مخابر وعيادات ما قبل الزواج.. عمل متواصل لمكافحة الأمراض الوراثية ونتائج تُدعم بالوعي المجتمعي
دمشق- حياة عيسى
لم تكن فكرة إنشاء عيادات ما قبل الزواج حديثة العهد بل هي قديمة للتخلّص من الأمراض الوراثية التي يتمّ نقلها عبر الأبوين إلى الأولاد كالتلاسيميا وفقر الدم المنجلي، حيث كان لمحافظة اللاذقية الحظ الأوفر في إنشاء أول عيادة ومخبر لفحص ما قبل الزواج عام 2007، ليصار فيما بعد إلى انتشارها في كافة المحافظات.
نقيب أطباء سورية الدكتور غسان فندي بيّن في حديثه لـ”البعث” أن القانون السوري في عام 1952 ألزم أن يكون في كل اضبارة زواج تقرير طبي يثبت خلو الخاطب والمخطوب من الأمراض الوبائية وما شابه، ومع تطور العلم أصبح هناك الكثير من العوامل الطبية للتخلّص من الأمراض الوبائية، فأصبح التوجّه نحو الأمراض الوراثية للقضاء عليها واجتثاثها بهدف الوصول إلى أجيال خالية من تلك الأمراض الخطيرة، ومن هنا تمّ البدء بعيادات فحص ما قبل الزواج لتنظيم إعطاء التقرير الطبي، ولاسيما أنه قبل تلك الفترة كان التقرير المعطى غير دقيق “خلبي” دون أي دراسة مخبرية أو سريرية، ولكن عند إقرار وفتح مخبر وعيادات ما قبل الزواج وضع قانون ناظم له، حيث أوكل للنقابات بإنشاء المخابر في كافة المحافظات لإجراء الفحص السريري والمخبري اللازم والمتضمن ستة تحاليل (تعداد وصيغة، زمرة، التهاب كبد A، التهاب كبدC، الإيدز، ورحلان الخضاب) وكل تحليل له مقصد علمي للاستفادة منه والكشف عن الأمور الخطيرة التي من شأنها أن تؤثر على الأطفال، أو للكشف عن المورثات التي تسمح بأن يكون هناك أطفال مصابون بفقر الدم المنجلي أو التلاسيميا، وللكشف عن تنافر الزمر لتقديم العلاج اللازم لتتمكّن المرأة من الحمل مرة أخرى، وللتحقق من الأمراض الإنتانية كونها تنتقل عن طريق الجنس للحصول على وليد خالٍ من الأمراض ومعافى.
وأشار فندي إلى أنه قبل الحرب الكونية شهدت كافة المحافظات انتشار 14 مخبراً وعيادة، ولكن بعد الحرب خرجت بعض تلك المخابر عن الخدمة، إلا أن وزارة الصحة عملت على إعادة إحياء المخابر المدمرة أو التي خرجت عن الخدمة بشروط طبية وصحية أكثر انضباطاً، علماً أن تكاليف التقرير الطبي الصادر عن المخابر لا يتجاوز الـ/55/ ألف ليرة أي بسعر تكلفة المواد المستخدمة فقط لدراسة الوضع الصحي لدى الخاطب والمخطوب، وهو أمر يتطلّب وعياً مجتمعياً لتحقيق المصلحة الطبية العامة، بهدف التخلّص من وباء ومرض خطير يهدّد حياة الأطفال والذي تتجاوز تكلفة علاجه نحو /1500/ دولار كحدّ أدنى يقع على عاتق الحكومة، علماً أن هناك تقنيات حديثة للكشف عن إصابة الجنين بالمراحل الأول من الحمل بالتلاسيميا وفقر الدم المنجلي.
يُشار إلى وجود دراسة جديدة بالتعاون مع وزارة الصحة لإيجاد ضوابط لتلك المخابر من خلال تشكيل لجان تعمل على مراقبة وتفتيش عملها، ومدى مصداقيتها في إجراء التحاليل بالطريقة الصحيحة لإعطاء تقرير مضبوط 100% ويكون القرار لا لبس فيه، وفي حال وجود مشكلة في التحاليل تأتي مهمّة المخابر بالتعاون مع الوزارة لإعطاء الإرشادات اللازمة، بالتزامن مع وجود دراسة حالية مع وزارة العدل لضبط وتنظيم حالات تثبيت الزواج، بحيث لا يتمّ تثبيت الزواج إلا بعد الحصول على التقرير الطبي الذي يثبت حالة الخاطبين الصحية بهدف القضاء على الأمراض الوراثية الخطيرة واجتثاثها ولحماية الأجيال القادمة.