مجلة البعث الأسبوعية

عروض استثمارية لنادي الوحدة تحتاج إلى الكثير من الدراسة… نقاط سلبية بالجملة والخوف على مضمون العقود!

البعث الأسبوعية – ناصر النجار

الاستثمار الرياضي عصب الرياضة ومحركها وهو مطلب رئيس لتطوير الرياضة ودعم الأندية مالياً،

وغاية الاستثمار دائماً أن يدعم الجهة الرياضية مالياً مقابل فائدة معروفة وموصوفة بالعقد ضمن مبدأ التشاركية التي لا تظلم أحداً فلا غالب ولا مغلوب وكل يحقق الفائدة التي ترضيه.

والمتعارف عليه في السنوات الماضية أن الاستثمار بات لا يخدم الرياضة في كل مجالاته بسبب ارتفاع أسعار السوق وعدم استجابة المستثمرين لهذا الارتفاع بتعديل عقودهم فصار الاستثمار(غول) قضى على رياضتنا وأنعش جيوب المستثمرين وعزز وارداتهم المالية.

وهذا الأمر الذي تئن منه أنديتنا مكشوف ومفضوح وقد أشهرت الإفلاس العلني فتعطلت الكثير من المشاريع الرياضية، وأعلنت الكثير من الأندية عدم قدرتها على شراء التجهيزات وبعضها لم يستطع دفع الرواتب والأجور منذ عدة أشهر وبات الموظفون والكوادر واللاعبون دائنين للأندية، ولا ندري متى تنتهي هذه الأزمة المالية التي بعثرت الخارطة الرياضية تماماً، لذلك نسأل: هل استفادت أنديتنا من الاستثمار؟ وهل أنصف الاستثمار أنديتنا؟ ومن المسؤول عن كل ما حدث؟ هل جهلنا بالقضايا الاستثمارية، أم إن القوانين أعاقت أي تقدم في هذا الاتجاه الحيوي والمهم؟.

أمام كل المطبات الاستثمارية يفترض بنا أن نتعظ وأن نأخذ العبر لتكون استثماراتنا القادمة ناجحة وجيدة ومبنية على الوضوح ليتم تجاوز كل أخطاء الماضي وعثراته على أمل أن تستفيد رياضتنا من هذه العقود التي نتمناها أن تكون منصفة للرياضة ولو بالحد الأدنى.

ما يقودنا إلى هذا الموضوع تعطل الكثير من الاستثمارات ، وعدم الاستفادة منها وتجميد الكثير من المطارح الاستثمارية في العديد من المؤسسات الرياضية لأسباب تسويقية ولطمع بعض المتنفذين في رياضتنا على أمل أن ينالوا ما يريدون من هذه الاستثمارات بغياب الضوابط العلمية والمالية والقانونية لأن كل عقود الاستثمار تسير على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.

والمشكلة في العقود الاستثمارية أنها لا يقودها خبراء ولا يديرها قانونيون وهذا لا يكفي لأننا في الاستثمار مثلما نحتاج إلى قانوني فإننا نحتاج إلى خبراء في التسويق لديهم خبرة بأسعار السوق وما شابه ذلك.

ومؤخراً نشر نادي الوحدة الرياضي على موقعه الرسمي تفاصيل مشروع عقد استثمار جديد لأكاديمية النادي وفريقي الأشبال والناشئين، البنود ننشرها كما وردت في الموقع الرسمي ولنا تعقيب بعده.

تفاصيل العقد

صيانة لملعبي العشب الطبيعي في النادي وفرشها بالعشب الصناعي (التارتان) مع بناء مدرجات ومشالح والتنفيذ سيكون في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ المباشرة بأعمال الصيانة، وتجهيز ثلاث ملاعب عشب صناعي معدة للاستثمار لصالح نادي الوحدة.

