روسيا تدعو “ناتو” مجدّداً إلى وقف التوسّع شرقاً
دعت روسيا الولايات المتحدة إلى “عدم تشويه الحقيقة” واتخاذ خطوات من شأنها في الواقع خفض التصعيد حول أوكرانيا.
وجاء هذا النداء في بيان نشرته السفارة الروسية في واشنطن على حسابها في “تويتر” اليوم الأربعاء، ردّاً على تغريدة ذكر فيها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أن “روسيا ووكلاءها وليس أوكرانيا أو الولايات المتحدة مسؤولون عن تصعيد التوترات”.
وقالت السفارة الروسية في بيانها: “ندعو الخارجية الأمريكية إلى عدم تشويه الحقيقة، ومن أجل خفض التصعيد يتعيّن على الولايات المتحدة الامتناع عن إنشاء مواقع عسكرية موجّهة ضد روسيا عند حدودنا”.
وطلبت السفارة الروسية خصوصاً من الولايات المتحدة التعهّد بوقف امتداد حلف ناتو شرقاً وعدم منح أي من الدول المنتمية سابقاً إلى الاتحاد السوفييتي العضوية فيه وعدم استخدام البنى التحتية الخاصة بها لممارسة أي أنشطة عسكرية وعدم تطوير التعاون العسكري الثنائي معها.
ولفتت السفارة إلى أن هذه الخطوات ستتيح خفض التوترات الخطيرة في أوروبا وإبرام اتفاقات بخصوص ضمانات تتعلق بـ”أمن متساوٍ لا يتجزّأ”.
ويتماشى النداء مع المبادرة الروسية الرامية إلى إبرام اتفاقيتين بخصوص هذه الضمانات الأمنية بين موسكو من جانب والولايات المتحدة وناتو من جانب آخر.
وجاءت تغريدة برايس في معرض تعليقه على اتهام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو شركات أمريكية خاصة بتحضير استفزازات كيميائية في منطقة نزاع دونباس جنوب شرقي أوكرانيا.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن المباحثات بشأن مبادرة الضمانات الأمنية التي قدّمتها موسكو إلى حلف ناتو والولايات المتحدة ستبدأ أوائل العام القادم.
وذكر لافروف في مقابلة حصرية أجرتها معه اليوم الأربعاء شبكة RT، أن الادعاءات القاضية بأن المبادرات الروسية بشأن وضع نظام ضمانات أمنية مع ناتو وواشنطن لخفض التوترات في أوروبا لم تتلقّ إلا التجاهل من الغرب غير صحيحة على الرغم من التصريحات “غير المناسبة” التي تأتي على لسان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
ووصف الوزير ردّ الأمريكيين على المبادرات الروسية الجديدة بأنه “مهني”، قائلاً: “جرت سلسلة اتصالات على مستوى المساعدين المعنيين بالشؤون الخارجية لرئيسي روسيا والولايات المتحدة، وخلال الاتصال الأخير تم تنسيق النواحي التنظيمية للعمل المستقبلي، وتم الاتفاق على أن الجولة الأولى من المباحثات ستجري أوائل العام القادم بين مفاوضين روس وأمريكيين وقد تم تحديد أسمائهم وهي مقبولة لكلا الطرفين”.
وأضاف لافروف: إن موسكو تنوي في كانون الثاني القادم أيضاً تفعيل منصة تفاوضية لمناقشة المقترحات الروسية بشأن إبرام اتفاقية أمنية مع ناتو، لافتاً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش هذا الموضوع مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني الجديد أولاف شولتس مؤخراً، وأكد لهما أن موسكو ستطرح مسألة الضمانات الأمنية على النقاش ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وتابع: “هكذا تتبلور هناك ثلاثة اتجاهات للحوار، ويبدو لي أن هناك توافقاً بين موسكو وواشنطن على الأقل بشأن ضرورة تفعيلها، ولا أرى أيّ سبب يتناقض مع مصالح أي دولة أخرى في منطقتنا المشتركة”.
ولفت الوزير إلى أن الأمريكيين أبدوا استعدادهم لمناقشة مجموعة من مباعث القلق المطروحة في الاقتراحات الروسية ووصفوا نقاطاً أخرى بأنها “غير مقبولة”، كما قالوا: إن لديهم مباعث قلق خاصة بهم.
وتابع: “نحن مستعدّون للنظر فيها، لكن لم يتم إطلاعنا عليها بعد. ورغم التفاهم بشأن النواحي التنظيمية، هناك الكثير ممّا يتعيّن القيام به فيما يخص مضمون المباحثات، وسبق أن ذكر الرئيس أن هذا العمل لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، لأن التهديدات تتصاعد حولنا باستمرار خلال العقود الأخيرة، وتقترب البنى التحتية الخاصة بـ”ناتو” من حدودنا بشكل مباشر، وتعرّضنا للخداع مراراً ابتداء من وعود شفهية وصولاً إلى التزامات سياسية مطروحة في اتفاقية روسيا- ناتو الأساسية، ولذلك نصرّ هذه المرة، كما قال الرئيس بوتين، على ضرورة تقديم ضمانات قانونية إلزامية”.
وشدّد لافروف على أن حزمة من المبادئ التي تم توقيعها على أعلى مستوى بصفة التزامات سياسية تشكّل حجر الأساس لنظام الأمن اليوروأطلسي، بما فيها مبدأ الأمن المتساوي وغير المجزّأ الذي ينص على أنه لا يجوز لأي من دول المنطقة اليوروأطلسية أو لأيّ من أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تعزيز أمنه على حساب الآخرين.
وفي سياق متصل، حذر لافروف من أن موسكو قد تضطرّ إلى الردّ على الإجراءات التي تتخذها ألمانيا بحق وسائل إعلام روسية على أراضيها.
ووصف لافروف الإجراءات التي تعرضت لها قناة RT DE الناطقة باللغة الألمانية بأنها “صارخة”، مشيراً إلى أن السلطات الألمانية، على الرغم من محاولاتها النأي بالنفس عن القضية، فعلت منذ البداية كل ما كان بوسعها بغية رسم صورة سلبية للقناة الروسية في المجتمع الألماني وبين الجهات الرسمية في هذا البلد ومنع بث القناة.
وأبدى لافروف قناعته بأن حكومة برلين تتحمّل المسؤولية المباشرة عن حملة التمييز التي تعرّضت لها القناة، قائلاً: “إن الدولة التي تتخذ في أراضيها مثل هذه الإجراءات التعسفية هي التي تتحمل المسؤولية عنها، وليس أيّ يوتيوب”.
ولفت لافروف إلى أن وسائل الإعلام الروسية تتعرّض للتمييز منذ سنوات، مؤكداً أن حكومة موسكو نظرت غير مرة في إمكانية الردّ بالمثل لكن حتى الآونة الأخيرة سادت القناعة بأن روسيا لا تنوي انتهاج سلوك “خنق الصحافة” الذي يتبعه شركاؤها الغربيون.
وتابع: “لكن، مثل ما هو عليه فيما يخص ضمان أمن روسيا، لدى أي صبر حدود، ولا أستبعد أننا سنضطر، إذا استمر هذا الوضع غير المقبول، إلى الردّ عليه”.