فعاليات فنية ثقافية منوعة في مهرجان مسرح الطفل
مع بدء العطلة الانتصافية، وفي مختلف المحافظات، انطلقت احتفاليات منوعة في مهرجان مسرح الطفل، الذي تقيمه مديرية المسارح والموسيقا والمسرح القومي، متضمنة أنشطة وفقرات ترفيهية منوّعة خاصة بالطفولة بهدف تقديم المتعة والفائدة للأطفال، وإضفاء أجواء الفرح والسعادة على عطلتهم.
ففي حلب (غالية خوجة) كانت البداية مع مسرحية “تلفزيون جدو غسان” ويتألف فريق عملها من الممثلين سيف الدين صابوني وأحمد عزيزة، اللذين تذكرنا شخصيتهما بـ”لوريل” و”هاردي”، وتمثيل وإعداد وإخراج غسان مكانسي ونور الدين حلبي المخرج المساعد.
وبإيقاع متناسب الحركة الفعلية والكلامية والزمانية انطلقت مسرحية تلفزيون جدو غسان، معتمدة على سينوغرافيا بسيطة عميقة موظفة بشكل دقيق، بينما كل كلمة من كلماتها كانت مدروسة جيداً وفي مكانها المناسب، وكنا نتمنى لو كانت باللغة العربية الفصحى، وجاء التمثيل بأداء متناغم وقريب مما يحدث مع الطفل من حركات وأفكار، إضافة إلى الفاصل الموظف بطريقة تفاعلية أيضاً بهيئة مسابقة.
وهذا ما جعل المسرحية تتسم بعرض تفاعلي تشارك فيه الأطفال الحضور الذين احتشدوا في طابقين من صالة العرض على مدى يوميّ العرض، وانجذبوا للحكايات الثلاث التي كان بين كل منها فاصل مشوق لمسابقة مؤلفة من أسئلة وهدايا عينية من أجل ترسيخ الفكرة والقيمة الأخلاقية المرسلة للطفل، سواء الرغبة في المزيد من العلم، أو المحافظة على النظافة، أو ضرورة تناول الدواء، أو الصدق في الكلام والتعامل.
تركزت الحكاية الأولى على التعليم من خلال الأدوات الرئيسية مثل القلم الذي يصغر لأنه يكتب من أجل العلم والنور والحقيقة والممحاة التي تصغر لأنها تمحو الأخطاء، بينما عرّفت الحكاية الثانية الأطفال على مدينتهم حلب كمعالم وتراث، وعلى سورية وعواصم البلدان العربية، كما عرفتهم على شخصيات ثقافية وفنية منها عمر حجو وصباح فخري وعمر أبو ريشة والمتنبي، وضمن مشاهد واقعية تحركت الحكاية الثالثة لتجذب الأطفال إلى ضرورة تناول الدواء وتجاوز الأزمات الصحية والنفسية.
صيغة هادفة جاذبة
ولعب غسان مكانسي دور الجد الذي لا يوجه بشكل مباشر، بل يتعامل مع الأحفاد والأطفال بتفهم كبير وكأنه طفل معهم ومثلهم، وعن هذا الدور وفنيات التعامل مع الطفل نفسياً وعقلياً واجتماعياً، خصّ غسان مكانسي “البعث” قائلاً: وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا تعتني بالطفل والدليل في كل عطلة انتصافية هناك مهرجان مسرحي، والأهم تقديم القيم الهامة للطفل من خلال هذه الفعاليات، لأن المسرح مثل الصف المدرسي يحتاج لجلسة صحية وانتباه وتفاعل، ومسرحية تلفزيون جدو غسان التي توجه الطفل بطريقة غير مباشرة إلى الدراسة والعلم وأهمية التعرف إلى مدينته ووطنه، وهذه القيم موظفة بصيغة العمل المسرحي الذي يجذب الطفل بأسلوب مرِح هادف، ليتقبله بشوق ومحبة.
