ماذا عن الديمقراطية الأمريكية؟
تقرري اخباري
برأ مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس السابق دونالد ترامب من تهمة الحض على عمليات التمرد إثر أعمال العنف التي شهدها مقر الكابيتول العام الماضي، ليدخل ترامب بموجب هذا القرار التاريخ كأول رئيس أمريكي يحاكم مرتين في الكونغرس، كما سيدخل التاريخ كأول رئيس تتم محاكمته وهو خارج السلطة. بيد أنه، وهذا هو الأهم، سيدخل التاريخ أيضاً كأول رئيس ينجو من محاكمتين وتتم براءته دون أي إدانة.
هذا القرارا دفع الرئيس جو بايدن ليقول إن الديمقراطية الأمريكية هشّة، ويجب الدفاع عنها، وعلى الأمريكيين أن يكونوا يقظين، ما يعني أن هناك علامات استفهام كثيرة حول الديمقراطية الأمريكية، وهل هي فعلاً ديمقراطية تستجيب لمفاهيم الديمقراطية المعروفة بأبسط معانيها ؟.
في الحقيقة، لا تخضع الولايات المتحدة لمعايير الديمقراطية، وهي لا توفر للمواطن الأمريكي حرية الاختيار والانتقاء دون إرضاخ أو قسر، بل تخضع مجمل السياسة الأمريكية على مستوى الرئاسة، ومجلسي الشيوخ والنواب، والانتخابات المحلية، لتأثير المال والكارتيلات الضخمة، واللوبيات المتحكمة بصنع القرار. وخلافاً لم يعتقده الكثيرون، فإن المال السياسي يلعب دوراً هاماً وأساسياً في الحياة الداخلية للولايات المتحدة. وفي هذا الخصوص، نجد مساهمات كبار الأثرياء والشركات الضخمة ومجمعات الصناعات الحربية التي تموّل الحملات الانتخابية هي من تلعب الدور الحاسم، وبالتالي تحديد السياسات العامة للولايات المتحدة الداخلية والخارجية.
ووفقاً لما هو متعارف عليه في أوساط كبار المسؤولين الأمريكيين فإنهم يعتقدون أن ديمقراطيتهم تقوم على أساس شخص واحد فقط، وناخب واحد فقط، ولكن الأثرياء هم من يلعبون دوراً هاماً في انتخابات كبار المسؤولين أكبر بكثير من دور الناخبين العاديين. أي يمكن القول إن من لا يملك المال الكافي لا يستطيع اختراق الجدار المصفح الذي يحكم النظام السياسي الأمريكي، غير متناسين ما تؤديه اللوبيات ومجموعات الضغط القادرة على التأثير المباشر وعلى أي مستوى في اختيار الشخص الذي يلبّي مصالحها السياسية والاقتصادية ويحقق لها طموحها الاستراتيجي، وعلاقاتها الخارجية.
ريا خوري