التشكيل السوري.. الحصيلة والسؤال؟
انتهت فعاليات الأيام التشكيلية السورية مع نهاية هذا العام بحصيلة فنية كبيرة تحسب للجهة الراعية التي قامت بواجبها على أكمل ما يمكن تقديمه متعاونة مع الأطراف والشركاء الثقافيين مثل جامعة دمشق واتحاد التشكيليين والفنانين وأصحاب الصالات الخاصة ولا نغفل ما قدمته الفرقة الوطنية للموسيقى الشرقية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله في حفل الافتتاح.. معارض فنية في المحافظات السورية والعاصمة ومسابقات خاصة للشباب في تصميم البوستر الإعلاني وفن البورتريه وغيرها، إضافة للندوات الموازية التي أقامتها كلية الفنون الجميلة وكان خاتمتها معرض الخريف السنوي، هذا المعرض العريق الذي حافظ على ألقه كمهرجان للوحة التشكيلية السورية.
في هذا المقام لا بد من ذكر عديد المعارض الهامة التي أقيمت في بعض الصالات الخاصة منها: معرض مأدبة وعروس في صالة ألف نون، ومعرض للفنانين عصام درويش ورانيا المعصراني في صالة عشتار، ومعرض للفنانين شباب في صالة زوايا، ومقتنيات خاصة في صالتي جورج كامل، ومشوار ومعرض جماعي في افتتاح صالة البيت الأبيض الجديدة الذي ضم 28 فناناً سورياً تم اختيارهم أصدقاء لهذه الصالة المولودة حديثاً والتي افتتحت بالترافق مع الأيام التشكيلية السورية في منطقة دمشق ساروجة ضمن بيت دمشقي قديم.
في ساحة العروض التشكيلية التي قدمتها مديرية الفنون الجميلة تصدر معرض الخريف في خان أسعد باشا مختتماً جملة المعارض التي كانت على الشكل التالي: معرض للخط والخزف والتصوير الضوئي في متحف دمر، ومعرض لأعمال فناني الثمانينيات في صالة الشعب، ومعرض وتوزيع جوائز في معهد الفنون التطبيقية في قلعة دمشق، ومعرض للأعمال الفائزة في فن البوستر في مكتبة الأسد وتوزيع الجوائز على الفائزين، هذا المعرض الذي كشف النقاب عن إمكانيات كبيرة لدى شبابنا الفنانين وعن كفاءة وحماسة طلاب قسم التصميم الإعلاني في كلية الفنون الجميلة الذين قدموا عدد كبير من البوسترات المنافسة والعالية القيمة في إشارة واضحة أن هناك كفاءات شابة لدينا ينتظرها مستقبل هم جديرون فيه وأنهم سيكونون رافداً قوياً للحياة التشكيلية في البلد.
حضرت السيدة وزيرة الثقافة معظم الفعاليات والتقت بالفنانين وحاورتهم وكان بصحبتها رئيس اتحاد التشكيليين ومدير الفنون الجميلة والمعنيين بالشأن التشكيلي وغاب للأسف الشخصيات الاقتصادية والحكومية وكأن الأمر محصوراً فقط بالبيت الثقافي إن لم نقل التشكيلي حصراً!؟ بينما نجد في بلدان أخرى في مثل هذه الفعالية الكبيرة حضور لأكثر من وزير ومدير وأصحاب الفعاليات والمنشآت الاقتصادية كالفنادق والبنوك وشركات الإعلان التي تشارك بصفتها “سبونسر” في هذا الحدث الذي يستثمر في الترويج لمنشآتها، وربما تساهم في اقتناء بعض الأعمال النحتية واللوحات لتضعها في مبانيها ومكاتبها الإدارية تشجيعاً للفنان والثقافة وسياسة اقتناء اللوحة التي تعتبر مظهراً حضارياً رابحاً بالتأكيد.. ربما الأمر لا يعني الكثيرين منا حتى بعض أهل البيت التشكيلي نفسه وعلى سبيل المثال هل يكفي أن تقام معارض على مستوى فروع الاتحاد في المحافظات دون حضور أصحاب الأمر هناك أو دون دعوة لممثلي الجهات الاقتصادية في المحافظة ولا نغفل الدور الايجابي الذي لعبه فرع طرطوس وحضور محافظها جانباً من أنشطة الفرع هناك، ربما من المفيد القيام بمبادرة على مستوى اتحاد التشكيليين في تكريم بعض الفنانين أو النقابيين السابقين أو بعض الشخصيات من خارج الاتحاد التي كان لها دور في دعم الفن التشكيلي وتعزيز حضوره.
وفي الخاتمة يبقى السؤال معلقاً عن هؤلاء الفنانين الذين يمضون حياتهم في مراسمهم بين ألوانهم ولوحاتهم يعيشون الأمل ويرسمون ما يجعل الحياة أكثر خصوبة.. كيف يعيشون ومن أين وكيف نقدم لهم الدعم؟.
أكسم طلاع