حكومة بينت تزاود في عنصريتها وصهيونيتها
محمد نادر العمري
استمراراً لسياسات الكيان الصهيوني العدوانية والاستيطانية، وفي خرقه للقوانين الدولية وفي مقدمتها قرارات الأمم المتحدة، والجمعية العامة والمتضمنة انسحاباً كاملاً للكيان الصهيوني من الجولان المحتل باعتباره أرضاً محتلة تتبع لسيادة الجمهورية العربية السورية، صادقت حكومة نفتالي بينت خلال جلسة عقدتها في الجولان المحتل بعد ظهر الأحد الماضي على أكبر مشروع توسع استيطاني هناك تبنّته وتسعى لتطبيقه خلال السنوات الخمس القادمة وبتكلفة تقارب مليار شيكل (317 مليون دولار)، ويقضي المخطّط بإقامة مستوطنتين جديدتين، وبناء أكثر من 7 آلاف وحدة استيطانية على مدى السنوات الخمس المقبلة، ومضاعفة عدد المستوطنين فيها من 50 ألفاً إلى 100 ألف.
ويضرب هذا السلوك الصهيوني عرض الحائط بكل الشرائع والمواثيق والقرارات الدولية التي تقرّ بعروبة الجولان في ظل صمت غربي مفضوح وتواطؤ غربي استعماري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل عوامل وظروف داخلية وإقليمية ودولية تحمل الكثير من الدلالات، حيث ما زال رئيس الحكومة الحالي وأعضاء حكومته الائتلافية من اليمين واليمين الوسط واليسار يسعون لتقديم أنفسهم للناخب الإسرائيلي بأنهم الأجدر من رئيس الحكومة الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو الذي يترأس اليوم زعامة المعارضة داخل الكنسيت، لذلك بدأ بينت جلسته الحكومية في الجولان المحتل واصفاً هذا المشروع الاستيطاني بأنه الأكبر منذ عام 1967، وهو تاريخ احتلال الجولان العربي السوري، مضيفاً أن هذا المخطّط يحظى بوفاق عام داخل حكومته، واصفاً إياها بأنها حكومة صهيونية بالأعمال لا بالأقوال، في محاولة لاسترضاء اليمين المتطرف والديني بشكل خاص، وهو التيار الذي ما زال يدعم نتنياهو في الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية على حدّ سواء.
إذاً، وبالدرجة الأولى، الهدف الداخلي هو الهدف الأبرز من خلال الحفاظ على بقاء الائتلاف الحكومي الحالي والقضاء على أية آمال لنتنياهو بالعودة للسلطة، وأن تكون بمثابة دعاية مجانية تصبّ في مصلحة الصندوق الانتخابي لبينت مستقبلاً في الانتخابات القادمة.
من جانب آخر وموازٍ يتعلق بالشأن الداخلي، فإن حكومة بينت تريد من خلال مثل هذا المشروع رفع المعنويات الداخلية بعد سلسلة الخيبات الأمنية والعسكرية والسياسية التي تلقاها الكيان المحتل خلال العام الحالي، والتي عبّرت في شكلها النهائي عن غضب من السياسات الحكومية وعدم الثقة بقدرات المؤسّسات الصهيونية، وخاصة من حيث الاختراقات البطولية للمقاومين واستمرار إيران في تبنيها للموقف الصلب في مفاوضات فيينا، ناهيك عن التداعيات التي أفرزها انتشار وباء كورونا، ودفعت رئيس الحكومة بينت إلى قطع جلسة حكومته بعد ورود أنباء عن إصابة ابنته بالوباء.
ومن الأهداف التي يسعى لها الكيان، جراء هذا القرار، هو تضييق الخيار والوضع المعيشي الصعب على أهلنا في الجولان المحتل، وطمس الوجود السوري في الجولان.
على الصعيد الإقليمي، فإن حكومة الاحتلال تسابق الزمن قبل انتهاء الحرب على سورية لفرض الأمر الواقع وتغيير الواقع الديموغرافي في الجولان، وهو ما يفسّر سبب الحرب الكونية التي شُنّت على سورية، ويسعى الكيان لاستثمارها، وهو ما دفع بينت للقول بأن الحرب على سورية جعلت فكرة السيطرة الإسرائيلية على الجولان أكثر قبولاً لحلفائها الدوليين.
أما الهدف على الصعيد الدولي فإن الكيان المغتصب يسعى من خلال سياسته الاستيطانية هذه لجلب المزيد من الدعم المادي والمعنوي من قبل المنظمات واللوبيات اليهودية المنتشرة في العالم، وأيضاً الحصول على دعم المنظمات الدولية غير الحكومية من خلال الادعاء بأن المشروع الاستيطاني يتضمن تطوير الاعتماد على التكنولوجيا الطبيعية في توريد الطاقة وتأمين البنى التحتية، وهذا ما شكّل عاملاً رئيسياً لمصادرة الأراضي من المواطنين السوريين خلال العقود السابقة، ويفسّر سبب تزايد عدد العنفات المولدة للكهرباء.
يستمرُ الصهاينة في مشروعهم الاستيطاني في الجولان المحتل، ما يعبّر عن توجّه خطير لخلق واقع لا يقبل الرجعة في اغتصاب الأراضي السورية والعربية، وهو ما يجعل خيار المقاومة بكل أنواعها السبيل الوحيد للتحرير.