متعة الفرجة المسرحية
سلوى عباس
يعتمد المسرح لغة ذات نكهة خاصة في تواتر علاقته مع الطفل كونه يمثل رافداً من روافد الثقافة، ووسيلة تعليمية تنطلق بفكر الطفل إلى عالم أفضل، وقد كان هناك مخرجون اهتموا بهذا الفن وأدركوا أهميته في تكوين شخصية الطفل وتنمية ثقته بنفسه وبالآخرين، وينمي لديه الإبداع والاعتماد على الذات من خلال الموضوعات التي يطرحها هذا الفن، وهذا ما لمسناه في الأعمال التي تضمنتها تظاهرة مسرح الطفل التي اعتادت مديرية المسارح والموسيقا أن تقيمها في العطلة الانتصافية والأعياد كالعرض البصري الغنائي “فلة والأقزام السبعة” الذي أعد نصه الفنان المسرحي هشام كفارنة عن الفيلم الموسيقي “الأقزام السبعة وبياض الثلج”، وإخراج بسام حميدي الذي يمثل هذا العمل جزءاً من مشروعه في تقديم عروض مسرحية بصرية تجذب الطفل، وهذا ما ميز عرض “فلة والأقزام السبعة” وحرره من الصورة النمطية للحكاية التي اعتدنا سماعها على لسان جداتنا وأمهاتنا، وتدور أحداثه حول الملكة الشريرة التي لطالما سألت مرآتها عن السيدة الأجمل في الكون آملة في أن تحظى بهذا اللقب، ولكنها في كل مرة تسأل المرآة يأتيها الرد مزعجاً، وقد جسدت الفنانة تماضر غانم الدور ببراعة كما عهدناها في كثير من الأعمال، ففلة مازالت هي الأكثر جمالاً ما يدفع الملكة إلى حياكة المؤامرات الشريرة ضدها، وقد شكل فريق العمل من ممثلين وفنيين لوحة إبداعية متكاملة من موسيقا وإضاءة وديكور، وبحسب المؤلف الموسيقي للعمل إيهاب مرادني فإن العرض يحمل العديد من المعايير الجديدة أهمها أنه عمل مغنى بشكل كامل، وساعد على ذلك أن الشعر الذي كتبه الفنان هشام كفارنة جاء بأسلوب راق ولغة وصياغة جميلة قريبة من التلحين فلجأ إلى التلوين بالمقامات والأنماط الموسيقية حتى لايقع في مطب الملل الذي قد يتخلل العمل ونحا في تلحينه لأسلوب الموسيقا التصويرية التي حقق مرادني عبرها بصمة مهمة في المسلسلات الدرامية، كما حمل العمل الكثير من القيم التي كان الأطفال على فهم وإدراك لها، كقيم التعاون والصداقة وأهميتها والعمل الجماعي ومردوده الإيجابي، والدعوة إلى التآخي والسلام.
لاقى العرض الذي قُدم على مسرح الحمراء إقبالاً جماهيرياً لافتاً إذ غص المسرح بالجمهور حيث حضر الأهل مع أولادهم وشكل الأطفال في تفاعلهم مع العرض لوحة تفرح القلب وتكسر حدة برد الطقس وقد عبّر حميدي عن سعادته بهذا الحضور المهم والجميل قائلاً: “الأهل حين يأتون بأطفالهم إلى المسرح عليهم أن يشعروا أن أبناءهم سيسمعون حواراً أو جملاً لغوية صحيحة ولها معنى، وليس مجرد عمل تجاري الهدف منه إضحاك الطفل فقط”.
لعلها من المرات القليلة التي يتم فيها إنتاج عرض مسرحي للأطفال يكون عماده التوليفة البصرية بين شاشات العرض والإضاءة والممثلين على الخشبة فكان “فلة والأقزام السبعة” صورة تؤكد ارتباط المسرح بالفنون الأخرى من العلوم والأدب من خلال الديكور والنص واللغة والغناء، فبعد أن اعتاد الأطفال واعتدنا نحن معهم أن يقدّم مسرحياتهم ممثلون كبار يتقمّصون أدوارهم وشخصياتهم ويتحدّثون عن أحلامهم وأفكارهم، كان الأطفال في هذا العمل مشاركون متميزون إلى جانب الممثلين المسرحيين الكبار، كما كان لمشاركة مؤسسة ميار” الدولية والمؤسسة العربية للإعلان في إنتاج العمل دوره المهم في تأكيد تكاملية العمل بين القطاع العام والخاص لدعم الفن المسرحي بشكل عام ومسرح الطفل بشكل خاص.
شارك في تجسيد شخصيات العمل: شهد عباس، شادي وربيع جان، تماضر غانم، خوشناف ظاظا، ماريا عيد، فيصل سعدون، ناصر الشبلي، ماجد الشيخ، جمال تركماني وزهير بقاعي مي مرهج وفادي الحموي.