والتعاقد مع مدرب أجنبي من أكاديمية أوروبية للإشراف على قواعد نادي الوحدة على نفقة أكاديمية خاصة تشرف بشكل مباشر وبالتنسيق مع مشرف اللعبة على أكاديمية نادي الوحدة لكرة القدم ويحصل النادي على عشرة بالمئة من قيمة عائدات الأكاديمية

التي تتكفل الأكاديمية الخاصة بكامل تكاليف تجهيزات فرق الناشئين والأشبال وأكاديمية نادي الوحدة.

كما سيتم افتتاح مراكز لاستقطاب المواهب في جميع مناطق دمشق وريفها للعب في الفئات العمرية لنادي الوحدة، على أن تتكفل الأكاديمية الخاصة بدفع رواتب مدربي وإداريي فئتي الأشبال والناشئين ومدربي أكاديمية نادي الوحدة بشكل كامل ومدة العقد عشر سنوات.

العمل الفني

من حيث المبدأ فإن الاهتمام بالقواعد والمواهب هو عمل جيد وهو الأصل في تطوير كرة القدم وتنميتها، وهذا الأمر الفني البحت كنا نتمنى من إدارة النادي أن تقوم به لا أن تكلف به شركة استثمارية غايتها الأولى التجارة والربح والمال، فالعمل الرياضي والفني هو من صلب مهام إدارات الأندية، وعمل الشركات الاستثمارية ينصب بتقديم المال مقابل فوائد معينة قد تكون إعلانية أو تسويقية أو استئجار الملاعب لساعات معينة، لذلك هذه أهم ملاحظة يمكن تسطيرها على هذا العقد.

ولأننا نعلم أن ميزانية النادي ضخمة وعوائدها الاستثمارية كبيرة فإننا نعتقد أن إدارة النادي قادرة على القيام بمهام صيانة الملاعب والبحث عن شركات اختصاصية بهذا الموضوع وهي موجودة ومنتشرة بكثرة، وسبق لإدارة النادي قبل الماضية أن قامت بصيانة الملاعب المكشوفة الثلاثة واستثمرتها بشكل جيد ومازال هذا الاستثمار قائماً حتى يومنا هذا، وهو مزدحم بكثرة رواده صيفاً وشتاء على الدوام، وهذه الملاعب لا تحتاج إلى تسويق أو دعاية وهي مضمونة الربح، فلماذا نمنحها هدية للمستثمر؟.

عندما نفكر بالاستثمار علينا مراعاة الموقع والمساحة ومنذ زمن بعيد ونحن نقول: إن موقع نادي الوحدة استراتيجي في مكان مميز والمفترض أن يكون الاستثمار متناسباً مع قيمة الموقع وحجم المساحة ومستوى الرواد وعددهم، وهذه المنشأة لا تحتاج أي شيء وخصوصاً الرواد فالزبائن كثر ويتزاحمون على المواعيد والمستثمر الجديد لن يحتاج إلا أن يلم المال من هذا الاستثمار الرابح والناجح، لذلك نجد أن هذا الاستثمار سقطة كبيرة بحق إدارة النادي ولا يدخل ضمن باب الانجاز والعمل الجيد.

استثمار بلا حدود

الشيء الآخر المهم أن الشركة الاستثمارية فتحت مجالاً واسعاً لعملها غير محدود على قطر مساحته 80 كم مربع من خلال فتح أكاديميات ومراكز ضمن دمشق وريفها باسم النادي وشعاره، وهذا يعني أنها ستحصل على تراخيص مجانية بأي مكان ستعمل به وبعدد غير محدد من المراكز، وبالمقابل لن تجني إدارة النادي من كل هذا التوسع بالعمل إلا عشرة بالمئة من الريوع أو صافي الأرباح ولا ندري تفاصيل هذه النقطة بالتحديد لأن هذه الفقرة مبهمة.

هذا أولاً أما الأمر الآخر فهو ببعض التفاصيل المهمة وعلى سبيل المثال: ما الضوابط المالية في كل هذه المراكز والأعمال؟ فإذا خسرت الشركة تجارياً فهل نقول طارت العشرة بالمئة، وهل ستكون النسبة من مجموع المداخيل أم من صافي الأرباح، بمعنى: هل ستحسم الشركة ما تنفقه على الصيانة والإنشاء والإعمار والتجهيزات والرواتب والأجور والإطعام ثم تقول للنادي: هذا ما تبقى لكم!!.

