ثقافةصحيفة البعث

في ذكرى رحيل مطرب الرجولة.. “ع البال بعدك..” يا فهد بلان!!

السويداء-رفعت الديك

رغم مرور ٢٤ عاماً على وفاته إلا أن أغنياته ما زالت حاضرة بين أبناء المجتمع كجزء مهم من التراث الغنائي السوري مثل “تحت التفاحة”.. “لركب حدك يالموتور”.. “ع البال بعدك يا سهل حوران”.. وغيرها الكثير من الأغاني التي اشتهر بها الراحل فهد بلان والتي ما زالت تُغنّى حتى اليوم حيث حققت انتشاراً واسعاً في أرجاء الوطن العربي، مطرب الرجولة، كما اعتاد الناس على تسميته، تصادف ذكرى وفاته في 24 كانون الأول.
وكانت السويداء حريصة على إحياء ذكرى الراحل الكبير عبر إطلاق مهرجان سنوي خاص في ذكرى وفاته تتضمن فعالياته ورشات عمل يشارك فيها عدد من الباحثين في الموسيقا وأمسيات غنائية موسيقية تحييها فرق فنية محلية ووطنية.
وإذا كان المهرجان في شقه الأول إحياء لذكرى وفاة بلان إلا أنه في الشق الثاني يهدف – حسب مدير الثقافة باسل الحناوي – إلى إظهار المواهب الفنية الموجودة في السويداء التي تملك الكثير من المبدعين وكذلك التذكير بموسيقى الزمن الجميل، مبيناً أنه للقامات الكبيرة ذكرٌ يُخلَّد بقصيدةٍ أو كلمةٍ أو نغمة تضفي على حياتنا رونقاً لا يتكرر وتكون بصمةً ملهمةً لأجيالٍ ومثالاً للعطاء والتميز والإبداع .
وحياة الراحل كانت زاخرة بالعطاء والإبداع وكان للبيئة التي نشأ فيها أثر كبير في ذلك العطاء فهو ابن جبل العرب حيث أخذ من صلابة بازلته صوته الجهوري، كما يقول الباحث معين العماطوري الذي أشار إلى أن فهد بلان استطاع بصوته الجبلي وأدائه الفني نقل تراث وبيئة بلاده إلى العالم العربي بأكمله، ليجعل الأغنية السورية مألوفة ومنتشرة، بشكل واسع وغير متوقع وقد برز اسمه في زمن عمالقة الطرب العربي، ليقف إلى جانب كبار المطربين العرب مثل عبد الحليم وفريد الأطرش وغيرهما بأغانيه الشعبية، ويقنع أحد أفضل الملحنين في تاريخ الموسيقى العربية (فريد الأطرش) بالتلحين له.

حكايات الفقر والنجاح
ولد الفنان فهد بلان في 22 آذار من العام 1933 في مدينة السويداء، ضمن أسرة فقيرة، واشتهر والده حمود بلان بقوته البدنية وكرمه، الصفات التي اكتسبها عنه فيما بعد ابنه فهد، حيث عمل فهد مع والده منذ طفولته، والتي كانت قاسية بعض الشيء، في الأراضي الزراعية، بالإضافة لعمله كمرافق سائق باص من وإلى دمشق.
يقول العماطوري إن بداية حياة فهد بلان الفنية كانت عن طريق اشتراكه في مسابقة غنائية أدى فيها أغنية ابن مدينته الفنان فريد الأطرش “تطلع يا قمر بالليل” حيث لاقى نجاحاً كبيراً آنذاك، ليتقدم بعد ذلك إلى الإذاعة السورية في دمشق، ويعمل في كورس الإذاعة وقتها.
ولُحِنت أول أغنيات فهد بلان “أه يا قليبي”، و”آه يا غزال الربى”، من قبل رجل غير موسيقي، على إيقاع عزفه على الطاولة وبدون أي آلة موسيقية.
وتعرف فهد بلان بعد إطلاقه تلك الأغنيات على الملحن السوري عبد الفتاح سكر، الذي لحن له مجموعة من الأغاني الشهيرة مثل “واشرح لها”، و”جس الطبيب”، و”لركب حدك يالماتور”، و”تحت التفاحة”، و”يا عيني لا تدمعي”، و”هالأكحل العينين”، و”يا سالمة” و”يا ساحر العينين” و”يا بنات المكلا”.
ويعتبر الملحن السوري عبد الفتاح سكر، السبب الرئيسي وراء انطلاق نجومية فهد بلان، لما لاقته الأغاني التي لحنها له من انتشار جماهيري واسع، وفي وقت قياسي في جميع أنحاء الوطن العربي.
ولم يتوقف فهد بلان عند الغناء فقط، بل شارك في العديد من الأفلام والمسلسلات المصرية، مثل “ليالي الشرق”، “حبيبة الكل” و”أفراح الشباب”، أما المسلسلات فكان أبرزها “أنا أنت” و”عجيب أفندي”.
تزوج الفنان فهد بلان من ثلاث نساء، أولهن الممثلة المصرية مريم فخر الدين وبعدها المطربة اللبنانية صباح ومن ثم الفنانة اللبنانية آمال عفيش، التي أنجب منها طفلاً واحداً هو إيهاب والذي يمتلك صوتاً جبلياً شبيهاً إلى حد التطابق بصوت والده.
وكانت الممثلة مريم فخر الدين أوضحت في أكثر من مقابلة لها، بحسب بعض المواقع المصرية، أن “فهد بلان كان من أطيب أزواجها وأكثرهم حناناً وكرماً، بالإضافة إلى أنه أحبها جداً، لكن أولادها من زوجها السابق “محمد الطويل”، لم يتقبلوه، السبب الذي أدى إلى طلاقها منه”.
وفي منتصف السبعينيات، عاد الفنان فهد بلان إلى وطنه الأم سورية، بشكل نهائي، حيث أصبح يقضي معظم وقته في مدينته السويداء، بعد أن اشترى لنفسه أرضاً زراعية، كما عمل على تأسيس فرع لنقابة الفنانين في المنطقة الجنوبية، ليبدأ بعد ذلك المرحلة الأخيرة من مسيرته الفنية، من خلال التقائه بالشاعر والموسيقي سعدو الذيب الذي قدم له واحدة من أجمل أغانيه وهي “يوم على يوم” ثم أغنيتي “سلامين” و”غالي علينا يا جبل”.
وتوفي “مطرب الجبل” عام 1997، إثر نزيف دماغي حاد، عن عمر يناهز 64 عاماً، في مدينة السويداء، تاركاً وراءه إرثاً لا ينضب من الأغاني الجبلية والتراثية، والتي مازالت حاضرة رغم الغياب.