الكرملين: لا مسوّغ للتفاؤل بشأن المحادثات مع أمريكا
في الوقت الذي تصرّ فيه موسكو دائماً على أنها لا تعوّل كثيراً على شكل الاجتماعات بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، بل على عقلانية الطرف الآخر ومدى فهمه لجدّية المخاطر التي يجري بحثها، تؤكد أنها تبني دائماً مواقفها على أساس النتائج المتمخّضة عن هذه الاجتماعات وليس فقط على شكلها والصور الملتقطة فيها.
وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن موسكو لا ترى حتى الآن داعياً إلى التفاؤل بشأن نتائج المحادثات الروسية الأمريكية في جنيف حول الضمانات الأمنية.
وأضاف بيسكوف في تصريح للصحفيين اليوم: “حتى الآن يمكننا القول: لا نرى أيّ سبب مهم للتفاؤل، وما يستحق تقييماً إيجابياً هو كيفية إجراء هذه المفاوضات أعني طبيعتها أي أنها كانت مفتوحة وموضوعية ومباشرة”، موضحاً أن “ما يهم في المفاوضات هو النتائج وليس عملية التفاوض بحد ذاتها”.
وأشار بيسكوف إلى أن “هناك عدة جولات أخرى قادمة ستسمح بفهم أوضح وتقدّم صورة واضحة، أما الآن فمن غير الممكن استخلاص أي استنتاجات أخرى”.
وأنهت روسيا والولايات المتحدة أمس مفاوضاتهما حول ملف الضمانات الأمنية التي دامت أكثر من سبع ساعات في جنيف، حيث أعلن رئيس الوفد الروسي نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف في مؤتمر صحفي في ختام المفاوضات، أن بلاده دعت الولايات المتحدة إلى إبداء أقصى ما يمكن من المسؤولية في الظرف الراهن وأكدت لها عدم جواز التقليل من أهمية الأخطار المرتبطة باحتمال ازدياد المجابهة.
وفي السياق، قالت مصادر مطلعة على المحادثات الروسية – الأمريكية حول الضمانات الأمنية: إن الولايات المتحدة وعدت بتسليم روسيا رداً مكتوباً على المقترحات الأمنية الروسية، الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة “نوفوستي” عن المصدر الروسي قوله: إن “الأمريكيين وعدوا بإبلاغ نتائج محادثات جنيف للقيادة، وتزويدنا بردّ كتابي الأسبوع المقبل”.
وكانت موسكو قد قدّمت في وقت سابق مقترحات بشأن الضمانات الأمنية، على خلفية التوتر بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وناتو من جهة أخرى.
إلى ذلك، أكد مصدر مطلع على المفاوضات الروسية الأمريكية، التي جرت أمس في جنيف، أن موسكو تعوّل على عقلانية واشنطن فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا.
وفي تصريحات صحفية قال المصدر: إن الوفد الأمريكي وعد، في ختام المفاوضات في جنيف، بإعطاء ردّ مكتوب على المقترحات الروسية بشأن الضمانات الأمنية، الأسبوع المقبل.
وأشار إلى أن موسكو بحاجة إلى إجابة محدّدة على شواغلها، وخاصة فيما يتعلق بعدم توسّع حلف ناتو إلى الشرق، “أما المراوغات في هذه المواضيع فلا تهمّنا”.
وتابع المصدر: إن الوفد الروسي استعرض مقترح موسكو حول الضمانات الأمنية بشكل بالغ التفصيل “لاستبعاد أي سوء فهم”. مع ذلك اعتبر المصدر أن من مصلحة كل من روسيا والولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق، “وإلا فإن التهديدات على الأمن في العالم ستزداد”.
كذلك أعرب المصدر عن أمل موسكو في تغلب الموقف العقلاني في واشنطن إزاء موضوع فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، قائلاً: “يبدو أن هناك أشخاصاً في الولايات المتحدة جاهزين لفرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب أوكرانيا. وأتمنى ألا يتغلب موقفهم على العقل السليم”.
وانتقد المصدر الدبلوماسي الروسي موقف واشنطن “المتعنّت” إزاء مسألة أوكرانيا، في إشارة إلى رفض الوفد الأمريكي مناقشة موضوع حصول كييف على عضوية ناتو، في غياب ممثلين أوكرانيين.
وذكر المصدر بهذا الخصوص: “القرار بشأن منح العضوية أو رفض منحها يعود إلى ناتو والولايات المتحدة في المقام الأول، وليس إلى أوكرانيا، والمسؤولية لا ينبغي التهرّب منها”.
في سياق متصل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو: إن الوفد الروسي الذي سيجري المحادثات مع ناتو في إطار مجلس “روسيا – ناتو” يتطلع إلى حوار بنّاء حول المسائل الجوهرية.
وقال غروشكو في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء، قبل يوم من المحادثات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي: “نحن ذاهبون إلى هناك بتوقعات واقعية، ونأمل أن تكون هذه المحادثات جادة وعميقة حول المشكلات الرئيسية والجوهرية للأمن الأوروبي”.
وحسب الدبلوماسي الروسي، فإن حلف شمال الأطلسي التزم الصمت لسنوات عديدة بشأن هذه المشكلات واعتبر موقف موسكو غير مهم.
وأضاف غروشكو: إن “كل شيء يأتي في الوقت المناسب، وليس من المبالغة القول إن لحظة الحقيقة ستأتي في علاقتنا مع الحلف”.
وفي ظل توتر متزايد في العلاقات الروسية الغربية، تنطلق غداً الأربعاء محادثات في إطار اجتماع مجلس روسيا- ناتو في بروكسل.
من جهة ثانية، أعلنت الدائرة العسكرية الغربية في روسيا اليوم، أنها أرسلت نحو 3 آلاف جندي إلى أربع مناطق في وسط البلاد وجنوب غربها للمشاركة في تدريبات عسكرية.
وجاء في بيان أصدره المكتب الإعلامي للدائرة، أن حوالي 300 قطعة من المعدات العسكرية تشارك في التدريبات التي تشكل مقاطعات فورونيج وبيلغورود وبريانسك وسمولينسك، بينها دبابات “تي-72 ب3” وناقلات الأفراد المدرعة وأنواع مختلفة من الأسلحة.
وذكر البيان أن الهدف من التدريبات الجارية هو تحسين التنسيق القتالي بين تشكيلات مختلفة، ورفع المستوى المهني لأفرادها، والتدرب على استخدام أساليب وتكتيكات جديدة لأداء المهام القتالية في ظروف المعركة الحديثة.
وأشار المكتب الإعلامي للدائرة إلى أن التركيز في التدريبات التكتيكية سيتم على الرماية من الأسلحة النارية الخفيفة وأسلحة المدرعات وتنظيم المسيرات في ظروف هجمات فرق الاستطلاع والتخريب التابعة للعدو الوهمي.