الجائحة تُغير الاستراتيجيات
سمر سامي السمارة
هناك ما يسترعي الاهتمام عند الحديث عن التغيرات التي يتعذر إلغاؤها، خاصة أن هذه التغيرات يمكن أن تتسبب بعدم الارتياح في البداية، لكن عندما يفهم المرء ويقبل ما يجري، يمكن لهذا التغير أن يأخذك من عالم الاستراتيجيات ويخلق فرصة للتركيز على التكتيكات بدلاً من ذلك.
في الحقيقة، إن عدم وجود بديل هو أيضاً مصدر ارتياح، خاصة إذا كان السبيل الوحيد للمضي قدماً هو في الوقت ذاته الخيار الصحيح الوحيد. لذلك قد تأتي الحاجة إلى الاختيار مرة أخرى والتعامل مع الهيكليات المعقدة الجديدة بمثابة صدمة، وقد تكون استحالة الاستمرار في اتباع المسار المألوف مخيفة. ومع ذلك، فهي أيضاً فرصة لاتخاذ مسار مختلف بدلاً من البقاء على المسار الذي قد ينتهي إلي طريق مسدود.
حدثت جائحة الفيروس التاجي عام 2020، ورأى كثيرون أنها من أكثر فترات السلام العالمي ديمومة واستقراراً مقارنة بويلات الحرب العالمية الأخيرة التي مضى عليها 75 عاماً. أي أن الحروب التي تشنها الدول لاتقارن بتبعات الوباء، ما يجعل من المستحيل إدراج عواقبه في مصفوفة علاقات القوة بين الدول.
ووفقاً لذلك، على عكس النزاعات العالمية التي تؤدي إلى نشوء هيكل هرمي جديد ونظام عالمي يتوافق مع هذا الهيكل الهرمي، لا شيء من هذا القبيل قد يحدث مع الوباء.
لم يشهد العالم من قبل على مدى التاريخ، جائحة بهذا الحجم، ولم يحدث من قبل أن حدثت صدمة بهذا الحجم غير التي تسببت فيها الحروب الكبرى، وهو الحدث الذي سيتصدر جدول الأعمال السياسي العالمي.
إلى حد كبير، أصبح الوباء لحظة فاصلة في إعادة التوزيع العالمي للسلطة، وكذلك بالنسبة لاقتصاد السوق الليبرالي والنظام الرأسمالي، وكانت إمكانية التغيير موجودة بالفعل قبل الوباء. لكن بغض النظر عن التطورات السابقة، فقد ظهر الوباء كتحد عالمي لجميع البلدان في أنحاء العالم، حيث يختبر استجابات، وتمثيلات الجميع وقدراتهم التي تحددها الخوارزميات التي تدعم سلوك الدولة الحديث. لذلك اتخذت معظم البلدان إجراءات مماثلة منذ بداية الوباء، لكن النتائج التي حققتها اختلفت بشكل كبير.
لقد مر ما يقرب من عامين منذ أن تحول هذا الفيروس الغريب إلى جائحة عالمية، وكُتب الكثير عن هذا الموضوع، كما حاولت معظم وسائل الإعلام العالمية تقييم التطورات الجارية وحتى النظر إلى المستقبل.
وعليه، يمكن القول إن تغيير المستقبل هو إحدى النتائج الرئيسية للوباء، ويمكن أن يتخذ هذا المستقبل مسارات متعددة، وأن تتكشف الأحداث في ظل سيناريوهات مختلفة وتحقق مجموعة كبيرة ومتنوعة من النتائج واسعة النطاق.