دراساتصحيفة البعث

روسيا.. أوكرانيا والناتو

ترجمة: هناء شروف 

يبدو من الواضح أن استراتيجيات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تهدف إلى استخدام أوكرانيا لاحتواء روسيا، وحشد دعم الدول الأوروبية الآسيوية الأخرى للغرب. ومع ذلك، تتوخى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحذر عندما يتعلق الأمر بإدراج أوكرانيا في الناتو أو الاتحاد الأوروبي، بسبب القدرة العسكرية الروسية والمعارضة القوية.

بالنسبة لروسيا تتعلق المسألة الأوكرانية بالمصالح الجوهرية لموسكو، لأنها ترى أوكرانيا كدولة عازلة بين روسيا وكتلة الناتو، ولا عجب أن تعتبر موسكو جهود أوكرانيا للانضمام إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي بمثابة تجاوز لـ “الخط الأحمر” لروسيا.

أدت العوامل الخارجية إلى جانب الانقسامات السياسية الداخلية، وأدت الأوليغارشية في السياسة الداخلية إلى إضعاف الحكم في أوكرانيا، وأثرت على استقرارها الاجتماعي وتطورها الاقتصادي. وبالمقارنة مع الجمهوريات السوفيتية السابقة الأخرى، فإن اقتصاد أوكرانيا سيئ الأداء. وبعد فوز الممثل الكوميدي الذي تحول إلى سياسي فولوديمير زيلينسكي بالانتخابات الرئاسية في عام 2019، ازدادت وتيرة التنمية الاقتصادية، لكنه نكث بالوعود بسبب العقبات التي أوجدتها الأوليغارشية والنخب الإقليمية وأحزاب المعارضة والقوى الخارجية.

تنخفض معدلات الموافقة على زيلينسكي وحزبه الحاكم على الرغم من انتعاش الاقتصاد الأوكراني في عام 2021 مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7 في المائة في الربع الثالث – أقل من النمو بنسبة 5.7 في المائة في الربع السابق – ولكن أعلى من 2.2 في المئة في الربع الأول، حيث وصل الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 190 مليار دولار في عام 2021.

ولا تزال البلاد تواجه تحديات لا تعد ولا تحصى بما في ذلك التطور البطيء للاقتصاد الحقيقي، وزيادة معدل التضخم، وانخفاض عدد السكان، والآثار المدمرة لوباء كوفيد 19. وعلى الرغم من ذلك، تعمل أوكرانيا على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية على أمل الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي بعد أن وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي من أجل تعزيز الشراكة الأمنية مع أوكرانيا على قانون الشراكة الأمنية الأوكرانية في 22 نيسان من العام الماضي، وأجازت 300 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي. ومع ذلك لم تستطع أوكرانيا الحصول على عضوية الناتو،  أو تعديل بروتوكول مينسك  الذي وقعته روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا في شباط 2015 لإنهاء الصراع في شرق أوكرانيا.

وعلى خلفية هذا الواقع، ازدادت المواجهات بين روسيا والولايات المتحدة، ولم يُظهر أي من الطرفين أي رغبة في التسوية أو مراجعة سياسته تجاه أوكرانيا. عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي جو بايدن قمة افتراضية في 7 كانون الأول الماضي قال فيها بوتين إنه يريد ضمانات ملزمة قانوناً ضد توسع الناتو، وعارض محاولات الحلف لتطوير الأراضي الأوكرانية. كما سعى للحصول على تأكيدات بأن الولايات المتحدة أو الناتو لن ينشروا أنظمة أسلحة هجومية في دول قريبة من روسيا.

في المقابل، رفض بايدن إعطاء نوع الضمان الذي تريده روسيا لأوكرانيا، وحذر بدلاً من ذلك من أن الغرب سيتخذ إجراءات اقتصادية وغيرها من الإجراءات القوية ضد روسيا في حالة غزو أوكرانيا. وهو ما يعني أن الولايات المتحدة تسعى إلى علاقات غير مستقرة، بينما تريد روسيا حواراً بناء مع الولايات المتحدة ولكن دون أي اختراق في الأفق.

حتى الآن، ينفذ زيلينسكي سياسات موالية للغرب ومعادية لروسيا لحشد الدعم من الغرب، كما رفع ميزانية الدفاع في البلاد، وحث المنظمات الدولية على الاعتراف بآلية منصة القرم. ومن جانبها تستمر واشنطن في تعزيز شراكتها الإستراتيجية مع كييف ودعم  الحكومة الأوكرانية في مشروع محاربة روسيا، حيث أكدت إدارة بايدن أن أوكرانيا لها الحق السيادي في اختيار حلفائها ويمكن للولايات المتحدة أن تساعدها في تعزيز قدراتها الدفاعية من خلال توفير الأسلحة الفتاكة  والتدريب العسكري وإجراء مناورات عسكرية مشتركة معها.