أوروبا تغامر باستعداء روسيا خدمة لـ “واشنطن”
تقرير إخباري
رغم أن روسيا أكدت غير مرة أنه لا نية لديها لشنّ أي عملية على أوكرانيا، وأن كل التقارير التي تتحدّث عن ذلك كاذبة والغرض منها تصعيد التوتر في المنطقة وتأجيج الخطاب المعادي لها استعداداً لعقوبات اقتصادية جديدة عليها، إلا أن أوروبا تصرّ على اقتفاء الأثر الأمريكي، وهو تصعيد منسوب التوتر مع روسيا وصولاً إلى تنفيذ الرغبة الأمريكية في فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا ستكون أوروبا بالمحصلة هي الخاسر الأكبر منها، نظراً إلى اعتمادها على سوق الطاقة الروسي في ظل أزمة غاز خانقة تعانيها الدول الأوروبية، وذلك دون أدنى تفكير في إمكانية تعويض إمدادات الغاز الروسية إذا ما ردّت موسكو مثلاً، وهذا نتيجة طبيعية حال اندلاع نزاع عسكري معها، بقطع إمدادات الغاز الروسي.
في هذه الظروف الصعبة والحرجة، ذكرت صحيفة “فيلت” الألمانية أن حلف “ناتو” رفع مستوى الاستعداد القتالي لقوات الرد السريع التابعة له “بسبب تصرّفات روسيا”. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي رفيع في الحلف لم تذكر اسمه، أنه “نظراً لحشد القوات الروسية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، ردّ ناتو بأول إجراء عسكري ملموس ورفع استعداد قواته للرد السريع البالغ عددها 40 ألف فرد”.
وحسب “فيلت”، فإن مجلس شمال الأطلسي اتخذ القرار بهذا الخصوص الأسبوع الماضي، مع أن الصحيفة شدّدت على أن المتحدث الرسمي باسم الحلف لم يؤكد هذه المعلومة، واكتفى بالإشارة إلى أن “سياسة ناتو تجاه روسيا تبقى ثابتة (وتتمثل في) الدفاع والحوار”.
في جميع الأحوال تسير الدول الأوروبية تحت ستار “ناتو” في الطريق الخاطئ عندما تعتقد أن باستطاعة الحلف تأمين الحماية لها في حال اندلاع أيّ نزاع عسكري مع موسكو مباشرة أو عبر الوكيل الأوكراني، لأن روسيا هدّدت مراراً بأن أيّ محاولة لنشر مزيد من القوات القتالية لحلف “ناتو” على حدود روسيا الغربية سيتم الرد عليها عسكرياً بشكل متناسب، وبالتالي ينبغي على أوروبا أن تتوقع قيام روسيا بتنفيذ تهديداتها “بنشر أسلحة نووية تكتيكية وناقلاتها على أراضي بيلاروس في إطار التزامات التحالف الثنائية. وهذه الصواريخ بالذات ستوجّه إلى الأهداف التي تشكل تهديداً على أراضي دول ناتو”، على حدّ قول رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني الروسي، إيغور كوروتشينكو، وهذا لن يكون خياراً سهلاً بالنسبة إلى الدول الأوروبية، وبالتالي يتعيّن على أوروبا أن تفكّر مليّاً قبل أن تفكر بالانصياع لقرارات “ناتو” الصادرة أصلاً من واشنطن.
ومن هنا فإن الإدارة الأمريكية صعّدت حملتها الإعلامية ضدّ روسيا لإيهام أوروبا بأن هناك بالفعل غزواً روسياً وشيكاً لأوكرانيا، ومنها طبعاً بحضور فوبيا الخوف من روسيا لغزو أوروبا، الأمر الذي يضع أوروبا بالكامل أمام خيار واحد لا غير وهو الاستعانة بـ”ناتو”، وبالتالي يقوم الحلف تحت ستار حماية أوروبا بالتمدّد شرقاً إلى حدود روسيا بخلاف التفاهمات معها، ولا تمثل أوكرانيا أو جورجيا أيّ أهمية لواشنطن، إلا بمقدار ما تقدّمه أيّ منهما من خدمة للولايات المتحدة في إطار هدفها الرئيس وهو محاصرة روسيا وعزلها، وهذا ما يعرفه الدب الروسي جيداً ولن يتوانى مطلقاً في الردّ عليه حسب تهديدات جميع مسؤوليه.
طلال ياسر الزعبي