مأزق السياسة الخارجية الأمريكية
تقرير اخباري
خلال الحرب الباردة في القرن العشرين كانت هناك أقسام للدراسات الروسية في الجامعات الأمريكية لم تكن تعتمد على التمويل من المجمع العسكري الأمني، وكان هناك نقاش عام، وخبراء مستقلون مثل ستيفن كوهين، لتذكير الجميع كيف رأى الروس الوضع. أما اليوم فقد باتت برامج الدراسات الروسية في الجامعات الامريكية معادية للروس، وكذلك داعموها الماليون. ونظراً لعدم وجود أكاديميين موضوعيين، لا يوجد أشخاص مطلعون في مجتمع الاستخبارات الأمريكية، بدليل البيان الأخير الذي أدلى به جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لـ بايدن، والذي أفاد بأن وكالات الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن بوتين “يفكر بجدية” في غزو أوكرانيا.
كان سوليفان من آخر جيل في الغرب يتم تعليمه بدلاً من تلقينه، حيث تم تلقين من جاء بعده أكاذيب حول الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، لذلك لم تدرك الأجيال اللاحقة إلى حد كبير أنه في غرب أوكرانيا المحتلة من قبل ألمانيا، تم تنظيم جيوش كبيرة ودمجها في مسيرة الجيش الألماني نحو روسيا. بعد ذلك بكثير، استخدمت واشنطن نفس الجيش ونفس المقاتلين للإطاحة بالحكومة الأوكرانية وتنصيب حكومة دمية أمريكية على الأراضي الروسية السابقة، وبات نظام واشنطن متعجرفاً لدرجة أنه لم يدرك أن صبر روسيا قد استنفذ، فيما تستمر آلة البروباغندا الامريكية ضخ المعلومات الكاذبة ونشر الخوف من روسيا.
وجراء هذا العداء الأعمى تجاه روسيا أضاف أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون أصواتهم إلى الدعاية التي تقول إن بوتين ينوي غزو أوكرانيا و “حرمان الشعب الأوكراني من سيادته”، لتمرير قرار ارسال سلاح إضافي بقيمة 450 مليون دولار الى القوات الأوكرانية. اذ تعد أزمة أوكرانيا برنامجاً لتسويق الأسلحة، حيث أن الجمهوريين الذين يدعمون مشروع القانون قريبون جداً من المجمع العسكري الأمني، لكن الجميع يتجاهلون تأثيره على الكرملين، الذي وصلت ثقته بواشنطن إلى الصفر.
في هذا السياق، أمر الكرملين قوتَين إستراتيجيتين للصواريخ النووية بالدخول في حالة قتال، وأغلقت روسيا طريق بحر الشمال ونشرت أفواجاً هندسية لاسلكية وقباباً إلكترونية للتشويش على الرادارات الأمريكية فوق الأفق. وإذا استمرت الاستفزازات البحرية الأمريكية في البحر الأسود، فقد تغلق روسيا البحر الأسود أيضاً.
وفي الوقت عينه، فإن كتائب النازيين الجدد الأوكرانيين التي سلحتها واشنطن تزيد الأمور سوءاً مع المواطنين الروس في دونباس، وبالتالي، واشنطن تستعد لمواجهة كبرى لا تمتلك فيها سوى أوراق قليلة.