القاضي الشرعي الأول بدمشق يحذر من ارتفاع معدلات الزواج العرفي في سورية!!
حذر القاضي الشرعي الأول في دمشق، مازن ياسين القطيفاني، في حديث لـ “البعث” من ارتفاع معدلات الزواج العرفي بشكلٍ عام في البلاد، خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن ذلك “بات ملحوظاً بشكلٍ يوميٍّ، خاصةً لدى المواطنين القادمين من ريف دير الزور، وتحديداً من تلك المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة لغياب جهة رسمية توثق العقد”.
ونبه الفاضي القطيفاني إلى أن الزواج العرفي يؤدي إلى ضياع حقوق الزوجة والأطفال، وهو كفيلٌ بإدخال الزوجة، خاصة، في دوامةٍ من المشكلات والمتاهات، سواء كان زوجها سورياً أو من جنسيةٍ أخرى، ما قد يضعها ضمن دائرة الخطر في حال اختفائه، أو رفضه تثبيت الزواج، ومن ثم رفضه تطليقها، لتبقى شرعاً على عصمته، بينما لا تزال عزباء قانونياً!!
وبرأي القطيفاني، فان الجهل هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة، مؤكداً أن اكتفاء بعض الأسر عند تزويج بناتهم بـ “كتاب الشيخ”، وجهلهم للتبعات والآثار السلبية الناتجة عنه، خصوصاً في حال نكران الزوج للزواج، خاصة مع وجود أطفال، ستعقبه نتائج وخيمة، لافتاً إلى أن الكثير من السيدات يعاودن الكرة ويتزوجن مرة ثانية، لا بل وينجبن أطفالاً ظناً منهن أنهن تطلقن بعد استشارتهن لأحد رجال الدين، ليكون الزواج الثاني باطلاً بسبب عدم تثبيت الزواج الأول أصلاً، وعدم حصول الطلاق، لتدخل السيدة بمتاهةٍ جديدة تمنعها من تثبيت زواجها الثاني، وهي إحدى متاهات وعقابيل الزواج العرفي التي لا تعد ولا تحصى.
وقال القطيفاني إن الزواج العرفي يعتبر صحيحاً شرعاً، إلا أنه غير ضامن لحقوق المرأة ولا لحقوق الأطفال الذين يُتركون لمصيرٍ مجهول (مكتومي القيد) خاصة مع عدم قدرة الزوجة على تثبيت الزواج، بعكس الزوج الذي سيكون بمقدوره الزواج أكثر من مرة، مع امتلاكه لإرادة ” الطلاق متى رغب!! “الأمر الذي دفع بعض رجال الدين للإحجام عن توثيق عقود الزواج العرفي، ليستمر بعضهم الآخر في السير فيه، بالتوازي مع العقوبات البسيطة غير الرادعة التي نص عليها قانون العقوبات، والتي تمنع إجراء عقود الزواج العرفي، علماً أن إجراء العقد ليس حكراً على رجال الدين، إذ بمقدور أي شخص عادي القيام به، حسب ما أوضح القطيفاني، الذي أكد تفهمه لإجراء الزواج العرفي في ظروفٍ قد تكون قاهرة، إلا أن ما تم رصده لحالاتٍ مرتفعة، يلحظها وبشكلٍ يوميٍّ بحكم عمله الإداري، تُظهِر بوضوحٍ إهمال وجهل بعض الأسر التي تزوج بناتها زواجاً عرفياً، واستسهالهم له لعدم حاجته إلا لشاهدين اثنين وشيخ، هذا من دون إغفالنا لذكر عشرات دعاوى تثبيت زواج ونسب تشهدها المحاكم يومياً، لتتفاقم هذه المشكلة، وتزداد نتيجة الحرب ضمن سورية وخارجها، بسبب وجود أعداد كبيرة من السوريين خارج البلاد.
وبين القطيفاني أن تثبيت الزواج إما أن يكون إدارياً من خلال دعوى تثبيت زواج ونسب ناتج عن عقد زواج عرفي، ويتم بمعاملة لتثبيت الزواج بتاريخ سابق طبعاً “في حال وجود حمل أو طفل”، أو أن يكون قضائياً عن طريق رفع دعوى تثبيت زواج ونسب، في حال عدم اتفاق الطرفين، أو غياب أحدهما بداعي السفر، الأمر الذي لوحظ كثيراً في فترة الحرب التي مررنا بها في سورية، والتي ترافقت مع زيجات كثيرة لسوريين خارج القطر، في دولٍ مثل تركيا وألمانيا والسويد وهولندا، وبشكلٍ أدق الدول التي تغيب فيها المحاكم الشرعية، ويتم فيها الزواج إما عرفياً أو في أحد المراكز الإسلامية، أو حتى في محاكم مدنية _ الأمر الذي لا يعتبر زواجاً من الناحية الشرعية خاصة مع وجود أطفال _ ما يتطلب إرسال وكالات للأهالي يتم عبرها رفع دعاوى تثبيت زواج ونسب، مع إجراءاتٍ أكثر سهولةً لعقود الزواج التي تُجرى في الدول العربية أو الإسلامية، والتي تُصدِر عقود زواج مصدقة وموثقة، تُنَفذُ في محاكم شرعية هناك، ليصار لاحقاً لتثبيتها مباشرة في مديرية الأحوال المدنية في سورية.
وأكد القطيفاني تذليل كل العقبات والصعوبات من قِبل المحاكم الشرعية، والتي قد تصل لإرسال المأذون إلى المنزل ليثبت عقد الزواج في حال عدم قدرة الأب للحضور لمرضٍ أو عجزٍ، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة توثيق الزواج ضماناً لحقوق الزوجة والأطفال، خاصةً وأن التكلفة المادية الوحيدة هي تلك المتعلقة بالتقرير الطبي الذي بات حجةً لى البعض لعدم توثيق الزواج لاعتباره عبئاً مادياً، إلا أننا وبحسبةٍ بسيطة سنرى أن عواقب عدم توثيق الزواج لا تساوي شيئاً مقارنةً بما قد ينتج عنه من كوارث في حال كان الزواج عرفياً ولم يُثَبت، ليبقى الحل الأسلم بتوثيقه فوراً ومن دون مشاكل، قبل الوصول إلى طريقٍ مسدودٍ وارتكاب خطأ فادح لا يمكن الرجوع عنه ولا يمكن إصلاحه!!