أخبارصحيفة البعث

عن الثورة الملونة في كازاخستان .. تهديد مباشر لروسيا والصين

تقرير إخباري- صلاح الدين إبراهيم:

تأهّبت مصادر المعلومات المضللة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة بكامل عدّتها لدعم التمرّد في كازاخستان: مستويات العنف مرتفعة للغاية، حتى سيارات الإسعاف تتعرّض للهجوم، ويتعرّض رجال الشرطة للضرب، ونزع سلاحهم، وخلع ملابسهم، والإذلال، وتم إفراغ مخازن الأسلحة. انقطع الاتصال بالإنترنت، كما انقطع الاتصال بالسلطات الرسمية في أجزاء كثيرة من ألما آتا ونور سلطان. هذا تكرار لما جرّبته الولايات المتحدة في بيلاروسيا وقيرغيزستان، والأيام المقبلة ستكون حاسمة. تم الاستيلاء على العديد من المباني الحكومية وإحراقها، وقد أعادت السلطات السيطرة على بعضها. انهار القانون والنظام وتسيطر مجموعات من البلطجية على الشوارع في العديد من المواقع. وهناك تقارير عن جماعات مسلحة منظمة تخوض معارك بالأسلحة النارية مع قوات الشرطة والأمن والجيش. وأفاد أحد المصادر بأن القوات الكازاخستانية المحمولة جواً منخرطة أيضاً، كما هناك تقارير عن عناصر تكفيريّة تستغل أعمال الشغب.

وتشكل هذه الأحداث تهديداً مباشراً لكل من روسيا والصين. ويبدو أن تركيا تدفع أجندتها القومية التركية، كما يبدو أن وكالة المخابرات المركزية تدعم الأويغور التكفيريين. وكل ما يحدث مأخوذ مباشرة من دفاتر وكالة المخابرات المركزية: تويتر وقنوات تلغرام، والمنظمات التي يموّلها سوروس، وغيرها.. كلها تشارك بعمق، بما في ذلك وحدات العمليات النفسية التابعة للاستخبارات المركزية الأمريكية.

أعلن رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف حالة الطوارئ في مناطق نور سلطان وألما آتا ومانغستاو حتى 19 كانون الثاني الجاري. وتشمل حالة الطوارئ فرض حظر تجول ليلي، وتقييد الدخول والحركة فيهما. توقف الإنترنت مؤقتاً عن العمل في جميع أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تم فرض حظر على التظاهرات والإضرابات الجماهيرية، وكذلك مصادرة الأسلحة والذخائر من السكان. وينص مرسوم رئيس الدولة على فرض حالة الطوارئ لضمان السلامة العامة واستعادة القانون والنظام وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم.

بالإضافة إلى ذلك، أقال توكاييف الحكومة “المذنبة بشكل خاص” لأنها سمحت بوضع احتجاج فيما يتعلق بزيادة أسعار الغاز المسال. ويستمر الوزراء في العمل في مناصبهم حتى يتم تعيين مجلس وزراء جديد. وفي الوقت نفسه، صدرت تعليمات إلى مكتب المدعي العام ووكالة مكافحة الاحتكار بالتحقيق في احتمال تواطؤ الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، أجرى الرئيس تنظيماً حكومياً لأسعار الغاز والبنزين والمنتجات ذات الأهمية الاجتماعية لمدة 180 يوماً. تم تأجيل تنفيذ برنامج التجارة الإلكترونية للوقود لمدة عام.

في وقت لاحق، وعد توكاييف بالبقاء في العاصمة والتصرف “بأقصى قدر ممكن من القسوة ضد الجناة خلال الاحتجاجات”. وأشار توكاييف إلى أنه سيخرج قريباً بمجموعة جديدة من المقترحات. وقال أيضاً إنه خلال المواجهات التي شهدتها البلاد، قُتل ضباط إنفاذ القانون. ووفقاً له، فإن “المتآمرين ذوي الدوافع المالية” هم وراء أعمال الشغب. “يتم توجيه الانتباه إلى التنظيم الرفيع لعناصر الشغب. يشير هذا إلى خطة عمل مدروسة بعناية للمتآمرين، الذين لديهم دوافع مالية.. هم المتآمرون”، كما قال.

يقول المحلل السياسي الكازاخستاني مارات شيبوتوف: إن أعمال الشغب التي اندلعت لا تبدو “تلقائية بدرجة كافية”، ويقول خبراء: إن الاحتجاجات ينسقها زعيم المعارضة مختار أبليازوف من مقره في كييف. وكان أبليازوف في التسعينيات وزير الطاقة والتجارة في كازاخستان، وقد أسس حركة الاختيار الديمقراطي لكازاخستان في عام 2017، وهو يدعو اليوم المتظاهرين على صفحته على فيسبوك إلى “تنسيق الإجراءات” وأعطى أرقام هواتفه الأوكرانية للتواصل.

وطالما أن الاشتباكات تندلع بشكل رئيسي في ألما آتا وأكتاو، فلا داعي للحديث عن مخاطر “ثورة ملونة”. ولا يوجد تهديد بإسقاط الحكومة، فهناك تهديد بالضغط من خلال أعمال الشغب. على العكس، فإن الدول التي استثمرت في كازاخستان قد تطالب باستقرار الوضع ومشاركتها فيه”.

وقد أبدت روسيا استعدادها لتقديم مساعدة غير عسكرية إلى كازاخستان. وهي تؤمن بقدرة السلطات المحلية على التعامل مع الوضع بمفردها، وتخفيف التوتر القائم.

من وجهة نظر اقتصادية، كانت الزيادة الحادة في الأسعار حمقاء من الناحية الفنية، لكن من الناحية الاقتصادية كان لها ما يبررها، لأن أسعار الغاز آخذة في الارتفاع. وهنا، بالطبع، كان لا بد من رفع الأسعار المحلية، لأن الغاز كان يباع بأقل من سعر التكلفة.

أما فيما يتعلق بآفاق تطوّر الوضع، فمن الضروري الانتباه إلى أن كازاخستان هي عاشر أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، وعدد سكانها أقل من 20 مليون نسمة. هذا هو السبب في أن الاحتجاجات محلية بطبيعتها. وفي عام 2011، لم تنتشر إضرابات عمال النفط وأعمال الشغب الجماعية بسبب عدم المساواة الاجتماعية، فـ”المدن مفصولة بآلاف الكيلومترات. وعليه، إذا تمكّن المحتجون من السيطرة على الإدارة في مدينة معينة، فسيكون ذلك نصف انتصار. وتتركز جميع المؤسسات السياسية في نور سلطان، وليس من السهل هناك جمع حشد يمكن أن يستولي على مؤسسات الدولة.