ولأن المسرح الشعري غائب تماماً عن المشهد، سألته: أين المسرح الشعري في حلب؟ فأجاب: الشعر للإلقاء أفضل ومن أيام المعلقات الشعر في سوق عكاظ، بينما المسرح فأقرب إلى الحوار الدرامي، البسيط، المنسجم مع فكر الطفل وسيكولوجيته ونفسيته وعمره، ولذلك، حكايات الجدات والأجداد مازالت مؤثرة، وقبل أن أنجز أي عمل للطفل درست سنتين لأقدم له “حكاية العصفور الأزرق”.
وعن علاقته المرنة والمفيدة مع الطفل، أخبرنا: أستفيد من الطفل وآرائه وأتعلم منه، لذلك، أصبح الطفل ينتظرني، فلماذا لا نعمل لذلك؟ للطفل عالمه النقي، البريء، يتحدث دون زيف ونفاق اجتماعي.
مسرح “نظيف”
وبدوره، تحدث محمد حجازي مدير المسرح القومي بحلب لـ”البعث”: نحاول الاتجاه نحو مسرح “نظيف” خالٍ من الضحك المجاني، ويحمل قيمة ويؤدي رسالة، كما نمنح فرصة جيدة للشباب على الرغم من أن المستوى دون المطلوب، لكن، لا بد من الاستمرار من أجل اكتشاف المواهب وتنميتها ومواصلة العمل المسرحي.
وتابع: المهرجان هذا العام مختلف لأنه يقدم عروضاً متنوعة تقدم الفن الجميل والمتعة والفائدة، حيث عملنا على اختيار النصوص الجيدة والمخرجين الكبار لتقديم عروضنا لأن مسرح الطفل يحتاج لدراسة متأنية قبل التقديم، فكل كلمة وحركة يجب أن تكون مدروسة، ونقدم هذا العام 4 عروض تتوزع على ثمانية أيام تحمل رسائل نبيلة وقيماً هامة مقدمة عبْر ترفيه هادف.
وعندما سألنا غفران الحسن عن رأيها، قالت: مدرّسة معلوماتية، وأحضر مع أطفالي العرض، وتلفزيون جدو غسان عرض له عبرة وقصة، وعادة ما نحضر المهرجان المسرحي منذ زمن، فنتناقش ونخبر الأقارب والأصدقاء، وأقترح أن تكون هناك عروض مسرحية جادة كل عطلة أسبوعية.
“خيال الظّل”
وفي حمص (آصف إبراهيم) استهل المهرجان بعرض لمسرح “خيال الظّل”، من إعداد آية أسليم، ورشا محمد من كادر قسم الطفل، كما تضمنت الأنشطة فقرة الرسم على الوجوه، ومسابقات ترفيهية، إضافة إلى مجموعة من الألعاب بالتعاون مع فريق “سيار”، نالت إعجاب الأطفال ورسمت الابتسامة على وجوههم.
وضمن مبادرة “اخترنا لك” قدمت المختصة بأدب الطفل إيلين ديب فقرة المطالعة الخاصة بالأطفال اليافعين، حيث روت قصة عالمية بعنوان “حرب شراب الليمون” لحث الأطفال على القراءة.
كما قدمت فرقة هابي ماجيك مجموعة من الفقرات الكوميدية من إعداد وإخراج سعيد طوقتلي، تنوعت بين ألعاب الخفة وألعاب التسلية تفاعل معها الأطفال بالضحك والتصفيق.
من جهة أخرى أقامت دار علاء الدين ومؤسسة زنوبيا معرضاً لكتب الأطفال في قاعة قسم الطفل بإشراف سوسن خباز، وشمل قصصاً خاصة لتلبية احتياجات الأطفال، باعتباره منصة ترفيهية وعلمية تناسب أعمارهم ومتطلباتهم وتقدم لهم العلم والفائدة.
وأوضحت رئيسة قسم الطفل في مديرية ثقافة حمص صبا وسوف أن فعاليات مهرجان مسرح الطفل تهدف إلى تقديم نشاطات ترفيهية وتثقيفية للأطفال، وهي فرصة للترفيه والتسلية واكتساب مهارات تربوية وتعليمية تساهم في بناء شخصية الطفل.