طموحات مؤجلة لأحمد يسّوف وسط زحام الأغنية الهابطة
البعث – نزار جمول
لم تزل سورية تزخر بالغنى والإرث الحضاري الموسيقي بالرغم من فقدان الهوية الموسيقية والغنائية التي لم توثّق بسبب عدم وجودها على مر سنين طويلة، وسيطرة الفن الهابط على المشهد العام للفن الغنائي السوري، إذ طغت عليها الكلمة الغارقة في الركاكة بمعان متواضعة وفقيرة بالخيال والإبداع، فهي لم تستطع أن تلامس المشاعر والأحاسيس الإنسانية، فأصبحت تتحكم بالذوق العام لأنها أضحت تهويمات تصلح للدكاكين مع غياب الألحان الشجية التي تعتبر السمة البارزة للغناء، فهل اندثرت الكلمات المعبّرة التي تخاطب الوجدان؟ وهل انعدم الغزل العفيف؟ ولماذا سيطرت موجة الغناء الهابطة على الساحة الفنية السورية؟.
هي أسئلة مشروعة في ظل وجود أصوات مميزة، فالفنان المخضرم أحمد يسّوف الذي انطلق بصوته الشجي من بلدته الصامدة المحاصرة “الفوعة” مع القدود الحلبية والطرب الأصيل يستطيع الإجابة عن هذه التساؤلات، حيث أكد أن معاناة مدينته وأهلها من الحصار الجائر من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وضعته مع فنه الراقي أمام مسؤوليات كبيرة ليكون مطرباً ملتزماً بالكلمة واللحن الجيدين اللذين يلامسان الأحاسيس والمشاعر، لذا قدم أغاني حاكت واقع المدينة المحاصرة، كانت أولها أغنية “له يا فوعة”، إضافة لعدد من الأغاني الوطنية والاجتماعية. واعتبر يسّوف أن الفن الغنائي في سورية ينحدر حالياً بشكل مخيف نحو الانحطاط الفني بالكلمة واللحن والصوت، وللأسف فإن الأصوات النشاز التي تقدم الفن الهابط أصبحت تتصدر العناوين إعلامياً وفيسبوكياً، مشيراً إلى أن سورية تزخر بالمواهب الغنائية، وفيها إرث فني يفوق أية دولة عربية، لكن هذه المواهب أصبحت في الصف الأخير بفضل سيطرة أصحاب الأصوات النشاز التي تعتمد على موسيقا رخيصة تخلو من الشجن على الساحة الغنائية السورية.
وأوضح الفنان يسّوف أن الأغنية السورية بصورتها الحضارية الحقيقية يمكن أن تعود بشرط أن يتم دعمها إعلامياً ورسمياً، ولم يخف يسّوف أنه فنان يعشق اللون الساحلي وغناء العتابا والميجانا والقدود الحلبية منذ ما يقارب خمسة وعشرين عاماً، وفي الوقت نفسه أكد أنه لم يتلق أي دعم من أي طرف رسمي أو إعلامي، خاصة أن الحفلات التي قدمها خلال كل هذه السنين من عمره الغنائي لم يستطع خلالها أن يسجل أية أغنية من أغانيه الخاصة به، وحدها مؤسسة صوت عُمان تبنت أغنيته “نمتي وما عاد تفيقي” وصوّرتها بالفيديو كليب، وأشار يسّوف في ختام حديثه إلى أنه رغم تقدمه بالعمر مازالت طموحاته المؤجلة تتأجج في داخله وتدفعه لتقديم ما لم يستطع تقديمه خلال تاريخه الحافل الذي سيرسّخه بمشروعه الفني الذي يتماهى مع الغناء الطربي، ومع الكلمة واللحن اللذين يلامسان الأحاسيس والمشاعر.
يذكر أن اسم المطرب أحمد يسّوف الحقيقي أحمد علاوي، وهو من مواليد مدينة الفوعة المحاصرة في عام 1967.