أي عمل دون وجود نص جيد، لذلك تأتي برأيه أهمية تأهيل عدد من الكتّاب بشكل أكاديمي من خلال الدبلوم لرفد الساحة الدرامية بأقلام جديدة، مشيراً إلى أن الكتابة اليوم تحوّلت لتجارة، فالكاتب سابقاً كان يستغرق في كتابة نص واحد سنة أو سنتين، وقد يتشارك كاتبان في كتابة نص واحد، في حين أن الكاتب اليوم يكتب أربعة نصوص في الوقت ذاته، ولنا أن نتخيل أي نصّ سيكتبه للمُشاهد.
تجربة ناجحة
وأوضحت ياسمين حناوي الفائزة بالمرتبة الأولى وهي المُقيمة خارج سورية أنها وما إن سمعت عن وجود هذا الدبلوم عبر وسائل التواصل حتى سارعت إلى التسجيل به عبر الإنترنت بمجرد اطّلاعها على الأسماء المُشرفة عليه ونوعية المحاضرات المُقدّمة فيه، دون أن تنكر أن التحدي كان كبيراً بالنسبة لها وبحاجة لجهود أكبر من قبلها باعتبارها غير موجودة في قاعة المُحاضرات، وهي سعيدة اليوم لأن النتائج التي حققتها بوجودها فيه تثبت أن الدراسة في هذا المعهد كانت تجربة ناجحة.
أمينة عباس