أولوية الرعاية لا الجباية..!
قسيم دحدل
يعترض البعض ممن يشملهم القانون المالي للوحدات الإدارية الصادر أمس الأول برقم 37، بأنه بترتيب أعباء مالية (شهرية) جديدة لمصلحة الوحدات الإدارية (البلدية) على كافة الفعاليات والمهن، ومن بينها مكاتب المهن العلمية (محام، مهندس، طبيب)، حيث رتب عليها بموجب المادة 19 رسماً شهرياً مقابل الخدمات يتراوح بين 2 و10 آلاف ليرة شهرياً إذا كان المكتب في المدينة، وبين 1و5 آلاف ليرة إذا كان المكتب في الريف، على أن يحدّد مجلس الوحدة الإدارية مقدار هذا الرسم بين الحدّين المذكورين.
أما رسوم ترخيص اللوحة الإعلانية (السنوي)، فيتراوح – حسب المادة 20 – ما بين 4 آلاف و20 ألف ليرة في مدن مراكز المحافظات، وما بين ألفين و10 آلاف ليرة في باقي الوحدات الإدارية، علماً أن غرامة اللوحة غير المرخصة تتراوح ما بين 10 آلاف و30 ألف ليرة إضافة إلى إزالتها.
رغما تفهّمنا لذلك، وعدم اعتراضنا أو بالأصح موافقتنا على فرض تلك الرسوم على شرائح محدّدة كعيادات الأطباء ومكاتب المحاماة والهندسة وما شابهها، إلاَّ أن فرضها مثلاً على ما يمكن أن نطلق عليهم “متعيشون” من أصحاب الأعمال البسيطة، ومنها “المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر”، لا يمكن أن يُفهم!! لأن تلك الأعمال أو النشاطات هي في ماهيتها وجوهرها يفترض أن تكون مدعومة، حتى فيما يُسمّى الرسوم والضرائب وغيرهما.
وإذا كنّا نتفق على فرض مثل تلك الرسوم على الطبيب بحكم دخله الذي يتراوح بين الجيد والجيد جداً على سبيل المثال، لكن نجد أن تحفظنا يكتسب الدرجة القطعية، حين نحسبها على محال “المتعيشين” ممن يحاولون بالكاد تأمين قوتهم اليومي!.
دليلنا على صحة وأحقية تحفظنا وحتى رفضنا يؤكده الواقع، حيث إن أماكن الفعاليات البسيطة (المشاريع المتناهية الصغر) هي في أغلبها مستأجرة وببدلات إيجار باهظة لا تتناسب أبداً مع مثل هكذا نشاطات صغيرة لناحية مداخيلها الشهرية والسنوية، هذا إضافة إلى الضرائب المالية السنوية وغيرها، والتي تشكّل بمقدارها ومجملها -بعد زيادتها مؤخراً- عبئاً وازناً.
هذا ناهيكم عن منغصات توفر الخدمات كتدني ساعات التغذية الكهربائية، الأمر الذي يحدُّ ويمنع تحقيق ساعات عمل كافية تمكّن من تحقيق دخل شهري وسنوي يُستطاعُ به تلبية المتطلبات المالية (من ضرائب ورسوم)، التي تُفرض – وما أكثرها – حيث إن عدداً منها يندرج في خانة الازدواج الضريبي.
بكلمة مختصرة.. نؤكد أن أولوية الرعاية بشكل عام وللمشاريع والفعاليات الصغيرة بشكل خاص، يجب أن تقدّم على أية أولوية جبائية، وعليه لا يمكننا أن نستسيغ القياس بمسطرة ضريبية واحدة لكل الفعاليات، ولا بد من التفريق ما بين الاستثماري والتجاري والخدمي والمعيشي.
Qassim1965@gmail.com