دراساتصحيفة البعث

بانتظار المؤتمر العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية

ريا خوري

تكمن أهمية البيان المشترك الذي صدر مؤخراً بعد اجتماع مطوّل ضمّ الخمسة الكبار في النادي النووي العالمي -والذي تعهدت فيه بالعمل على منع اندلاع صراع تستخدم فيه هذه الأسلحة- في توقيته الذي يتزامن مع حالة التوتر الشديدة التي يشهدها العالم والظروف الدولية بالغة الحساسية والحرج.

هذا البيان يأتي استباقاً للمؤتمر العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المقرّر انعقاده أواخر كانون الثاني الجاري، بعد أن تمّ تأجيله لعامي 2020 و2021 بسبب جائحة كوفيد-19. وهو، أي البيان، يهدف إلى خفض التوتر الشديد المتصاعد، والتمهيد لعقد المؤتمر الخاص بمعاهدة عدم الانتشار النووي الذي سيناقش ثلاثة محاور أساسية هي: نزع السلاح النووي، والحدّ من انتشاره، والاستخدام السلمي للطاقة الذرية.

هذه المحاور لا شك ستساعد في زيادة الثقة المتبادلة بين القوى النووية، وبالتالي لا خيار أمام جميع الدول سوى الذهاب إلى مقاربات وتسويات دبلوماسية ثنائية وجماعية لتجنّب المواجهات العسكرية بجميع مستوياتها، لأن تمسّك القوى الدولية الكبرى برؤيتها الميكافيلية وتكريسها مفهوم القوة وفائض القوة المرتبط بالسيادة الوطنية، عبر إضعاف مفهوم التضامن العالمي في مواجهة التهديدات والمخاطر التي قد تنجم عن أي جنوح أو أي مسار نحو الهيمنة والاستعمار، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والابتعاد عن نظام الأمن الجماعي.

الجدير بالذكر أن المعاهدة الدولية المعروفة بمعاهدة الحدّ من انتشار السلاح النووي للعام 1968 لم تكن ثمرة جهود الأمم المتحدة في مجال السلم والأمن الدوليين، وضمن إطار المفهوم القانوني للأمن الجماعي، بل نتيجة توافق كبير جرى بين القوى الكبرى، التي تمكّنت من امتلاك سلاح نووي في مرحلة الحرب الباردة، واتفقت على منع تفلت السلاح النووي، بما قد يؤدي إلى خروج الأمن والأمان والسلم الدولي عن السياق الذي استقرت عليه التوازنات الدولية الجديدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.