الزراعة في “جزر الواق واق”
دمشق – بشير فرزان
رغم التأكيدات المتتالية من قبل وزارة الزراعة عن استمرار الدعم الحكومي للقطاع الزراعي والحرص على توفير احتياجات المزارعين إلا أن الواقع الزراعي ينتفض بقوة في وجه هذه التأكيدات التي تتلاشى أمام حقيقة ما يعانيه الفلاح لتأمين مستلزماته التي يكشف غيابها عورة العمل الزراعي بشكل فاضح وبشكل يجر التصريحات الزراعية إلى جزر الواق واق التي لم تستطع التغلب إلى الآن على التحديات التي تواجهها والمتمثلة كما أنبأت الفلاحين في كل محافظاتها بضعف كفاءة الاستثمار الزراعي في الموارد الطبيعية الأرضية والمائية نتيجة عدم الاعتماد على أساليب الزراعة الحديثة و التكنولوجيا والمكننة الزراعية والاستمرار بالأساليب التقليدية.. والغريب أن يتحمل الفلاح وزر هذه التحديات رغم براءته منها “براءة الذئب من دم النبي يوسف”، كما يقال.
ولن نتعمق أكثر في التحديات التي تعترض تطوير القطاع الزراعي كونها باتت مكررة، ولم يستطع احد إخراجها إلى ساحة الحل والمعالجة، وبما يوطد العلاقة بين الفلاح وأرضه، وبما يكفل حماية أرزاقه التي أفنى حياته في العمل ليل نهار من أجل الحفاظ عليها، ولاشك أن الضربات الموجعة التي يتلقاها في كل عام تثبت أن آماله اتكأت على الكثير من المصفوفات الورقية التي كانت سبباً مباشراً في زيادة خسائره وتعميق مشكلاته، هذا عدا عن التفاوت الكبير في الأرقام التي تقدم ضمن منظومة الدعم الزراعي وبين ما يصل إلى أرض الفلاح بشكل فعلي دون أية منغصات وأعباء مالية إضافية وغير قانونية.
وما يثير الغرابة أنه في الوقت الذي يهدد الأداء الضعيف للجهات المعنية القطاع الزراعي برمته، ترتفع وتيرة الأحاديث الصادحة في ساحة الانجازات والأرقام والمشاريع والبرامج التنموية التي لو صدقت بنتائجها لكان الفلاح بألف خير، خاصة أن الجهات المسؤولة لم تف بالتزاماتها ووعودها بتأمين تصريف منتجاته وتسويقها و مراقبة الأسعار وانتهاج سياسة تساهم في تأمين المستلزمات الزراعية وتسهيل وصولها للفلاحين كي تضمن حقوقهم وتحافظ على أرضهم. وطبعاً الطرح هنا ليس بقصد الإساءة لأي جهة بل مجرد محاولة لإيقاظ من استسهل الوعود على حساب العمل الفعلي.
ما نراه اليوم على الساحة الزراعية لا يبشر بمواسم زراعية وافرة كما يفتخر البعض من وراء مكاتبهم، وهم بالأساس يختبئون وراء الظروف لتبرير الانتكاسات المتتالية دون العمل على إيجاد منظومة دعم حقيقة للفلاح تمنحه فرصة استثمار كل شبر من أرضه .. زبالمحصلة في كل عيد للفلاحين وفي كل مناسبة تتم الإطاحة وبشكل متعمد بالعمل الزراعي وبمستقبل الفلاح وبحياته من قبل وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة وغيرها من الجهات المختصة بالتسويق والتصنيع، والدليل موجود، ويتمثل بأن كل جهة تزرع “الزيوان ” في أرض غيرها ليحصد الجميع الإخفاق وعدم الاتفاق على إستراتيجية زراعية موحدة تقوم على تحقيق مصالح الفلاح وتستثمر بشكل ايجابي ومجد خيرات هذا البلد الزراعية التي – وللأسف – تهدر على مرأى الجميع لتبقى بيادر جزر الواق واق عامرة بسنابل فارغة ووعود أقل مايقال فيها أنها “خلبية”.