الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة تدخل حيز التنفيذ
هناء شروف
إن دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيّز التنفيذ في الأول من كانون الثاني 2022 هو أكثر أهمية بكثير من مجرد اتفاقية تجارة حرة متعدّدة الأطراف تدخل حيّز التنفيذ في عالم تسوده الحمائية المتزايدة والشعبوية والمشاعر المناهضة للعولمة.
يقول بيتر بيتري، ومايكل بلامر، وهما اقتصاديان بارزان، إن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ستشكّل الاقتصاد والسياسة العالمية، ويمكن أن تضيف 209 مليارات دولار سنوياً إلى الدخل العالمي، و500 مليار دولار للتجارة العالمية بحلول عام 2030، وستجعل الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ اقتصادات شمال وجنوب شرق آسيا أكثر كفاءة من خلال ربط نقاط قوتها في التكنولوجيا والتصنيع والزراعة والموارد الطبيعية.
وتعدّ هذه الاتفاقية واحدة من أهم اتفاقيات التجارة الحرة لأنها أول اتفاقية تجارة حرة تضمّ الصين واليابان وجمهورية كوريا والتي تتفاوض على اتفاقية تجارة حرة ثلاثية منذ عام 2012، لتكون الصين من أكبر المستفيدين من العولمة الاقتصادية وأصبحت أكبر الشركاء التجاريين لأكثر من 120 دولة.
في المقابل، من المثير للصدمة أن نرى الولايات المتحدة التي تغنّت بالعولمة واتفاقيات التجارة الحرة لسنوات، تعارض اتفاقيات التجارة الحرة والتعددية وتنتهك حتى المعايير الأساسية للعولمة. لقد سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ في عام 2017 مما دفع الموقعين الباقين على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ إلى إحيائها. والمثير للدهشة أن الرئيس الحالي جو بايدن لم يتحدث عن أي اتفاقيات للتجارة الحرة، بسبب المعارضة القوية في الداخل، وخاصة من النقابات العمالية التي تدعم حزبه الديمقراطي.
وفي مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل أيام، قال إد جريسر، المسؤول السياسي الكبير السابق في مكتب الممثل التجاري الأمريكي الذي خدم إدارات باراك أوباما وترامب وبايدن: “إن سعي بايدن وراء ما يُسمّى بسياسة التجارة المتمركزة حول العمال يأتي على حساب تأسيس القيادة العالمية للولايات المتحدة في مجال التجارة”. ووصف آدم بوزين، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، سياسة بايدن التجارية بأنها تحمي عمال التصنيع التقليديين بينما ترفع تكاليف السلع المستوردة للشركات والمستهلكين الأمريكيين.
لقد أصاب بايدن بالفعل الكثيرين في الولايات المتحدة والعالم بخيبة أمل من خلال فشله في رفع الرسوم الجمركية بموجب المادة 232 على الصلب والألمنيوم، ووقف الحرب التجارية مع الصين وكلاهما أطلقهما ترامب.
يقول مايكل سبنس، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، إنه على الرغم من أن بايدن أكد مؤخراً على توفير مساحة للتعاون العالمي بشأن تغيّر المناخ وتحول الطاقة، إلا أننا ما زلنا بعيدين عن الاستمتاع بالتدفق الحر للتكنولوجيا اللازمة لتقليل الانبعاثات العالمية إلى الصفر الصافي بحلول منتصف القرن، في إشارة إلى الحاجة الملحة للتعاون بين الولايات المتحدة والصين في مجموعة واسعة من المجالات.
لسوء الحظ كانت الولايات المتحدة تفعل بالضبط عكس ما تدعو إليه لعقود، لذلك حان الوقت لبقية العالم لتنوير واشنطن بشأن فوائد اتفاقيات التجارة الحرة والعولمة مقارنة بحرب التجارة الصفرية والحرب الباردة الجديدة التي يبدو أنها مهووسة بها!.