عندما تكون العقود مبهمة ستكون الإدارات رهن أمر المستثمر وما يجود به عليها من مال قد يكون بمنزلة الهبة أو الصدقة.

فهذه المادة يجب أن تكون مفهومة ومقيدة بأصول مالية عبر محاسبين من خارج النادي والشركة.

لذلك نعتقد أن مثل هذا الأمر لا يليق بنادي الوحدة لأنه بأي مكان يضع اسمه وشعاره سيجد رواده الكثر فكل مشاريع الوحدة لا تحتاج للتسويق والدعم،  فالنادي هو من يسوق للشركة المستثمرة.

مصير اللاعبين

لم يأت العقد على مصير اللاعبين وخصوصاً الموهوبين، هذه المراكز والأكاديميات وفرق الأشبال والناشئين ستضم المئات من اللاعبين وقد نجد فيهم من سيحترف خارجياً أو داخلياً، فلمن ستكون عوائد هذه العقود الاحترافية، هل هي للنادي أو للشركة، وبصريح العبارة هذه النقطة لم يتم التطرق إليها، هل اللاعبون ينتسبون للشركة أو للنادي؟.

هذا موضوع شائك ولا بد من وضع النقاط على الحروف فيه، فالعقد يمتد لعشر سنوات ومن هم في الأكاديمية اليوم سيصبحون غداً بفرق الرجال أو بالمنتخبات الوطنية بالداخل والخارج.

وبالنسبة للسعر لم نجد الضوابط المالية الموضوعة كشروط في حال ارتفاع أسعار السوق مع التغيرات المتوقعة صعوداً أو هبوطاً، والمشكلة التي تعاني منها كل أنديتنا كانت بسبب عدم وضع ضوابط لعقود طويلة الأجل، لذلك تعثرت أنديتنا وتعثرت استثماراتها وبقي المستثمرون محتفظين بحقوقهم المالية، الخسارة التي تعرضت لها أنديتنا بسبب ارتفاع أسعار السوق والمتغيرات التي تحدث بشكل يومي وهذا ما لم ينتبه إليها أحد لذلك لا بد من وضع ضوابط مالية للعقود طويلة الأجل في هذه الشراكة الظالمة لنادي الوحدة.

حديث فارغ

البعض الذي يشجع مثل هذا الاستثمار يقر بكل هذه البنود وكل الملاحظات التي ذكرناها، لكنه يقول: النادي مفلس وخصوصاً أن استثماراته مدفوعة لسنة قادمة سلفاً وصرفت بعهد الإدارة المستقيلة، لذلك فالنادي بحاجة لمن (يشيله) فهل هذا منطق؟ إذا كان النادي في عجز مالي بالوقت الحالي، فإننا بمثل هذا الاستثمار سنجعله في عجز لعقود طويلة.

العقد بهذه الصورة فارغ ويهمل العديد من النقاط المهمة، فلم نجد أي شرط مالي أو شرط جزائي، ولم نجد أي فائدة مالية لنادي الوحدة سوى أن الشركة تتعهد صيانة الملاعب، والمال مهمل في هذا العقد وأي عقد استثماري المال هو الأساس.

نقطة أخيرة

هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن ذكرها وإيرادها واكتفينا ببعض النقاط المهمة، ونحن نعرف بطبيعة الحال أن العقد المرسل إلى نادي الوحدة ما زال في المهد وهو بأحرفه الأولى ولم ينل الموافقات الرسمية من الجهات العليا على مضمون هذه البنود، لذلك من باب الحرص أردنا التنويه لمجمل هذه الملاحظات ليتم دراستها وتدارك عثراتها وما فيها من مطبات وشبهات وهذا أفضل من أن يقحم النادي نفسه مرة أخرى في قضايا التفتيش والرقابة وخصوصاً أن اللجان هذه ما زالت تفتش في الكثير من الملفات والاستثمارات السابقة.