رغم الوعود.. أسعار البطاطا خارج السيطرة.. والحل بالدعم الزراعي الفعلي؟!
دمشق- بشار محي الدين المحمد
رغم كل الوعود، ومحاولات طمأنة المواطن على أسعار البطاطا، إلا أن شيئاً منها لم يتحقق، وبقيت الأسعار مرتفعة ولا تناسب القدرة الشرائية للمواطن.
الخبير الزراعي، عضو هيئة تطوير الغاب، الدكتور المهندس بسام السيد أجرى دراسة حول تكاليف محصول البطاطا بيّن فيها حاجته للدعم، حيث استهل الدراسة بالحديث عن أن البطاطا تشكّل الغذاء الرابع عالمياً بعد القمح والأرز والذرة، وهي محصول تسهل زراعته في جميع أنحاء العالم، ويحتاج لبعض العناية والبرودة خلال التخزين للحفاظ عليه، وما يمتاز به محصول البطاطا في سورية أنه يزرع خلال ثلاث عروات: (ربيعية، خريفية، صيفية)، ما يضمن استمرار إنتاجه على مدار العام دون أي انقطاع، وقد بلغت المساحات المزروعة في سورية 36172 هكتاراً، وبلغ إجمالي إنتاجها 720492 طناً، بمتوسط إنتاج 19918 كغ للهكتار الواحد، وأوضحت الدراسة أنه من خلال رصد عمليات زراعة المحصول في منطقة الغاب مؤخراً تبيّن أن تكلفة الدونم الواحد من البطاطا موزعة 110 آلاف ليرة لتجهيز الأرض في حال استخدام بذار (درنات) فرنسي أو هولندي، وتصل تكلفة البذار إلى مليون ومئة وسبعة وثلاثين ألفاً في حالة البذار الفرنسي، وإلى ثمانمئة واثنين وعشرين ألفاً في حالة البذار الهولندي، وكلفة السماد، سواء كان طبيعياً أو كيميائياً، 700 ألف، ومبيدات حشرية وفطرية 100 ألف، وخدمات متفرقة من ري وعزق وتعشيب 90 ألفاً، وأجور قلع ونقل إلى سوق الهال 215 ألفاً، وبالتالي تكون التكلفة الإجمالية دون حساب فائدة رأس المال الموظف وأجور الأرض 2 مليون و352 ألفاً في حالة البذار الفرنسي، و2 مليون و37 ألفاً في حالة البذار الهولندي، أما إذا أضفنا فائدة رأس المال المقدرة 9%، وأجور الأرض البالغة حوالي 150 ألفاً، فيتجاوز المبلغ 2 مليون و713 ألفاً في حالة البذار الفرنسي، و2 مليون و370 ألفاً في حالة البذار الهولندي، وينتج الدونم في الغاب حوالي 3 أطنان من مادة البطاطا، كما أن السمسار في سوق الهال يحصل على نسبة 7%، وهناك نثريات لم تتم إضافتها كأجور الذهاب للأرض وتفقدها حتى ولو كان ذلك على دراجة نارية، كما أن عمل صاحب الأرض مع عائلته يوفر بأجور الأرض والري.
وبيّن السيد في حديث لـ “البعث” أن مادة البطاطا كانت خبز الفقير، والآن تباع بسعر يعجز فيه عن شرائها كغذاء شبه يومي أو حتى أسبوعي، وكانت منطقة الغاب سابقاً تنتج 15% من محصول البطاطا في سورية الذي وصل في عام 2008 إلى 72 ألف طن، وعلينا الآن أن نسعى لخفض سعر البطاطا، والعمل على تثبيت سعرها كونها مادة رئيسية لمعظم فئات المواطنين، خاصة مع ارتفاع أسعار بقية المواد الغذائية، وذلك عبر تأمين الدعم اللازم لمستلزمات الزراعة للفلاح كالأسمدة والمازوت من قبل وزارة الزراعة، وخاصة بعد تحول أكثر الآبار للعمل على الكهرباء، ونتيجة لارتفاع ساعات التقنين الكهربائي، وعدم تمكن المزارعين من ري حقولهم، وهذا الأمر أدى إلى انخفاض الإنتاج في وحدة المساحة، كما أن على وزارة التجارة الداخلية افتتاح مكتب في سوق الهال لاستجرار البطاطا وتخزينها في حال انخفاض سعرها في أوقات ذروة المحصول إلى الحد الذي تم وضعه من قبل وزارة الزراعة، والموضوع يجب أن يلقى كل الاهتمام.
وطالب السيد بدعم أصحاب الآبار الارتوازية للتحول لاستخدام الطاقة البديلة، واستخراج المياه لري حقولهم، والإسراع بعودة الأهالي إلى قراهم في المناطق المحررة، ومساعدتهم بتأهيل أراضيهم والآبار الارتوازية، وتقديم القروض اللازمة لاستعادة كافة المناطق الزراعية التي خرجت عن الإنتاج في عدد من مناطق ادلب وحماة.
وبالمقابل فقد سبق أن عزا بعض المديرين في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ارتفاع السعر خلال العروة الربيعية الماضية لانخفاض الإنتاجية، وتعرّض المنطقة الوسطى خلال تلك العروة للصقيع لثلاث مرات، وانحباس الأمطار الذي زاد الحاجة للري، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وموجات من الحر التي سبق أن تعرّض لها المحصول، وهذا كله خفّض المخزون بشكل كبير.
حاولت الوزارة كبح جماح ارتفاع السعر من خلال إيقاف تصدير المادة من بداية شهر تشرين الأول في العام السابق ولغاية 15 آذار من العام الحالي، ورغم كل وعود الوزارة وتطميناتها السابقة لم تشهد أسعار البطاطا الانخفاض الملحوظ الذي تحدثوا عنه مع بدء عمليات الإنتاج، وقد استطلعنا آراء بعض المنتجين الذين رأوا أن زراعة البطاطا، والزراعة بشكل عام، موسمية، وأسعار الخضار والفواكه وجميع الغلال الزراعية تخضع للمواسم، ولقاعدة العرض والطلب، وهذا الأمر ليس بجديد، خاصة في المحاصيل غير الاستراتيجية، وتثبيت سعر منتج ما سياسة أثبتت عدم جدواها عالمياً، وتخلت عنها جميع الدول كونها لا تعكس ظواهر اقتصادية طبيعية، والأفضل زيادة الإنتاج ليزيد المعروض في السوق فتهبط الأسعار، أما تحديد الأسعار أو تثبيتها فيشكّل ظلماً كبيراً للمنتج، ولا يحقق التنافسية، كما عبّروا عن أن هذا المحصول يستحق عناية ودعماً كبيرين لأنه الغذاء الرئيسي لجميع المواطنين، وإنتاج نوعيات أقل كلفة وأكثر مردوداً، وأكثر تكيفاً في المناخ الصحراوي القليل المياه، وإلا سيكون مصير محصول البطاطا كمصير الشوندر والقطن وباقي المحاصيل التي توشك على الانقراض من مساحاتنا الزراعية، كما طالب بعض المنتجين الروابط الفلاحية والجمعيات بوضع خطط لتغطية مساحات للعروة الصيفية ولو بمقدار 5 دونمات لكل فلاح، بحيث نصل إلى الاكتفاء الذاتي، وتخفيض السعر.