إجراءات أردوغان الاقتصادية تؤكد غرقه في مستنقع الهاوية
محمد نادر العمري
في الوقت الذي حضّ فيه رئيس النظام التركي رجب أردوغان منذ أيام في خطاب ألقاه في اسطنبول، الأتراك على الاحتفاظ بكل مدخراتهم بالليرة، مدعياً أن تقلب سعر الصرف في الفترة الأخيرة كان تحت السيطرة إلى حدّ كبير بعد أن تراجعت الليرة بشدة خلال الشهرين الماضيين، أقدمت السلطات التركية على اتخاذ قرارات واتبعت سياسات تؤكد انفلات زمام السيطرة وعدم قدرتها على تحمّل عواقب تراجع قيمة العملة التركية، حيث سجلت الليرة أسوأ أداء لها عندما لامست انخفاضاً وصل إلى أكثر من 40% مع نهاية العام الماضي، لتكون الأسوأ أداءً بفارق كبير بين عملات باقي الأسواق الناشئة.
وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات من البنك المركزي التركي في اليوم الأخير من العام 2021 أن صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك انخفض إلى أدنى مستوى منذ عام 2002 ليصل إلى 8.63 مليارات دولار في 24 كانون الأول الماضي، من 12.16 ملياراً قبل ذلك بأسبوع، فيما يعكس تدخل البنك في سوق الصرف الأجنبي مؤخراً.
وكان البنك المركزي أعلن تدخله المباشر خمس مرات في السوق خلال الشهر الأخير من العام المنصرم لوقف انهيار العملة، ويقدّر حجم التدخل الإجمالي تراوحاً بين ستة وعشرة مليارات دولار. ولم تصدر إعلانات عن تدخل البنك المركزي منذ تشرين الثاني الماضي، لكن مصرفيين قالا إن انخفاض الاحتياطيات يشير إلى مزيد من دعم الدولة لليرة التركية. وفي العام المالي 2019- 2020، انخفض صافي الاحتياطيات عندما باع البنك المركزي 128 مليار دولار لبنوك الدولة لتثبيت سعر الليرة التي واصلت تراجعها. ورغم محاولات المركزي التستّر على الحقائق، كشفت بيانات من معهد الإحصاء التركي أن مؤشر الثقة في اقتصاد البلاد انخفض 1.8 في المائة على أساس شهري تشرين الثاني وكانون الأول الماضيين إلى 97.6 نقطة.
ونتيجة لذلك، سارعت السلطات التركية لتعويض بعض الخسائر، حيث رفعت أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي للاستهلاك المنزلي اعتباراً من اليوم الأول للعام الجديد، متذرعةً بأن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة في العالم. وتراوحت الزيادات في أسعار الكهرباء بين 52 في المائة و130 في المائة بالنسبة للاستهلاك المنزلي، بحسب وسائل إعلام محلية، وذلك في الوقت الذي تحوّلت فيه البلاد إلى نظام التسعير التدريجي.
وبموجب النظام الجديد، سوف تدفع الأسر 1.37 ليرة (0.09 دولار) مقابل كل كيلوواط في الساعة بالنسبة للكهرباء، وحتى 150 كيلوواط في الساعة، وسوف تدفع 2.06 ليرة (0.14 دولار) حال زاد الاستهلاك عن هذا الحدّ اعتباراً من أول شهر كانون الثاني الحالي، وفق ما ذكرت هيئة تنظيم أسواق الطاقة في البلاد في بيان أصدرته في ساعة متأخرة ليلة رأس السنة. ورفعت شركة الغاز المملوكة للدولة “بوتاس” أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المائة للمنازل، و15 في المائة لمحطات الطاقة، و50 في المائة للمصانع اعتباراً من التاريخ ذاته، وفقاً لبيان نشرته الشركة على موقعها الإلكتروني. وبات المواطن التركي بين فكي كماشة: إما ارتداد تأثير ارتفاع حجم التضخم الذي ناهز 36.08 في المائة، على مستوى معيشته اليومية، أو استمرار تدحرج كرة رفع أسعار الخدمات والمواد التي تقدّمها الدولة، ما سيترك تأثيراً سلبياً على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة دون أدنى شك.