حينما يصبح “الاستحمام” مطلباً..!.
حسن النابلسي
يقطع يقين قسوة برد هذه الأيام المفترض أن يبدد بـ 50 ليتراً من مازوت التدفئة.. وشدة ظلامها الدامس المحددة إضاءتها بنصف ساعة وصل كهربائي بأحسن الأحوال.. المتزامنين مع لهيب أسعار نهاية العام لا يجاريها إلا 25% من دخل المستهلك.. الشك بعجز الحكومة عن التصدي لما يواجه المواطن السوري من تحديات معيشية وخدمية، تاركة إياه وكأنه بوادٍ وهي بوادٍ آخر..!
وإذا لم تتمخض الاجتماعات الأسبوعية للحكومة عن قرارات حاسمة تحلّ مثل هذه المشكلات الحيوية، فما المترجى منها على المدى الإستراتيجي..؟ وهل تحمل ثنايا جداول أعمالها المتمحورة غالباً حول “بحث، وناقش، وشدد…”، وما إلى ذلك من عبارات، الغاية منها “رذ الرماد بالعيون” بغية إيصال رسائل توحي باضطلاع حكومي بمعالجة بعيدة عن أي تجسيد لما “يبحث ويناقش ويُشدد عليه” على أرض الواقع..؟
أيعقل أن يصل التقنين في أغلب المناطق إلى ربع ساعة وصل لدرجة بات “الاستحمام” مطلبا أساسيا للسوريين، ما يكشف بالنتيجة الاستخفاف بتأمين أبسط متطلبات العيش.. في حين تنعم أخرى بثلاث ساعات؟
وعلى أي أساس حددت وزارة النفط مخصصات الدفعة الأولى من مازوت التدفئة بـ 50 ليتراً تكاد لا تكفي أسبوعين على أبعد تقدير، خاصة في مثل هذه الأيام.. والأنكى عدم الانتهاء من توزيعها حتى اللحظة..؟
وإذا ما تطرقنا إلى مسألة النقل الداخلي.. فحدث ولا حرج.. المواطنون يعانون الأمرّين على مرأى من الجهات المعنية دون أن تحرك ساكناً.. فالمعاناة أكبر من أن تُشرح..؟
والخبز أصبح ضمن خانة الكماليات لجهة الحصول عليه.. واللحوم باتت منسية.. والزيوت والمعلبات في خبر كان..؟
في خضم هذا الوضع الصعب، لا تتوانى الحكومة عن التفكير برفع أسعار ما يسمى بـ “المواد المدعومة”، والعمل بعقيلة الجباية وتحصيل الضرائب من كل حدب وصوب، بغض النظر عن الحاجة الماسة للإنتاج، وانعكاس هذه العقلية على محاصرته “أي الإنتاج” من جهة، ودون أية دراسة أو دراية مسبقة بمن يترتب عليه بالفعل دفع الضرائب – ونقصد هنا كبار المكلفين – من جهة ثانية..!.
بالمختصر.. نحتاج إلى قرارات حكومية جادة وحاسمة، ومبادرات استثنائية ناجعة، تحد مما يعترينا من مشكلات معيشية وخدمية لا تطاق على مدار الساعة.. والكف عن معزوفة “نقص الموارد ومحدودية الإمكانيات” التي يتسبب بها العديد من المفاصل الإدارية المتواطئة مع الفساد وأعوانه.. لتبدو هذه المعزوفة في نهاية المطاف شماعة جديدة، بعد تكشّف حقيقة تعليق الإخفاقات الحكومية على شماعة أزمة السنوات الماضية!
hasanla@yahoo.com