“على قاعدة ليس كل متعلم مثقفاً” .. خلافات عائلية وصراع في مضمار اختلاف المستوى التعليمي
البعث الأسبوعية – بشير فرزان
لم تقف العادات التقاليد في طريق أفكاره فقد تزوج حسان وهو المخبري الناجح من أبنة عمه غير المتعلمة وقد استطاع كما يدعي أن يقرب المسافة العلمية والثقافية معها فهو يؤمن أن يمكن التغاضي عن تشاركية الأفكار والاهتمام والميول حتى في المواهب لفترة محددة ولكن بشرط الرغبة المشتركة القائمة على الحب بين الطرفين والإصرار على متابعة الحياة الزوجية العمل المتواصل على تنمية وتدعيم ثقافة كلا الشريكين وتحفيز الشريك غير المتعلم وتشجيعه على القراءة والمطالعة و على استخدام الحاسوب وكل ما يفيده لرفع حالته الثقافية . ويدافع حسان عن فكرة أنه ليس كل متعلم مثقف والعكس صحيح وهناك أمثلة كثيرة تكون فيها حياة صاحب العلم فاشلة بامتياز من كافة النواحي فالكثير من المتعلمين يبتعدون عن المطالعة والقراءة وحالة تثقيف الذات بمجرد إنهاء المرحلة التعليمية بكل مستوياتها فنجدهم غير ملمين بما يحدث من مجريات الأمور من تطور فكري وعلمي وثقافي .
الباحثة الاجتماعية هند زين ترى في العلم أحد المعايير الاجتماعية المهمة التي تبنى عليها الحياة السليمة بين الزوجين فلابد من التوافق الفكري والمستوى التعليمي بينهما لكي لا تخلق مشكلات مستقبلية تتعلق بإرضاء الذات ,فالمرأة لا تشعر بالنقص إن وصل زوجها إلى مستوى تعليمي أعلى منها بينما الرجل يشعر بالنقص وقد تتشكل لديه (عقدة ) إن كانت زوجته أكثر تعليما ً منه
كما أكدت على أن المستوى المادي لا يشكل دوراً مهماً بين الزوجين كما هو حال العلم لأن المال حالة تشاركية في الأسرة الواحدة بينما العلم نابع من شخصية المرء الذي أثبت نفسه وجدارته في الوصول إلى المستوى والطموح الذي يبتغيه.
العديد من الدراسات الاجتماعية التي قام بها علماء الاجتماع والخبراء في زواج المتعلمات من المتعلمين أو العكس تتفق على أن الشعور بالنقص لا يتوقف عند المتعلمين فحسب بل عند زواج أصحاب الحرف والأعمال والتجارة أيضاُ ، فغيرة الرجل من نجاح المرأة ليس جديدة بل واضحة عبر التاريخ ومنذ أن أكل أدم تفاحة حواء خاصة أن المرأة تشهد تقدما على جميع المستويات ولا يقف شعور النقص عند الرجل غير المتعلم أمام تعليم المرأة فقط بل عند نجاحها بعملها أو نجاحها بحياتها الاجتماعية .
وهذه القاعدة لايمكن تعميمها على العلاقات الزوجية كافة فهناك علاقات استطاعت النجاح وتحقيق التكامل والتخلص من تداعيات الصراع التاريخي بين الرجل والمرأة لإثبات الذات وبأسلحته المعروفة كالغيرة من التفوق الذي يضع الكثيرات أمام خيارين ترك دراستها وايقاف مستقبلها عند نقطة الصفر الثقافي وبالتالي حرمانها من العمل ومن فرصة اثبات ذاتها كشريك حقيقي وكسر عضويتها في المجتمع وملاحقة مستقبلها بصفة الضلع القاصر أو اختيار أكمال المسيرة التعليمية وبالتالي تحقيق وجودها الفاعل والتخلص من عقدة الذكورة وغالبا ماتكون المحصلة الحرمان من الحياة الزوجية ومشاعر الأمومة والتعرض لانتقادات المجتمع الذكوري .
وبعكس حال الكثير من العلاقات داخل المجتمع يؤكد علماء الاجتماع أن التعليم لكلا الزوجين يزيد من نسب التفاهم ويقوي العلاقة الزوجية والفكرية بينهما ويستطيعان بتر الخلافات الزوجية إلى أدنى درجة ممكنة نتيجة الثقة وعدم الشك بأن كلا الزوجين يعبر عن رأيه وحقه وواجبه دون إجحاف بحق الآخر .
ويجد علماء الاجتماع أن الغيرة والشعور بالنقص لدى الأزواج الأقل تعليما من المرأة واضحة ولكن بنسب مختلفة تلعب البيئة الاجتماعية دورها والمرأة تشعر بالغيرة من تفوق الرجل لكنها لا تظهر كما الرجل نتيجة طبيعية الرجل الشرقي المنفعل .
تبرئة العلاقة بين الرجل والمرأة من أزلية التفاحة وأحكامها الغيبية المطلقة يحتاج إلى جهود كبيرة وتعاون متواصل بين المجتمع الأهلي ورجال الدين من جهة والجهات التربوية التي تتشارك فيما بينها مسؤولية كسر تلك المفاهيم والعادات وتحييد الحالات الإيمانية الخاطئة التي مازالت تلعب على وتر التميز بين بنات حواء ذوات العقل الناقص وأبناء أدم الممنوحين الولاية .
ولكن بالمحصلة هناك الكثير من النقاط التي ستبقى في حكم الجدلية نظراً لخضوعها لصيرورة الحياة البشرية وعلاقاتها الإنسانية التي يحكمها الفشل والنجاح في وقت واحد وهذا يعود لشخصية الإنسان وتكوينه الفكري وهذا مايصعب عملية الحكم على نجاح أو فشل العلاقة الزوجية التي تربط بين المتعلم وغير المتعلمة وبالعكس .