4 ساعات على كرسي الوزير .. حمزة حسن ورفاقه في “الاولمبياد” يقودون مهام “التربية”
دمشق- علي حسون
لم تمنع إعاقة 16 لاعباً من أبطال الاولمبياد الخاص السوري من ممارسة دور القيادة والإدارة في مبنى وزارة التربية ليوجّهوا رسالة إلى المجتمع بأنهم قادرون على اتخاذ القرارات وتسيير أمور ومصالح المواطنين، والمساهمة في بناء المستقبل، واستثمار قدراتهم مثلهم مثل الأشخاص الطبيعيين، بل يتفوقون أحياناً عليهم بأشواط.
تجربة رائدة
وزارة التربية كانت السباقة في تعزيز هذه الرسالة المجتمعية بتنظيم فعالية لأول مرة على مستوى الوطن العربي بتسليم هؤلاء اللاعبين الأبطال من ذوي الإعاقة، مصابي “متلازمة داون”، المشاركين في برنامج القادة ضمن مؤسسة الاولمبياد الخاص السوري، أماكن المناصب العامة بالوزارة، حيث توزع اللاعبون على المديريات لإجراء حوار، وتبادل الخبرات مع الفعاليات التربوية بالوزارة.
مبادرة التربية حملت شعار: “أنا قادر أنا قائد”، وذلك بترؤس اللاعبين مناصب: وزير، ومديرين فرعيين، ورؤساء دوائر في الوزارة، لمدة 4 ساعات متواصلة، وممارسة دورهم بالكامل من خلال تسيير المعاملات، وتوقيع البريد، والقيام بجولات على المديريات، ولقاء الموظفين، وتقديم النصائح والتوجيهات وفق ما يرونه مناسباً .
مهام وزير
“البعث” تابعت هذه الفعالية، والتقت اللاعب البطل، حمزة ديب حسن، الذي عمل كوزير للتربية، واستقبل المراجعين، والتقى المديرين وزودهم بالتوجيهات، وطلب منهم عدم تأخير المعاملات، وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
البطل حمزة أكد في تصريح لـ “البعث” أنه سعيد جداً بهذه التجربة، خاصة أنه شعر بالمسؤولية، وحب العمل، وتقديم قيمة مضافة في الحياة العملية والمجتمعية، ليس فقط على مستوى الرياضة، معتبراً أنه جاهز لأي عمل يطلب منه بغض النظر عن المكان والاختصاص، فهو يستطيع أن يكون قائداً كما هو بطل رياضي.
.. حمزة، وبعد أن انتهى الدوام وذهب إلى المنزل، قال لوالده مازحاً: “نسيت زوجة ابن عمي المعيّنة في محافظة حماة، أن أوقّع لها قرار نقل إلى اللاذقية، محافظتها”.
حلم تحقق
توزع أبطال الاولمبياد لتولي مهام المديريات في الوزارة كمهمة مدير التربية الرياضية، ومدير التعليم الأساسي والثانوي، ومدير التعليم الخاص، ومدير الامتحانات، ومدير الجاهزية، ومدير التدريب، وغيرها من المفاصل الإدارية في الوزارة.
اللاعب فادي حوزاني الذي تسلّم مهام مدير التعليم الخاص قال: كانت هذه التجربة كحلم تحقق، وأشكر وزير التربية الذي أعطانا المجال لنعيش ولو بضع ساعات دور المدير، وبصفتي أشغل حالياً منصب مدير التعليم الخاص أتمنى أن نشارك في المجالات الرياضية والموسيقية والفنية مع طلاب المدارس الخاصة، ونشكّل فرقاً تشارك بمسابقات ومعسكرات تدريبية داخلية وخارجية.
وعبّر باقي أبطال الاولمبياد الذين تولّوا المهام في الوزارة عن سعادتهم بهذه التجربة والفكرة، آملين أن تتوسع التجربة وتحذو وزارات أخرى حذو وزارة التربية كونهم يرغبون في التعرف على الاختصاصات الأخرى، وأن يعيشوا شعور العاملين والموظفين والمديرين في الجهات الحكومية.
مدير التربية الرياضية في الوزارة الدكتور عبد الحميد الزرير أكد أهمية مذكرة التفاهم التي تم توقيعها خلال الأيام الماضية، ودور وزارة التربية في دعم هذه الشريحة، وجعلها منخرطة في سوق العمل، وذلك بعد تطوير قدراتهم البدنية والعقلية، ودمجهم بالمجتمع، وجعلهم أشخاصاً منتجين، وتسليط الضوء عليهم بشكل مباشر، وتفعيل دورهم في بناء الوطن.
مدير التعليم الخاص ثنية نويصر أوضحت أن وزارة التربية معنية بشكل أساسي بدمجهم في المدارس والرياض الخاصة والمجتمع، وتعمل على ترخيص مدارس تهتم بهم، والتشجيع عليها، مؤكدة أنها سعيدة بهذه التجربة، وتتمنى أن تتكرر بشكل دوري للوقوف على مشاكل ذوي الإعاقة، ومتطلباتهم واحتياجاتهم باعتبارهم شركاء للجميع في الوطن ولهم حقوق.
تعزيز الدمج التعليمي
وزير التربية الدكتور دارم طباع تحدث لـ “البعث” عن هذه التجربة التي تعزز عملية الدمج التعليمي في المدارس كون الوزارة عملت بها وستقوم بتفعيلها أكثر في المستقبل، لاسيما عندما نضع هؤلاء الشباب في مركز قيادي تربوي له فائدة للمعاق والتربوي، حيث يشعر العاملون في الوزارة بأهمية الدمج، ووجوب تأمين واقع ومستقبل صحي لهم، فضلاً عن كون الفعالية تمثّل تجربة مثيرة للشخص ذاته، وتمنحه الثقة والانفتاح والسعادة، موضحاً أن هؤلاء الأشخاص يملكون من القدرات العقلية الكثير، ويستطيعون أن يكونوا في أي مركز قيادي أو إداري، خاصة أنهم أثبتوا ذلك في هذا اليوم من الفعالية بالوعي والنشاط الكبيرين من خلال توقيع بريد الوزارة، وتوجيه المديرين بأمور تربوية صحيحة قد تكون غافلة عنهم أنفسهم، إضافة إلى حديثهم مع الموظفين، واستفساراتهم التي تنم عن إدراك بواقع العمل التربوي، وإعطاء الإرشادات.
ولفت الوزير طباع إلى أن الوزارة تستهدف جميع الفئات من ذوي الإعاقة، لكن هذه الفعالية موجّهة إلى فئات متلازمة داون، ويجب على الجميع تفهم تلك الفئة، ومراعاة ظروفها، مضيفاً: نحن في وزارة التربية عملنا من خلال استراتيجيات دمج ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية.
وزير التربية أشار إلى شكاوى قدمها هؤلاء الأبطال سمعوا بها من المواطنين، طالبين معالجتها من المعنيين فوراً، حتى إنهم وقّعوا على قرارات عقوبات لموظفين، منوّهاً بأهمية هذه الفعالية التي تجسّد محبة الشعب السوري وتآخيه، وتوجيه رسالة لكل مواطن أن ذوي الإعاقة عناصر فعالة في المجتمع، وواجب على الجميع تهيئة الظروف والإمكانيات ليعيشوا بأمان واطمئنان مع الناس الأسوياء.