لماذا لم تنخفض الأسعار في ظل إعفاءات القانون 30.. الصناعيون يوضحون!!
تساؤلات عديدة يطرحها المواطنون عند زيارتهم لمحال الملابس، وعند شراء المواد الغذائية المصنعة، أو المواد الكهربائية حول أثر إعفاءات القانون 30 للعام 2021 على الأسعار التي لا يُلحظ سوى أنها تزداد وبشكل شبه يومي، وعلى كافة القطاعات التي ذكرناها، التي ترتبط بالحاجيات الأساسية المعيشية للمواطن، ومع ذلك كله بات اليأس سيد الموقف، وجميع القوانين، لم تغير الواقع المرير للمواطن، لجهة أنها لم تنجح في تغيير اتجاه مؤشرات الأسعار نحو الأسفل!.
قريباً جداً
في هذا السياق سمعنا وزير الصناعة زياد صباغ في مؤتمره الصحفي الأخير أن الهدف من القانون 30 هو تخفيف الكلف على الصناعي وزيادة القدرة الشرائية لدى المواطن بالدرجة الأولى، وأن المواطن سيلمس قريباً أثره على انخفاض الأسعار بعد صدور تعليماته التنفيذية، ودخوله حيز التنفيذ، لكن للأسف زال المستهلك بانتظار الوعد!
أرباح الصناعي خيالية
عضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك عامر ديب حمّل الصناعيين مسؤولية ارتفاع الأسعار ، فحسب قوله : بعد مضي أكثر من شهر على صدور القانون رقم ٣٠ للعام 2021 لم يحدث ما كان يريده المواطن وما توقعه الخبراء، فبالرغم من الاجتماعات التي عقدتها غرف الصناعة والتصريحات الواعدة بأن الأمور ستكون لصالح المواطن لم نلمس أي شيء على أرض الواقع، وكل ما سمعناه حجج وذرائع جديدة لإفراغ هذا القانون من محتواه كغلاء حوامل الطاقة، والكهرباء، وارتفاع أجور النقل، والشحن، وبالتالي نقلوا المسؤولية عن الغلاء إلى الجهات العامة، واتهامها بالعجز عن توفير الأرضية اللازمة للصناعة، معتبراً أن ملف المحروقات ما يزال حجة للتلاعب بالأسعار، مع الإشارة إلى أنه في السابق كانت حجج الصناعيين أنهم يشترون لتر المازوت من السوق الحر بـ٣٠٠٠ ليرة، ورغم أن الكمية من المازوت الحر كانت لا تشكل 20٪ من المشكلة، والباقي كان الجميع يحصل عليه بالسعر المدعوم.
المستفيدون قلة
برأي عضو غرفة صناعة حلب لقطاع الصناعة النسيجية محمد صباغ أن التعليمات التنفيذية للقانون المذكور لم تتضمن المواد الأساسية لمعيشة المواطن، ضارباً مثال “صناعيو القطاع النسيجي والألبسة الذين يشكلون 60% من القطاع الصناعي لم يشملهم القانون وبقوا يدفعون 5% على استيراد المادة الأولية للخيط (بوي)، و5-10% على الأقمشة وبقية المستلزمات، في حين تستفيد مواد كيميائية للصباغة وغيرها من القانون، وهي لا تشكل سوى خمسة بالألف من الصناعات النسيجية، والألبسة! “.
وعليه سيستفيد من الحسم حوالي 5-10% من الصناعيين ممن يستوردون الآلات المعدنية، وأصحاب الميزانيات العالية، بينما بقية الصناعيين لن يستفيدوا لعدة أسباب أبرزها أن أغلب مستوردي المستلزمات والمواد الأولية هم من التجار الذين يحضرون كميات كبيرة من البضائع، فليس من المعقول أن يستورد الصناعي 40 طن من الحبيبات البلاستيكية في حين حاجته كل عدة أشهر، أو حتى خلال سنة لا تتجاوز 2 طن، كما أن التاجر غير مشمول بهذا الإعفاء نهائياً، وبالتالي فإن معظم صناعيينا لا يمكنهم الاستيراد بسبب قلة الكميات، أو بسبب عدم وجود رأس مال كافي لديهم، وبالرغم من ذلك كله فإنه قبل صدور القانون زاد سعر المازوت، والفيول، وبعد صدوره بعدة أيام زاد سعر الكهرباء، فكيف ستنخفض الأسعار في ظل زيادة سعر كل تلك المدخلات؟.
