نظرية الرئيس الصيني الدينية
إعداد: فسم الدراسات
من الطبيعي جداً أن تكون التقاليد التاريخية والخلفيات الثقافية والأنظمة الاجتماعية والقيم والعقائد الدينية التي تختلف من شعب الى آخر موضع الاحترام، بحيث يكون لكل دولة الحق في اختيار النظم الاجتماعية والطرق التنموية بإرادتها. وعلى هذا الأساس، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى تطوير نظرية دينية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والعمل بما يتماشى مع السياسات الأساسية للحزب إزاء الشؤون الدينية، مشدداً على أهمية الشؤون الدينية في عمل الحزب والدولة، والعمل بما يتماشى مع السياسات الأساسية للحزب إزاء الشؤون الدينية، والتمسّك بمبدأ أن الأديان في الصين يجب أن تكون صينية التوجه.
وحتى تاريخ حديث، كان الدين مهمّشاً نسبياً في الدوائر السياسية. ذلك لأن المفهوم والنظريات الأولى في التنمية كانت متجذرة في تقليد عصر الأنوار والحداثة. ويعتبر هذا الاستبعاد مفاجئاً وغريباً جداً إذا اعتبرنا أن المساعدة على التنمية تجد أصلها في البعثات التبشيرية والمبادرات ذات الدوافع الدينية في الحقبة الاستعمارية. و اليوم، لا تزال التنظيمات الدينية لاعباً أساسياً في منظومة المساعدة. وهكذا، تتناقض اللامبالاة إزاء الدين والإيمان مع الدور الرئيسي للدين في الحياة اليومية للأفراد والمجموعات، وبدرجة خاصة في العالم النامي.
وبحسب المجلّة الدولية لسياسة التنمية في عددها الأخير لعام 2021، وتحت عنوان “الدين والتنمية: إعادة النظر في اللائكية كمعيار”، فقد تنبأ علماء الاجتماع منذ مدّة طويلة بتراجع تأثير ودور الدين أو الأديان في المجتمعات المسمّاة بالحديثة. وفي المنظور الوضعي عند أوغست كونت، تعتبر الديانات نوعاً ما عقبة في وجه التقدم. وبحسب ماكس فيبر، تؤدي عملية العقلنة التي تصاحب التحديث إلى “خيبة أمل في العالم”، بحيث يرتكز البحث عن الحقيقة بدلاً من الارتكاز على المعتقدات الدينية والأساطير والسحر.
ولا يعني ذلك أنه يجب إهمال دور التقاليد الدينية، كما أشار فيبر في أطروحته “الدور المركزي للأخلاق البروتستانتية في تطور الرأسمالية”. بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر بالاعتراف بأن فصل الكنيسة عن الدولة قد أدّى إلى انتقال سلطات المؤسّسات الدينية إلى مؤسسات الدولة العلمانية في البلدان الغربية التي كانت شاهدة على بروز نظام علماني تحت سلطة مؤسّسات اجتماعية علمانية. وبقدر ما تمتد عملية التحديث والعصرنة، من المركز نحو الأطراف، فقد توقع الكثيرون أن يروا البلدان النامية تحذو حذو البلدان المتقدمة.
لكن رغم تكثيف وتيرة العولمة بعد الحرب الباردة، فمن المؤكّد ملاحظة أن أولئك الذين توقعوا زوال الدين قد أخطأوا. فقد أثبت الدين مقاومة منقطعة النظير، مثلما يشهد على ذلك تجدّد الحماسة الدينية على مستوى العالم، لأنه في ميدان الدراسات الدينية، تشكل الأديان بالطبع موضوع تحليلات معمقة منذ أمد طويل، سواء تمّ تناولها كوقائع اجتماعية أو رؤى للعالم أم مؤسّسات أو بنيات اجتماعية ذاتية مشتركة رغم الخلافات الحادة والمستمرة بشأن تعريف الدين ذاته.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس الصيني إلى تدريب فريق من مسؤولي الحزب والحكومة الذين يتمتعون بمهارة في الرؤية الماركسية بشأن الدين، وعلى دراية بالشؤون الدينية، ومؤهلين للانخراط في الأعمال المتعلقة بأصحاب المعتقدات الدينية لتحسين آليات التعليم والعمل المتعلقة بالأديان، وتعزيز إدارتها الذاتية، وتحسين سيادة القانون في حوكمة الشؤون الدينية. وبحسب الرئيس الصيني، ثمة حاجة إلى بذل جهود لتحسين حشد وتوجيه أصحاب العقائد الدينية للعمل مع عموم الجماهير لتطوير الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة على نحو شامل، وتحقيق حلم تجديد شباب الأمة الصينية، والتنفيذ الكامل والصادق لسياسات الحزب بشأن حرية المعتقد الديني، واحترام المعتقدات الدينية للشعب، وإدارة الشؤون الدينية وفقاً للقانون، والالتزام بمبدأ الاستقلال والإدارة الذاتية، وتوجيه الأديان بنشاط للتكيف مع المجتمع الاشتراكي.