بعد مشاهدات كأس العرب بكرة القدم.. ثمة افتقاد للثقافة الرياضية الناضجة
ناصر النجار
أجمع المراقبون على أن بطولة كأس العرب الحالية كانت أقوى البطولات التي أقيمت حتى الآن، وقد شهد المتابعون أداء أخاذاً ومنافسات ساخنة ولمسات ساحرة، ولا شك أن الحصيلة النهائية التي يمكن أن تبقى في ذهن المتابع أن الكرة العربية في أفريقيا أقوى من مثيلتها في آسيا، ويمكن استثناء المنتخب القطري لأنه يعد بشكل استثنائي لكأس العالم.
من المنتخبات التي حازت على إعجاب المتابعين منتخب الأردن الذي قدم أداء لافتاً يؤكد على حسن إعداده وتطوره، وخبرة مدربه العراقي عدنان حمد الذي كان مرشّحاً لتدريب منتخبنا قبل المدرب الألماني شتانغه، لكن اتحاد كرتنا وقتها لم يتواصل معه لأن المبلغ الذي طلبه كان كبيراً، وهذا يؤكد افتقارنا للثقافة الكروية، فما صرف على المدربين في السنوات الخمس الأخيرة يفوق ما كان سيأخذه عدنان حمد، وبالتوازي فقد خسرنا المال ولم نربح كرة القدم.
التميز شاهدناه بمنتخبات شمال أفريقيا، وعدّ أحد المراقبين أكثر من عشرين لاعباً جزائرياً مرموقاً في الأندية الأوروبية الكبرى لم يشاركوا مع المنتخب، أبرزهم رياض محرز، ليبقى السؤال: ماذا لو شاركت هذه المنتخبات بكامل نجومها؟ وربما السؤال المهم يطرح عن أسباب التألق الكروي في هذه البلاد؟ هل لأنها قريبة من أوروبا، أم أن هناك أسباباً أخرى؟ القرب له عامل مهم، رغم أن العالم صار قرية صغيرة، فلا بلاد بعيدة، ولكن هم قريبون من أوروبا بالثقافة الكروية، وبالعقلية الاحترافية، وهم يعملون بالرياضة من باب المهنة والموهبة.
ولأن نجاح المنتخبات هو نتيجة عمل الأندية وتفوق الدوري، فإن الكرة عند هؤلاء مبنية على أسس علمية ومنهجية واضحة واستراتيجية طويلة المدى، على سبيل المثال، الأندية في مصر ودول شمال أفريقيا محترفة بالشكل الصحيح، وتعمل ضمن منهاج واضح، وتخشى من أي خطأ، لأن ذلك سيبعدها عن قيادة النادي، فلكل ناد جمعية عمومية تحاسب أعضاء الإدارة بكل شيء، لأنها بمنزلة الجهة الرقابية على النادي.
بالمقابل نحن ماهرون بحل إدارات الأندية والاتحادات الرياضية لأتفه الأسباب، ومن يتابع القرارات الصادرة عن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام يجد أن أكثر القرارات في العامين الماضيين كانت بحل إدارات وتعيين غيرها، والحل لم يأت بحل ناجح، فالعديد من الأندية والاتحادات الرياضية تسيّرها لجان مؤقتة، ولم تفلح القيادة الرياضية بتشكيل إدارة جديدة، ولم تدع إلى انتخابات، والكثير من الإدارات الجديدة التي جاءت بالتعيين لم تثبت أهليتها، وبات الرياضيون يتندمون على الراحلين لأن الجدد لم يقدموا ما يقلع بالأندية والاتحادات، وكانوا هماً على الرياضة بأسرها.
هذه أولى الملاحظات التي يمكن أن نستفيد منها من متابعتنا لبطولة كأس العرب، فالثقافة الرياضية الناضجة هي التي أوصلت المتفوقين إلى ما وصلوا إليه.