تحديات
لا أحد ينكر حجم الملفات الضاغطة التي تواجه العمل الحكومي على مدار الساعة بفعل تداعيات الحرب القذرة والإرهاب وحصار قيصر التي استهدفتنا كدولة كانت تتجه في لحظة معينة بسرعة الصاروخ لتحجز لنفسها الموقع الذي تستحقه ويليق بها بين الأمم، لنتحوّل بعد أحد عشر عاماً إلى دولة مسكونة بالأوجاع والآلام والمعاناة التي لم يسبق أن عاشها أو تعرّض لها شعب لا في العصر الحديث ولا القديم، وهذا أمر بيّن واضح للجميع.
لا شك أن ملفات الحياة اليومية بكل أشكالها وتحديات ومصاعب تأمين المشتقات النفطية وتواتر توريدها الذي ينعكس على استمرار واستقرار المنظومة الكهربائية بعد الخراب الذي أصابها ودوران عجلة الإنتاج يحتلّ الحيز الأكبر من تلك الاهتمامات.. إلى جانب تحديات تأمين متطلبات الغذاء وأولها القمح والرغيف بعد أن تحولنا من بلد يصدّر القمح ويتصدر قوائم بورصات إنتاج “القمح القاسي” في العالم إلى بلد يبحث عن تأمين حبة القمح، وزاد في الطين بلة فشل “عام القمح” الذي روّجت له وزارة الزراعة بتصريحات طوباوية حالمة بدون معالجة المسبّبات وتأمين مستلزمات السماد والأدوية الزراعية والوقود والآليات الزراعية وتحميل المناخ والظروف الجوية السبب!!.
وكذا الحال بالنسبة لملف الدواء وارتفاع أسعاره المتتالي ووفرة أصنافه بحجج شتى والتجاوب “الغريب” الذي تبديه وترضخ له على الدوام وزارة الصحة مع رغبات أصحاب المعامل والمستودعات ومنتجي ومصنّعي وموردي الدواء برفع الأسعار.. إلى ملف الغلاء الذي لم تفلح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ولا مرة واحدة في كبح جماحه وفرملة جنوح التّجار وهبوب وجنون الأسعار وتحكم الجشعين الذين لا يشبعون من تكديس الأموال في خزائنهم حتى ضاقت بها.. إلى ملفات التربية والتعليم وإعادة الإعمار وتداعيات الحرب على سلوك الأطفال والناشئة وحتى الكبار إلى آخر السلسلة التي لا تنتهي!.
بتقديرنا إن الملف المتعلق بقضايا الفساد وملاحقة الفاسدين وتعريتهم لا يزال بحاجة لمزيد من التفعيل والمكاشفة والشفافية التي تقتضيها وتتطلبها ظروف المرحلة وفق القوانين والأنظمة المرعية وأقواس العدالة المشرعة، ولا نزال بحاجة لإماطة اللثام عن رموزه والمتورطين فيه والتصدي له والتوسع في حيثياته بعد أن طال الخطب وبلغ السيل الزبى وتقديمهم للرأي العام للمحاكمة.. ما سيكون له وقعه على الناس ليس النفسي فحسب بل سيتخطاه لكثير من العناوين والمعاني التي تكرس قوة وحضور سلطة القانون وأن لا أحد على رأسه ريشة كما يقال، وفي ذلك مصلحة وخلاص وعلاج لصعابنا بفعل الثقة والهيبة التي سيمنحها.. أليس كذلك؟.
وائل علي
Alfenek1961@yahoo.com