وأثار صباغ أمراً آخر وهو أن أغلب الصناعيين الآن بلا عمل فعلى سبيل المثل مشغل الخياطة يبيع المانطو بسعر 150 ألف، وهذا سعر مرتفع بالنسبة للمواطن، لكن بالمقابل فإن صاحب المشغل يبيع قطعة، أو اثنتين، ومن سعرها يحصل على تكاليف معيشته، وتكاليف تشغيل منشأته، وأجور العمال، ونحن الآن عاجزون عن التصدير في مجال الألبسة، ولاسيما أن المنافسة أصبحت قوية كون المنتجات التركية أخذت الحصة الأكبر من أسواق دول الجوار مع المنتجات الصينية.
ليست كما يذكر!
وأشار صباغ إلى أن أرباح الصناعي ليست كما يذكر البعض بأنها 80% ، أو حتى 25% ، موضحاً أن الكثير من الصناعيين في حلب عند جرد منشآتهم لهذا العام كانت 4-8 % وبأحسن الحالات، بينما نجد أن أرباح تاجر استورد كونتر (حاوية) من مادة الفرو بوزن 15 طن تصل إلى 30%، ودون أن يعاني من أزمات الكهرباء، والمازوت، والفيول، وغيرها من متاعب الصناعي!.
واستبعد صباغ أن تكون مشكلة الصناعي مع وزارة الصناعة، فالوزارة ليست مسؤولة عن تقديم مواد، أو دعم، بل هي التي تنسق فقط، ومشكلاتنا كصناعيين مع الجهات الأخرى المسؤولة عن تأمين المدخلات، وحوامل الطاقة كوزارات الكهرباء، والنفط، والزراعة إضافة لوزارة المالية، ومديرية الجمارك، ومدى تجاوب تلك الجهات لتأمين هذه المدخلات، فمؤخراً أصبحت الجمارك تحسب رسومها على سعر الدولار 2500 ليرة بعد أن كان 1200 ليرة وهذا القرار ضاعف الرسوم، وترك أثره على زيادة التكاليف.
وقلل صباغ من حجم فرضية وجود صناعيين متاجرين بالمازوت، وخاصة مع وجود جهات تشدد رقابتها على الصناعي في حلب حيث تنشط دوريات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
الصناعي مبتلي
أحد أعضاء غرفة صناعة حلب (رفض الكشف عن اسمه) فضل عدم الرد على النقاط المثارة، وتابع: نحن كصناعيين في حلب توقفنا عن العمل تقريباً منذ عدة أشهر، والآن هناك من يتهمنا بالاحتكار وتحقيق مرابح خيالية!، لذا ما نريده هو أن تتحرك عجلة عملنا وبأقل هامش ربح، ولا نريد 80% من تلك الأرباح المزعومة.
لا يستحق الرد
كما تواصلنا مع المكتب الإعلامي لغرفة صناعة دمشق وريفها لمعرفة رأيهم حول النقاط المثارة أعلاه، إلا أنهم اعتبروا أن هذا الكلام مكرر، ودائماً هناك اتهامات للصناعي، وهو شيء ليس بجديد، ولا يستحق حتى الرد عليه من قبل أعضاء الغرفة كون عضو جمعية حماية المستهلك لم يحدد أساساً ما هي الأمور التي استند عليها في انتقاده للصناعيين وتحديد نسب أرباحهم واتهامهم، ومع ذلك كنا نفضل أن نسمع رداً رسمياً من الغرفة لمناقشة هذا التحقيق وإغناء معلوماته من جميع الأطراف، وهي ليست المرة الأولى التي لا ترد فيها غرفة صناعة دمشق عن تساؤلاتنا!!.
خير الأمور أوسطها
في النهاية الجميع يعيش واقع صعب، وخاصة الصناعي السوري الذي نثمن مواقفه، وتشبثه ببلده، ولكن بالمقابل علينا دائماً أن ننظر إلى كل الجوانب فكما قلت أرباح الصناعي قلّت قيمة أجور العامل، والموظف إلى الحد الذي يهدد متطلبات معيشته اليومية وعلى جميع الصناعيين والجهات المعنية العمل والتعاون لتخفيف الأعباء قدر الإمكان وبما يرضي جميع الأطراف حتى لو خفف ذلك من أرباح الصناعي باستخدام معايير موضوعية وواقعية تضمن استمرار الجميع وإلا سيخسر الكل!.
بشار محي الدين المحمد