ديوكوفيتش في ظل رفض اللقاح بعيد عن تحطيم الأرقام… وأزمة بطولة أستراليا قابلة للتكرار
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
بعد عامين تقريباً على انتشار جائحة كورونا وتأثيرها على شتى مناحي حياتنا اليومية، حاول الجميع جاهدين التعامل معها والتأقلم على أنها واقع قد لا نشهد له نهاية قريبة، ويمكن أن نعتبر التدابير التي اتخذتها المنظمات الرياضيّة مثالاً جيداً على طرق التكيّف مع الفيروس، ومع ذلك كلّه تظهر بين الفترة والأخرة قضيّة تضجّ بها الصحافة العالميّة، كما حصل نهاية العام الماضي مع مسألة إيقاف الدوري الإنكليزي في جولات البوكسينغ داي من عدمه، للمرة الأولى دون وجود حرب، واليوم تنشغل وسائل التواصل والأوساط الرياضيّة وخاصّة محبي الكرة الصفراء، بقضية المصنف أوّل عالمياً الصربي نوفاك ديوكوفيتش وإلغاء تأشيرته إلى أستراليا للمشاركة في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس والتي تقام سنوياً في الأسبوعين الأخيرين من شهر كانون الثاني.
وفي التفاصيل، احتجز ديوكوفيتش للمرّة الثانية بعد أن ألغت أستراليا تأشيرة دخوله إلى أراضيها للمرة الثانية بسبب عدم تلقيه اللقاح المضاد لكورونا، في انتظار صدور قرار قضائي في هذه القضية، والحجة المقنعة أن سلوكه هذا يمكن أن يشجع المشاعر المناهضة للتلقيح، وأن الحكومة الأسترالية مصممة بقوة على حماية الحدود الأسترالية، سيما ما يتعلق بجائحة كورونا، وينصّ القرار على منع ديوكوفيتش من الحصول على تأشيرة دخول إلى أستراليا لمدة ثلاث سنوات إلا في ظروف استثنائية، وتبرر أستراليا تشددها بسبب ارتفاع أعداد الاصابات فيها في الفترة الأخيرة، لتسجل أكثر من 60.000 حالة في الـ24 ساعة، بعد أن كانت خالية من حالات كورونا طوال الفترات السابقة.
وبعد ساعات على القرار، دعا القاضي الذي كان حكم في وقت سابق بعدم ترحيل ديوكوفيتش من أستراليا، إلى جلسة استماع طارئة، كما أعلن ممثل الحكومة الأسترالية أن بلاده أرجأت ترحيل ديوكوفيتش حتى انتهاء النظر في هذه القضية، التي انتقلت إلى المحكمة الفدرالية الأسترالية رغم اعتراض محاميي ديوكوفيتش الذين يخشون بطء الإجراءات.
وكان البطل الصربي قد أعلن توجهه إلى ملبورن على حسابه على إنستغرام عقب حصوله على إعفاء طبي، رغم معارضته التطعيم الإلزامي ولم يعرف ما إذا كان حصل على اللقاح من عدمه، وأثار هذا الإعفاء الطبي ردود فعل غاضبة حيث طالبه رئيس الاتحاد الاسترالي للعبة كريغ تايلي بالكشف عن أسباب هذا الإعفاء، وطالبته العديد من السلطات الاسترالية بأن يشرح الظروف التي تقدم بموجبها للحصول على إعفاء للمشاركة في البطولة، وهذه النقطة بالذات أثارت حفيظة الجميع ودفعتهم لعدم معاملة ديوكوفيتش بطريقة استثنائيّة.
والمثير للسخرية أن المصنف أول اعترف بارتكابه أخطاء لدى تعبئة استمارة الدخول إلى أستراليا، وفي سلوكه بعد ثبوت إصابته بفيروس كورونا الشهر الماضي، حيث ظهر في مناسبة في بلغراد في الـ16 من كانون الأول الماضي، عندما جاءت نتيجة فحصه إيجابية، بحسب المعلومات التي أفاد بها إلى سلطات الهجرة الأسترالية، عندما وصل في الخامس من الشهر الحالي إلى أستراليا، بفضل إعفاء طبي خاص كونه أصيب منذ فترة كافية للتعافي.
وقال محامو ديوكوفيتش إن اللاعب تلقى خطاباً من المسؤول الطبي فى الاتحاد الأسترالي للتنس يفيد بحصوله على إعفاء طبي من تلقي التطعيم بلقاح كورونا، وتردد أن الإعفاء جرى تقديمه من لجنة خبراء مراجعة طبية مفوضة من جانب الاتحاد الأسترالى للتنس، وأن قرار اللجنة تمت مراجعته والمصادقة عليه من لجنة مراجعة الإعفاءات المستقلة المعينة من قبل حكومة ولاية فيكتوريا، وأضاف محامو ديوكوفيتش أنه حصل على تصريح سفر أسترالي بعد أن أبلغته السلطات أنه استوفى شروط دخول أستراليا دون الخضوع لحجر صحي.
وتعاطف الإسباني رافايل نادل مع منافسه اللدود والذي يتعادل معه ومع السويسري روجيه فيدرر بعدد ألقاب الغراند سلام (20 لكل منهم)، مشدداً في الوقت ذاته على أنه يتوجب على ديوكوفيتش تحمل تبعات عدم تلقيه اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وكان نادال قد أصيب بالفيروس الشهر الماضي وقال عندها إنه يؤمن بشدة بالتطعيم لوقف جائحة كثير من الناس يموتون بسببها.
وكان ديوكوفيتش المصنف الأول عالميا يمني النفس بإحراز بطولة أستراليا للمرة العاشرة في مسيرته والانفراد بالرقم القياسي في عدد الألقاب الكبيرة في بطولات الغراند سلام (21)، ليفتح بهذا باباً من التساؤلات حول سلامة قرار المحكمة وإمكانية تكرار مثل هذه الحادثة معه أو غيره، فلاعب بحجم ديوكوفيتش يتواجد في كل لعبة رياضيّة ويمكن أن يتكرر هذا المشهد في بطولات أخرى سواء التنس أو كرة القدم أو غيرها الكثير، فهل سيكون الحلّ دائماً حرمان الأبطال من دخول المنافسات؟ وإن كان ذلك الحال فقد يتساءل الكثيرون إن كانت هذه الخطوة مقصودة لمنع وصول نجم ما للقب أو تحقيق رقم تاريخي، وهل سيفرض اللقاح بالضرورة على جميع الرياضيين؟ أم سيكون هناك حل مختلف تكشفه الأيام القادمة؟.
وتلقى أكثر من 95 في المئة من أفضل 100 لاعب تنس من الذكور و 80 في المئة من لاعبي التنس الذكور بشكل عام، جرعتين من لقاح كورونا وفقا للهيئة الناظمة للاعبين الرجال في رابطة محترفي التنس، ولكن هذا منذ أن أعلنت بطولة أستراليا المفتوحة عن سياسة التطعيم الإلزامية في تشرين الأول 2021، أما قبل ذلك الإعلان، كانت نسبة اللاعبين الذكور الذين تم تطعيمهم أقل بكثير، إذ بلغت النسبة نحو 65 في المئة، أما الأرقام الصادرة عن اتحاد التنس النسائي فتؤكد أن أكثر من 80 في المئة من اللاعبات تلقين جرعتين من اللقاح، بينما بلغت النسبة اعتباراً من 6 كانون الثاني 2022 بين أفضل 100 لاعبة 85 في المئة.