هل يشفع رصيد مستودعات العلف في كبح السوق؟ وماذا عن الاحتكار المتعمد؟
دمشق- علي بلال قاسم
يبدو أن محاولات التدخل الإيجابي عبر الدعم المباشر وغير المباشر، مضاف إليها تراكمات أدوات المتابعة والإشراف الذي تجتهد المؤسّسة العامة للأعلاف لضخها في قطاع الثروة الحيوانية، لم تفعل فعلها في ضبط إيقاع هذا النشاط الاقتصادي الذي يرتفع منسوب حساسيته تجاه مدخلات الإنتاج ومخرجاتها، بدلالة تخبّط العمل وفوضى الإدارة على مستوى الحيازات الصغيرة والكبيرة، وصولاً للمفاعيل التي ضربت أطنابها في القطاع ككل.
مفتوح على المجهول
في القرينة التي تعترف بها إدارة المؤسسة نفسها، ثمّة ما يشي بمستقبل مجهول ينتظر شريحة مهمّة من المربين الذين دخلوا ميدان التربية إن كان “دواجن أو مباقر أو أغنام وماعز.. وغيرها”، فمقدار الدعم الذي تجسّد بـ85 مليار ليرة مع بيع كمية 416 ألف طن بأقل بـ30% من أسعار السوق تقريباً، لم يساهم في خفض أسعار الثروة الحيوانية، مع الإقرار بأن المربي بريء من تهمة رفع الأسعار، في وقت ترتكب الحلقات الوسيطة “السبعة وذمتها” في طريق الأذى المتعمّد تجاه السوق وأسعارها.
جدلية..!
في جدلية الدور والواجب الحكومي يكثر المتحاملون على مؤسّسة الأعلاف لجهة عجزها عن الإتيان بحلول هي نفسها مكبلة بظروف ووقائع موضوعية أقوى من قدراتها وإمكاناتها، ومع ذلك لا يمكن إنكار القصور الذاتي في اجتراح معالجات ولو كانت إسعافية، ولاسيما أن إدارة المؤسسة نفسها اعترفت بأن المشكلة حالياً تكمن في أن قطاع الدواجن اليوم بحاجة إلى إدارة، ليسأل متابع: ماذا بشأن إدارتكم؟ هل أنتم في وارد عدم الاعتراف بأنفسكم؟ أم أن المطلوب إدارة من “خارج الملاك” قوامها التجار والوسطاء والمحتكرون للمادة ومستلزماتها العلفية والبيطرية.
تصريح “مشبوه؟”
في متابعة لخطوات المؤسسة تفيد التقارير التنفيذية أنه لأول مرة بتاريخ المؤسّسة تمّ تأمين 160 ألف طن من الذرة الصفراء منذ بداية العام و40 ألف طن مادة كسبة الصويا لقطاع الدواجن، وتمّ توزيع نحو 160 ألف طن من هذه المواد العلفية حتى الآن.
مؤسسة الأعلاف وعلى لسان مديرها عبد الكريم شباط “رمى” تصريحاً “ملعوباً” من حيث تداعياته في حال كان حقيقة، وحتى إن كان “بالوناً”، عندما قال إنه: لدينا رصيد من المواد العلفية موجودة في المستودعات، ونتقصد عدم توزيع هذا الرصيد دفعة واحدة من أجل أن تتحكم المؤسّسة بأسعار السوق، فالتاجر عندما يعرف أنه لا يوجد مواد علفية لدى المؤسسة يقوم فوراً برفع سعر مبيع الأعلاف بشكل كبير، يأتي ذلك في توقيت وزعت المؤسّسة أعلافاً لما يقارب 27 مليون طير خلال دورة تربية الدواجن.
لا يخضع!
على مدار شهور وسنوات ومع تأزم القطاع الحيواني الذي تتصدّر الدواجن أخباره الرئيسية “لرواج ثقافة اللحوم البيضاء على موائدنا”، لا يتوقف مسلسل ارتفاع أسعار الفروج بشكل دائم على الرغم من أن أسعار الأعلاف في الأسواق ثابتة منذ حوالي أشهر. وهنا يقرّ شباط في تصريحاته المكرورة بأن سعر الفروج لا يخضع حالياً للتكلفة إنما يخضع للعرض والطلب، وأنه على الرغم من قيام المؤسسة ببيع قطاع الدواجن المواد العلفية بأسعار أقل من أسعار السوق بحدود 30%، فإن ذلك لم ينعكس على أسعار الفروج.
30 % “أوت”
هو واقع موجع لطرفي المعادلة “المربي والمستهلك”، وفي التفاصيل حال لا يسرّ أصحاب آلاف المنشآت الصغيرة والكبيرة التي أقفلت أبوابها، عازفين عن الخوض في غمار التربية الخاسرة بكل معنى الكلمة، وبالتالي لا يفاجئنا تحليل لجنة مربي الدواجن بأن تكلفة تربية الفروج مرتفعة حالياً، لذا لن نشهد انخفاضاً في أسعار الفروج، علماً أن ارتفاع التكاليف وتدني سعر صوص الفروج لأقل من التكلفة قد تسببا بخروج ما يقرب من 30% من مربي أمات الفروج من الإنتاج كي لا يستمروا بالخسارة.
“دعم.. لا دعم..!”
جدير بالذكر أن مؤسسة الأعلاف تعطي عن كل طير 1000 غرام ذرة صفراء و200 غرام كبسة صويا و100 غرام نخالة خلال دورة التربية، وهذه الكمية تشكّل ثلث حاجة الطير، ونسبة كبيرة من المربين يقومون بشراء الذرة الصفراء البلدية حالياً من السوق ولا يقومون بشرائها من مؤسسة الأعلاف، باعتبار أن سعر البلدية اليوم هو سعر الذرة نفسها التي تبيعها المؤسسة، مع لفت الانتباه إلى أن الذرة البلدية متوافرة بكثرة في السوق ويتمّ استعمالها وليست مضرة للفروج، وبالتالي فالدعم الذي تقدمه المؤسّسة لا يشكل شيئاً وليس له تأثير في أسعار الفروج!.