جهود غير مكتملة..!
معن الغادري
الوفود الحكومية التي تزور حلب تباعاً، وكان آخرها زيارة رئيس مجلس الوزراء على رأس وفد حكومي عالي المستوى قبل يومين، تدللّ على رغبة الحكومة بتقديم كل الدعم الممكن والمتاح للانتقال بالمحافظة من مرحلة التعثر إلى مرحلة النهوض وتجاوز الصعوبات التي تعترض سير العملية التنموية والإنتاجية، ولكن تبقى هذه الجهود منقوصة وغير كافية لجهة ضبط عقارب الساعة في الاتجاه الصحيح وتحديد ما هو مطلوب لتغيير المشهد العام، ومردّ ذلك غياب التنسيق وعدم توظيف الدعم الحكومي ضمن المسارات المرسومة الصحيحة، وخروج معظم القرارات عن سياقها واستمرار العمل بأساليب نمطية وتقليدية، وهو الذي لم يسهم في حلّ المشكلة بل أخلّ بشكل أو بآخر بميزان العمل، والأمثلة كثيرة في هذا السياق، وخاصة ما يتعلق بملف الأسواق الموسوم بالفوضى وعدم الاتزان، إضافة إلى ملفات أخرى تتعلق بالخدمات وبمشاريع التنمية المتراجعة، ما يعكس المشهد الارتجالي السائد في العمل الخططي والتنفيذي على حدّ سواء، وضعف الرؤية في معاينة وتشخيص الواقع الحقيقي، والتي بدورها أفرزت قرارات متناقضة زادت الطين بلة!.
أمام هذا الكمّ المتزايد والمتسلسل من الأزمات المستعصية تبرز الكثير من الأسئلة غير الواضحة والمبهمة، نأمل أن تلقى الصدى لدى الفريق الحكومي الذي عاين الواقع عن قرب، وأن يبادر فوراً لمعالجة الأخطاء والتحضير المنطقي والمدروس للعام الجديد.
أما الحديث عن إنفاق أكثر من 20 مليار على عدد من المشاريع التنموية في المدينة والريف، منها منشأة مسكنة للري والسوق الشعبية في دير حافر، وتأهيل مدخل حلب الغربي ومشروع تجميل مركز المدينة – سوق الهال – ومشروع محطة تحويل في هنانو ومعمل أعلاف تل بلاط وتأهيل جسر عسان والنيرب، فيثير الكثير من الأسئلة المشروعة حول الفترات المتباعدة جداً في التنفيذ، وخاصة إذا علمنا أن معظم هذه المناطق تمّ تطهيرها من الإرهاب عامي 2015 و2017.
وهنا لا ننفي قطعاً أهمية هذه المشاريع في دفع العملية التنموية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه المعادلة غير المفهومة، وحلب تحتفل بالذكرى الخامسة لتطهيرها من الإرهاب، هو: أين المشاريع الاستثمارية الحقيقية الداعمة للاقتصاد الوطني ولخزينة الدولة والتي تؤمّن المزيد من فرص العمل، ولاسيما أن حلب تشكل ثقلاً مهماً وناشطاً في خريطة الاستثمار بمختلف صنوفه وألوانه.
ونعتقد كما يعتقد كثيرون أن أولويات النهوض الحقيقي بحلب بعيداً عن التطبيل والتزمير لإنجازات وهمية تتجلّى بإقامة مشاريع حيوية وتنموية واستثمارية حقيقية تعيد حلب إلى سابق عهدها من الحراك الاقتصادي الفاعل والمؤثر والداعم للاقتصاد الوطني، كما الحاجة أكثر من ماسة لإنجاز مشروع المخطط التنفيذي وإطلاق مشروع التطوير العقاري، والبحث عن حلول ناجعة وناجزة لملف الاستثمار السياحي المتعثر، حينها يمكننا القول إن حلب بدأت تتلمّس طريق النهوض الحقيقي.
خلاصة القول: التغيير يجب أن يبدأ من “تغيير الذهنية والعقلية”، وتحديث طرق وأساليب المعالجة، والأهم هو التخلي عن الأنا المتورمة في الجسد المؤسّساتي، و”ترسيخ القناعة” بأن إحداث أي فارق ممكن ومتاح فيما لو توفرت النوايا الصادقة والمخلصة، وهو ما نأمله وننتظره مع بداية العام الجديد.