50 ألف مصروف يومي لطالب مدرسي .. و أولياء الأمور يطالبون بكبح هذه الظاهرة!!
دمشق – رامي سلوم
انعكست آثار الواقع الاقتصادي والمعيشي للأسر السورية على الطلبة في المدارس، حيث برز ضعف القدرة الشرائية، وتباين الإمكانات المادية بين فئات المجتمع بشكل واضح. وقد طفت هذه المشكلة على سطح النقاشات التي دارت في اجتماعات أولياء الأمور الذين اشتكى بعضهم من مبالغة البعض في منح أبنائهم المصروف اليومي أو في توفير أنواع مرتفعة الأسعار من الأطعمة المصنعة وغيرها من المواد التي يصطحبونها للمدرسة.
وما يثير الانتباه مطالبة أولياء أمور لإدارات المدارس بوضع حد لمظاهر المبالغة والاستعراض، وعدم السماح بالتباهي وإظهار الفوارق الطبقية بين الطلبة، خصوصا أن أطفالهم في سن صغيرة لا يمكنهم التمييز بين الصواب والخطأ، كما يتعاملون مع المواقف بأسلوب غريزي وعاطفي، ولا يمتلكون مهارات اللباقة وضبط النفس، لافتين إلى أنهم تعرضو للإحراج بسبب عدم قدرتهم على تلبية مطالب أولادهم، كما شعروا بالعجز لتركهم أولادهم يعانون الغيرة والإحباط دون أن يتمكنو من مساعدتهم.
وفي وقت أكد مسؤولون تربويون، وأخصائيون اجتماعيون، العمل على معالجة الظاهرة اجتماعيا، أكد أولياء أمور أن استعراض بعض الطلبة وأسرهم للإمكانات المادية في ظل ظروف اقتصادية لا حاجة لشرح صعوباتها، وفقا لهم، يعتبر نوعا من الاستفزاز، خصوصا أنه يمارس على أطفال في سن صغيرة، لا تستوعب إدراكهم مثل تلك الفروقات.
وأوضح مدير تربية دمشق سليمان يونس أنه لا يمكن فرض نوعية طعام الأطفال في المدارس على الأهالي، مؤكدا أن مديرية تربية دمشق ستعمل بالتنسيق مع دائرة البحوث والمرشدين الاجتماعيين على معالجة مثل هذه الحالات في إطار اجتماعي وتوعوي.
وأشار إلى أنه سيتم التأكد من تدخل المرشدين الاجتماعيين في اجتماعات أولياء الأمور، والتواصل مع جميع الأهالي بغرض الوصول إلى تفاهم ضمني بضبط مثل هذه الممارسات، مؤكدا أن الموضوع سيكون ضمن رؤية المديرية وتوجيهاتها في المرحلة المقبلة، لضمان بيئة مدرسية أفضل من خلال إضفاء مزيد من الانسجام بين الطلبة والبيئة التعليمية بشكل عام.
وأوضح يونس أنه في غالبية الأحيان لا يكون الاستعراض مقصودا، وأن بعض أهالي الأطفال يعتبرون تزويد أولادهم بأنواع الحلوى والتسالي نوعا من الترغيب للإقبال على المدرسة، من دون قصد التعرض لبقية الأطفال بأي سوء، أو بنية التباهي، أو تمييز ولدهم عن أقرانه، وهو ما سيتم العمل على الحد منه بمساعدة الأخصائيين الاجتماعيين لزيادة التوعية في هذا الإطار الذي وصفه بالمهم.
وأشار يونس إلى أن تعزيز البدائل الطبيعية، وتوجيه الأهالي إليها باعتبارها أكثر فائدة غذائية، سيشكل دافعاً وبديلاً جيداً لأنواع الأطعمة المعلبة غير الضرورية، والتي لا تشكل أية قيمة إضافية للنشاط الذهني والبدني للطالب، مؤكداً ثقته بوعي أولياء الأمور، واستجابتهم للحلول البسيطة، وعدم تعمدهم إبراز أية فروق بين الطلاب.
من جانبها، أشارت الأخصائية الاجتماعية هبة موسى إلى أن من واجبات الأسر اليوم مراعاة تباين القدرة المادية، خاصة أن المظاهر طغت على أسلوب الحياة في المجتمع، وباتت تمثل الهدف الأول للعديد من الأسر والأهالي، غير أن تعمد إظهار الفروق بين الأطفال يمثل حالة من الجهل، فبمعزل عن الضرر يمكن أن يلحق بالأطفال، فإن الضرر الأساسي يقع على الطفل الذي يتعمد ذووه تمييزه عن أقرانه، ليس بقدراته، أو تعزيز مواهبه، بل بالمواد الاستهلاكية، وبأشياء خارجة عن قدرته الحقيقية، ما يمكن أن يؤثر على مستوى شعوره بالتميز ورغبته الدائمة في الوصول إلى هذا الشعور من دون أن تسعفه إمكاناته بذلك، ما يشكل بداية للإنحراف، والإنجرار إلى الخطأ لإضفاء تميز معين على شخصيته مع مرور الوقت.
وفي السياق نفسه، أقر تربويون ومدراء مدارس بوجود مبالغة من قبل أهالي في “تدليل” أطفالهم، حيث رصدوا إرسال والد طالب مبلغ 50 ألف ليرة معه إلى المدرسة، كان ينفق منها على زملائه المقربين، ما دفع إدارة المدرسة للتواصل مع الأهل للتأكد من مصدر الأموال، وأكد هؤلاء أنهم أرسلوا المبلغ مع الطالب بموافقتهم، ما دعا الإدارة إلى طلبهم لاجتماع بغرض التفاهم لعدم تكرار مثل تلك الحالات.